نشرت جريدة الأهرام في عددها الصادر أول أمس الخميس 26 مارس 2009 خبراً كارثياً عن قيام محافظة سوهاج بتدمير500 فدان منزرعة بالقمح بعد أن صدر قرار بإزالة الزراعات, وبدأت الجرافات التنفيذ قبل شهرين فقط من حصاد محصول القمح المخضر في الأرض!. مخلفة بهذا التدمير خسائر حجمها 15 مليون جنيه فضلاً عن سحب الأرض من المزارعين في منطقة الكوامل بالطريق الصحراوي الغربي بسوهاج مع رفض مسئولي المحافظة منح المزارعين مهلة شهرين حتي يتمكنوا من جني المحصول, كما أصروا علي رفض طلبهم بتقنين أوضاعهم, أو تأجير الأرض لهم حتي يأتي جهاز مدينة سوهاجالجديدة لتنفيذ المشروعات الخدمية عليها.
ودافع الدكتور أبوالقاسم زهرة وكيل وزارة الزراعة بسوهاج عن الحملة التي قامت بها المحافظة ضد هؤلاء المزارعين, قائلاً أنهم تعدوا على أراض مخصصة لمشروع إبني بيتك وكان يجب إخلاؤها لتسليمها لأصحابها.
بغض النظر عن تقنين الأرض والوضع القانوني للمزارعين، فإن إهلاك الزرع جريمة تستوجب العقوبة شرعاً، وأحسب أن تدمير محصول 500 فدان قمح على وشك الحصاد أمر لا يرضي رئيس الجمهورية ويستوجب تدخله الفوري لمعاقبة المتورطين في جريمة وفضيحة وأد وتدمير القمح المصري.
وحتى تتم معاقبة مدمري القمح المصري فإن هناك عدة وقفات مع هذه الفضيحة:
1) طالما أن مسئولي محافظة سوهاج استيقظوا فجأة على وضع المزارعين لأيديهم على الأرض لماذا إذن لم يقوموا بمصادرة القمح لصالح الدولة التي تعاني أزمة فعلية في القمح وتعتبر أكبر مستورد للقمح والحبوب في العالم، وسوف تستورد خلال الموسم الحالي الذي ينتهي في 30 يونيو 2009، حوالي 7.8 مليون طن قمح غالبيتهم من الولاياتالمتحدةالأمريكية؟.
2) لماذا لم تقبل محافظة سوهاج بتأجير المساحة للمزارعين هذا الموسم الزراعي فقط بحيث يحصل الزراع على المحصول وتحصل المحافظة على قيمة إيجارية مناسبة تدخل في حصيلتها؟.
3) الأرض صحراوية وأثبتت كفاءاتها ونجحت في زراعة القمح فهل من المعقول أن أقوم بمشروع سكني ضخم على مساحة 500 فدان يزرعون فعلياً؟.
4) ما المانع أن تقوم المحافظة بتقنن الأرض للمزارعين على أن تحصل منهم المبالغ التي تحددها هي كقيمة للأرض، لتستمر بذلك عجلة الزراعة في الأرض الصحراوية المستصلحة، وتوفر المحافظة في ذات الوقت أرض صحراوية بديلة غير قابلة للزراعة وتكون مناسبة لمشروع ابني بيتك؟
5) هناك تناقض غريب في سياسات التعامل مع الأراضي الصحراويه؛ فمن تخصص له الأراضي للزراعة ويقوم ببناء المساكن عليها تسحب منه الأرض لأنه خالف شروط التخصيص، ومن يقوم باستصلاح الأراضي وزراعتها بالزراعات الاستراتيجية ويطالب بتقنين أوضاعه تسحب منه الأرض أيضاً ويهلك حرثه ويباد زرعه، فماذا يريد مسئولي تعمير الصحراء المصرية تحديداً؟ وهل هناك أصابع خفية لا تبغي تعمير وتخضير صحراء مصر؟.
6) في العام الماضي قامت محافظة سوهاج بسحب أكثر من 4 آلاف فدان، استصلحها وزرعها ويعيش عليها حوالي 1200 مواطن، وتم طردهم منها لبناء مطار عليها، بالرغم من كونهم الملاك الحقيقيين لهذه الأراضي الواقعة في منطقة الجبل الغربي بسوهاج، وذلك بعد أن قاموا باستصلاحها منذ ما يزيد على 30 عاماً، وبالرغم من أن هناك أكثر من 6 مناطق أخرى كانت تصلح لبناء المطار، فهل هي سياسة عامة تنتهجها محافظة سوهاج في محاربة استصلاح وزراعة الأراضي الصحراوية التي تقع في زمامها؟.
إن ما حدث في سوهاج من تدمير للقمح المصري وهو أخضر على الأرض الصحراوية لا يخرج عن دائرة تقويض وتدمير زراعة القمح في مصر والتي بدأت في أعقاب ثورة يوليو وذلك لصالح قوى متعددة متمثلة في (الولاياتالمتحدةالأمريكية أكبر مصدر للقمح في العالم- مستوردي القمح- مرتزقة العمولات والرشاوى في الداخل والخارج – الكيان الصهيوني المتربص بأية نهضة زراعية مصرية).