جريمة الصمت على حصار غزة محمد السروجي في إهدار سافر لكل المواثيق القانونية والإخلاقية والانسانية التي تحكم العلاقات بين بني الانسان، ضربت حكومة الاحتلال الصهيوني بعرض الحائط كل النداءات والتوسلات العربية والدولية لرفع حصارها الخانق والمميت لأكثر من مليون ونصف المليون فلسطيني في غزة وأحكمت إغلاقها لكافة معابر القطاع وتركتهم يواجهون وحدهم الهلاك البطئ في ظل صمت بل تواطؤ عربي وإسلامي. ولم تتحرك أي حكومة عربية أو إسلامية لتمارس ضغوطاً ولو إعلامية على حكومة الاحتلال لرفع حصارها عن الشعب الأعزل مما يُعد تأييداً وإقراراً لجرائم الحرب التي ترتكبها دولة الارهاب الصهيوني في حق أهلنا هناك، بل على النقيض رأينا الحفاوة البالغة التي قوبل بها رئيس الكيان الصهيوني شيمون بيريز عند زيارته لمصر، ومن بعض المسئولين العرب خلال مشاركته في حوار الاديان والحضارات والذي عقد مؤخرا في نيويورك، ورفض الإرهابي ايهود باراك وزير حرب الكيان الإسرائيلي مطلب الامين العام للامم المتحدة بان جي مون السماح بدخول المساعدات الانسانية إلى قطاع غزة من المعابر التجارية التي أغلقتها اسرائيل منذ بداية شهر نوفمبر الجاري . وفي المقابل تعاملت دول الجوار بدافع المصلحة الشخصية حيث اجتمع ملك الأردن مع أولمرت وباراك"الثلاثاء 18\11\2008" محذراً من عمليات عسكرية واسعة في غزة خوفاً من تداعياتها على الأردن! في حين جاءت تصريحات الخارجية المصرية تعبر عن القلق الحدودي عندما حذر أحمد أبو الغيط كل من يتعدى على حدود أو معابر مصر بالقوة، مؤكدا أنه سيتم مواجهة كل من تسول له نفسه اقتحام المعابر أي كان ولأي جهة ينتمي بشكل حازم وقال فى تصريحات خاصة لقناة العربية الاخبارية يوم الأربعاء 19\11\2008 انه "اذا ما حدث اقتحام للمعابر بالقوة فسوف يلقى من يخترق الحدود المصرية ما لا يرضيه" . تأتي هذه التصريحات في ظل وضع كارثي بمعنى الكلمة على كافة المستويات الإنسانية والأمنية والمعيشية والصحية منها على سبيل المثال لا الحصر الوضع الصحي حذرت وزارة الصحة الفلسطينية من هلاك مائة واربعين مريضاً خلال نصف ساعة في حال انقطاع التيار الكهربائي عن مراكز العناية المركزة والقلب والاطفال في مستفيات غزة، مشيرة الى أن تعطل مولد الكهرباء الرئيسي في مجمع الشفاء الطبي بغزة بات يشكل خطراً كبيراً على المرضى، وقال مدير مجمع الشفاء الطبي الطبيب حسين عاشور: إن محطة الأكسجين التي تغذي قسم الباطنية ووحدة القلب في المجمع توقفت إلى جانب توقف قسم العلاج الطبيعي وتشريح الأمراض، كما اشتكى عاشور من توقف المولد الرئيسي للمجمع جراء نقص المعدات اللازمة بسبب الحصار والإغلاق الإسرائيلي المستمر على قطاع غزة منذ 18 شهرا، ويتزامن ذلك مع وصول رصيد نحو 45 صنفاً علاجياً إلى الصفر. وبالنسبة إلي الوضع المعيشي أعلنت اللجنة الشعبية الفلسطينية لمواجهة الحصار أن شركة المطاحن الفلسطينية كبرى شركات إنتاج الدقيق في القطاع توقفت منذ الأربعاء 19\11\2008 عن العمل ،وفي المقابل يعاني سكان القطاع نقصا في مياه الشرب خاصة سكان الأبنية المتعددة الطبقات بسبب استمرار انقطاع التيار الكهربائي والناجم عن وقف إمداد محطة توليد الكهرباء بغزة بالوقود الصناعي اللازم لتشغيلها ، والتي توفر نحو %34 من احتياجاته من الكهرباء ، كما طالت كارثة نقص الغذاء والوقود الدجاج، حيث أُعدمت الآلاف من أفراخ عمرها يوم واحد بسبب نقص العلف اللازم لتغذيتها والغاز الطبيعي الضروري لتدفئة المفارخ . وأخيراً رغم تحول غزة لسجن كبير حرم نزلاؤه من كافة الحقوق الواردة في لوائح السجون المحلية ، ومعاناتهم من سياسة العقاب الجماعي مما يتنافى مع أبسط قواعد القوانين الدولية في ظل صمت وتواطؤ عربي رسمي، إلا أن الرهان الرابح والفاعل – الزخم الشعبي - لم يرتقي لمستوى التأثير والفعل ليطهر نفسه من دنس جريمة الصمت والتواطؤ ،وقياماً بمسؤلياته الوطنية وواجباته الشرعية.