لبنان المستباح مخابراتيًّا خميس التوبي إعلان الجيش اللبناني عن اعتقاله شبكة تجسس على حزب سياسي لبناني لحساب الكيان الإسرائيلي، يفتح أبواب الاغتيالات السابقة على مصاريعها والتي طالت شخصيات قيادية لبنانية سواء على الصعيد السلطوي أو الحزبي، خاصة وأن هذه الشبكة هي الثانية يتم إلقاء القبض عليها من قبل الجيش اللبناني، وقد كان ألقى القبض على الأولى في يونيو عام 2006، متهمًا إياها بالوقوف وراء اغتيال محمود مجذوب القيادي في حركة الجهاد الإسلامي وشقيقه نضال في اعتداء بسيارة مفخخة في صيدا جنوب لبنان. تَمَكُّنُ الجيش اللبناني من اعتقال شبكات تجسس عميلة لمخابرات الكيان الإسرائيلي يكشف عن أن المؤسسة العسكرية اللبنانية لا تزال المؤسسة الحاضنة لكل اللبنانين وتؤدي دورها الوطني الريادي، إلا أن اكتشاف هذه الشبكات بين الفينة والأخرى يدل أيضًا على أن لبنان بلد مستباح مخابراتيًّا تبحث فيه مخابرات الدول التي لها أهداف مغرضة عن مكان تضع فيه قدمها لتمرير أجندتها ومشاريعها الخاصة، وتحديدًا المخابرات الإسرائيلية ومن يتعاون معها من مخابرات بعض الدول الحليفة للكيان الإسرائيلي الذي ما انفك يتربص بلبنان الدوائر، وما يدفع الكيان الإسرائيلي إلى تخليق خلايا تجسسية داخل لبنان عدة أمور؛ منها الرغبة في الانتقام من المقاومة اللبنانية التي لقنت الجيش الإسرائيلي الذي (لا يقهر) درسًا لن ينساه، حيث لا يزال يتجرع مرارة هزيمته ويحصد توابع زلزال تلك الهزيمة ليس فقط على المؤسسة العسكرية الإسرائيلية، بل على إسرائيل برمتها حتى اليوم، وكذلك الرغبة الأكيدة في نزع سلاح المقاومة الذي يشكل تهديدًا مباشرًا للكيان الإسرائيلي، وذراعًا عسكرية بيد كل من إيران وسوريا، وقد أعلن ذلك صراحة الأمين العام لحزب الله حسن نصرالله، إذا ما تعرضت الأراضي الإيرانية لضربة عسكرية إسرائيلية. وتمثل طبيعة التسليح لدى المقاومة اللبنانية والتحرك والتواصل بين قياداتها وأفرادها لغزًا محيرًا يسعى أعداء لبنان إلى فك طلاسمه بشتى الوسائل، وهذا، كما هو واضح، لن يتأتى إلا من خلال تجنيد العملاء للقيام بعمل مزدوج يتمثل في جمع المعلومات الاستخبارية وتنفيذ عمليات الاغتيال بتفخيخ الأهداف المستهدفة، بعدما ثبت فشل العمل العسكري. وإزاحة حزب الله سياسيًّا ومقاومةً تعتبر أولوية في أجندة الكيان الإسرائيلي، وذلك بالنظر إلى ما سينتج عنها من تمرير مشروع توطين اللاجئين الفلسطينيين والاستيلاء على المياه اللبنانية المتمثلة بنهر الليطاني، وفتح للبوابة السورية. ووفق ما هو معلوم أن الكيان الإسرائيلي وحلفاءه كانوا يراهنون على قدرة عملائهم على ضرب الوحدة الوطنية اللبنانية من خلال تنفيذ اغتيالات ضد قيادات لبنانية، واستهداف عقيدة الجيش اللبناني كمؤسسة حاضنة لكل اللبنانيين وجره إلى أتون مواجهات بهدف إنهاكه وإلحاق خسائر جسيمة به، وبالتالي يدخل لبنان في فوضى يتم خلالها الاصطياد في الماء العكر للرموز والقيادات اللبنانية المستهدفة، غير أن الذي حدث هو خيبة أمل كبيرة. إذ أخذت الصفعات تتوالى على خد أصحاب المشاريع الهدامة في لبنان، هذه الصفعات متمثلة في انتخاب رئيس للجمهورية وتشكيل حكومة، واحتضان المقاومة وسلاحها، ولقاءات المصالحة التي كان آخرها لقاء الأمين العام لحزب الله حسن نصرالله وزعيم تيار المستقبل سعد الحريري والذي أكدا فيه على الوحدة الوطنية والسلم الأهلي، وضرورة اتخاذ كافة الإجراءات لمنع التوتر والتشنج الداخلي، وتعزيز حالة الحوار والتواصل لدرء الفتنة. عن صحيفة الوطن العمانية 3/11/2008