نجاد يفشل في مهادنة الأميركيين حازم مبيضين فشل الرئيس الايراني في استمالة الاميركيين حين شدد قبل القاء كلمته في الاممالمتحدة بان من الخطأ التفكير في أن طهرانوواشنطن تسيران باتجاه الحرب التي يؤكد انها لا تلوح في الأفق، وإعلان حكومته عن إطلاق آخر إيراني - اميركي معتقل لديها، ذلك أن الأنباء تواترت عن نأي الرئيس الاميركي بنفسه عن خصمه الإيراني متعمدا الإعلان عن عدم استماعه لخطابه في الأممالمتحدة لأن عنده أشياء أفضل يقوم بها. كما أن مقاعد أعضاء البعثة الاميركية كانت فارغة داخل قاعة الجمعية العامة. وبالتوازي مع التصرف الرئاسي كان مجلس النواب الأمريكي يوافق على فرض عقوبات إضافية على إيران مطالبا الإدارة بتصنيف الحرس الثوري الإيراني كمنظمة إرهابية. كما أن عدد المتظاهرين المحتجين على زيارته لأميركا بلغ حوالي الخمسة وعشرين ألفا واستقبله رئيس جامعة كولومبيا التي رغب بمقابلة طلبتها باتهامه بأن لديه جميع علامات الديكتاتور ضيق الأفق والوحشي، واصفا نظرياته بأنها إما مستفزة بشكل يخلو من الحياء أو أنها جاهلة بشكل يدعو للدهشة، وطالبته صحيفة نيويورك بوست على صدر صفحتها الأولى بأن يذهب إلى الجحيم ورفضت شرطة نيويورك السماح له بوضع إكليل زهور في موقع هجمات 11 أيلول الإرهابية. ولم تفلح تصريحات الاميرال وليام فالون قائد القيادة المركزية الأميركية بانه لا يتمنى عدم حدوث مواجهة مع إيران بالتأكيد، وأن القرع المستمر لطبول الحرب يبدو له غير مفيد. ذلك أن مثل هذه التصريحات لن تمنعنا من تذكر أن اصحاب القرار السياسي في واشنطن فكروا بالتحريض على تبادل ضربات عسكرية بين إيران وإسرائيل بغية الحصول على ذريعة لمهاجمة ايران، ومن تذكر تصريحات الرئيس الفرنسي نيكولا ساركوزي، من أن شروط زيارة يقوم بها وزير خارجيته الى طهران لم تتوافر، وأن الحوار المتوفر راهنا يمكن أن يتم في كواليس الاممالمتحدة، وأنه ينبغي تشديد العقوبات على نظام الولي الفقيه، وبما يوحي بان هذا التشدد ليس إلا مقدمة لانطلاق المدافع وأنه الوجه الآخر للحرب. كما أن أمنيات نجاد وتطمينات فالون لم تمنع الدول الخمس دائمة العضوية في مجلس الامن الدولي من مواصلة ما وصفوه بالمحادثات البناءة والجادة لفرض عقوبات جديدة بغرض إجبار إيران على وقف أنشطتها لتخصيب اليورانيوم، وهذا كما هو معلن السبب الرئيس للتهديدات الغربية بتوجيه ضربة عسكرية لإيران. ولعل كل هذا هو ما دفع نجاد للتراجع عن تصريحات المهادنة ليشن في خطابه امام الجمعية العامة هجوما عنيفا على أميركا متهما اياها بانتهاك حقوق الإنسان ذلك أن موقف الإدارة الاميركية من نظام الملالي بدا شديد الوضوح من خلال إعلان ستيفن هادلي، مستشار بوش لشؤون الأمن القومي بأن ما يجعل الأشياء تتقدم هو أن يعطي المسؤولون الإيرانيون التوجيهات لوقف تصدير التجهيزات إلى العراق وتدريب الناس الذين يقتلون أبرياء عراقيين ويقتلون عناصر من قوات الأمن العراقية ويقتلون الجنود الاميركيين، وتلك رسالة شديدة الوضوح مفادها أن الملف النووي ليس موضع الخلاف الوحيد وأن مواقف طهران العملية مما يجري في العراق هي موضع خلاف ما زال شديدا بين البلدين. طهران تسعى بكل قوتها لربط الضربة الغربية المتوقعة بقضية نشاطاتها النووية السلمية من وجهة نظرها والذاهبة إلى تصنيع السلاح الذري من وجهة نظر الغرب، لكن ملالي طهران لا يناورون في هذه الساحة، بل إنهم فتحوا العديد من الساحات الصالحة للمناورة ابتداء بغزه ستان ومرورا بفتح الإسلام وليس انتهاء بحلفائها في العراق، وهي تسعى بجدية لمقايضة هذه الساحات الهامشية بالنسبة لسياساتها، برخصة الاستمرار في التخصيب النووي. من نيويورك الى لا باز و كراكاس طار نجاد في زيارات سريعة تستهدف بالتأكيد حشد القوى المعادية لسياسات واشنطن، بعد تأسيس نظامه لمنظومة من المؤيدين في الشرق الأوسط، لكن السؤال هل تنجح هذه الجبهة في المواجهة مع واشنطن، وهل هي قادرة على منع ضربة عسكرية اميركية غربية لمنشآت إيران النووية؟؟. الشك في ذلك مبرر وكبير. عن صحيفة الرأي الاردنية 29/9/2007