أمين صندوق الأطباء للمحافظين: ما فائدة التصالح لعيادات وضعها مقنن من الأساس؟    وزير الإسكان يتفقد أعمال تشطيب وحدات الأبراج الشاطئية ووحدات كمبوند "مزارين" بمدينة العلمين الجديدة    وزير الخارجية الإيراني: أي اعتداء على إيران سيواجه برد أقوى    هاتريك تورام ينقذ إنتر من فخ تورينو في الدوري الإيطالي ...الهلال يقلب الطاولة علي الأهلي في الدوري روشن السعودي    احمد حجازي غادر مصابا ... نيوم يفض شراكة الحزم على الصدارة في دوري يلو    بسبب ثمن هاتف.. عامل يطلق النار على آخر في الدقي    مصرع أمين شرطة سقط من قطار خلال سيره فى الدقهلية    المصري يستضيف احتفالية الجمعية المصرية للإعلام المرئي والمسموع احتفالًا بذكرى انتصارات أكتوبر    مصرع شخص إثر حريق بشقة سكنية في الدقهلية    تفاصيل حفل ختام الدورة 40 لمهرجان الإسكندرية السينمائي لدول البحر المتوسط    المصل واللقاح: موسم الخريف شهير بالعدوى التنفسية وأسوأ من فصل الشتاء    أسعار تذاكر القطارات القاهرة إسكندرية.. روسي وتالجو و VIP    5 أبراج تشبه شخصية «المفتش كرومبو».. هل أنت منهم؟    «سابع سما» أول فيلم يسرد حكاية «Top Gun المصري»    رمضان عبدالمعز: الاحتفال بنصر أكتوبر مهم لأنه أمر إلهي    «القاهرة الإخبارية»: طائرة مسيرة إسرائيلية تستهدف مجموعة من المواطنين شمال غزة    القوات المسلحة تنظم المعرض ال17 للثقافات العسكرية "ذاكرة أكتوبر 2024"    أوكرانيا: روسيا أسطقت إحدى مقاتلاتها بطريق الخطأ    الأكثر ضراوة منذ حرب 1948.. كيف وثقت صحافة العالم حرب 6 أكتوبر قبل 51 عاماً؟    بسبب سيارات ذوي الهمم.. أكثر من 44 ألف بطاقة تكافل وكرامة مهددة بالسحب    الضحية جنوى.. هاتريك ريتيجي يعيد أتالانتا إلى طريق الانتصارات في الدوري الإيطالي    حدث في 8 ساعات| السيسي يترأس اجتماع المجلس الأعلى للقوات المسلحة.. وفتح المتاحف العسكرية مجانًا    بطولات لا تُنسى.. "الأمير" يروي تفاصيل عملية التبة وإسقاط طائرات الفانتوم في أكتوبر 73 -صور    الاسم التجاري.. اتحاد الغرف التجارية يكشف أحد أسباب نقص الأدوية    حقيقة تحديث فيسبوك الجديد.. هل يرسل إشعارات لمن يزور حسابك؟    النائب العام يأمر بالتحقيق في واقعة نشر ديوان شعري يتضمن ازدراءً للأديان    باحث سياسي: إسرائيل تُضرب في مقتل لأول مرة (فيديو)    قبل إحيائه ب12 يومًا.. ريهام عبدالحكيم تشارك جمهورها اختيار أغاني حفل «الموسيقى العربية»    بالأسماء.. حركة تنقلات رؤساء الوحدات المحلية ب الدقهلية    طبيب الزمالك يكشف موعد عودة الونش للتدريبات الجماعية    تحذير برلمانى من انتشار مواقع وتطبيقات المراهنات: تهدد السلم الاجتماعى    11.7 تريليون جنيه ودائع مصريين وزيادة 181% في حساباتهم بالبنوك مقارنةً بعام 2016.. «البنك المركزي» يفحص 3210 شكاوى وطلبات    تأجيل محاكمة المتهم في قضية الهجوم الإرهابي على فندق الأهرامات    إصابة 13 شخصًا فى حادث انقلاب سيارة بالإسماعيلية    قبرص: وصول أول رحلة تُقِل مواطنين أستراليين من لبنان    رواتب تبدأ من 6500 جنيه.. رابط التقديم على فرص عمل في القاهرة والتخصصات المطلوبة    «الإفتاء» تنظم البرنامج التدريبي «التأهيل الفقهي» لمجموعة من علماء ماليزيا    الصحة: فريق الحوكمة والمراجعة الداخلية يتفقد مستشفى الغردقة العام ويحيل واقعة تقصير للشئون القانونية    إسرائيل تشن 5 غارات على ضاحية بيروت الجنوبية خلال الساعة الأخيرة    صندوق مصر السيادي على طاولة "النواب" الأثنين المقبل    رئيس الضرائب توضح تفاصيل جديدة بشأن إصدار فواتير إلكترونية    «إسلام وسيف وميشيل».. أفضل 3 مواهب في الأسبوع الخامس من كاستنج (فيديو)    موعد مباراة منتخب مصر ضد موريتانيا في تصفيات أمم أفريقيا    تناول الطعام في الوقت المناسب يقلل من الإصابة بمرض السكري    في حوار من القلب.. الكاتب الصحفي عادل حمودة: "أسرار جديدة عن أحمد زكي"    «ترامب» و«هاريس» يتنافسان لكسب أصوات العمال في الانتخابات الأمريكية    السد يعلن تفاصيل إصابة يوسف عطال.. ومدة غيابه    وزير البترول يناقش مع رئيس شركة توتال توسع أنشطتها الاستكشافية بمصر    رئيس جامعة الأزهر: الله أعطى سيدنا النبي اسمين من أسمائه الحسنى    شاهندة المغربي: استمتعت بأول قمة للسيدات.. وأتمنى قيادة مباراة الأهلي والزمالك للرجال    القبة الحديدية ومقلاع داوود.. أهم المعلومات عن منظومة الدفاع الإسرائيلية المستخدمة ضد إيران وحزب الله    «تنمية المشروعات» يضخ 2.5 مليار جنيه تمويلات لسيناء ومدن القناة خلال 10 سنوات    إصابة 13 شخصا في انقلاب ميكروباص بطريق «كفر داوود السادات» بالمنوفية    طريقة عمل الكرواسون بالشيكولاتة، الوصفة الأصلية    إشراقة شمس يوم جديد بكفر الشيخ.. اللهم عافنا واعف عنا وأحسن خاتمتنا.. فيديو    إطلاق مشروع رأس الحكمة.. بوادر الخير    تعرف على مواقيت الصلاة اليوم السبت 5-10-2024 في محافظة البحيرة    رئيس جامعة الأزهر: الحروف المقطعة في القرآن تحمل أسرار إلهية محجوبة    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



علاقات الضرورة وتقاطع المصالح بين سوريا وروسيا / خليل حسين
نشر في محيط يوم 17 - 08 - 2008

علاقات الضرورة وتقاطع المصالح بين سوريا وروسيا
خليل حسين
في وقت بادرت موسكو الى إشهار العين الحمراء على واشنطن من خلال معارك جورجيا، وتمكنت فيه دمشق من كسر عزلة الغرب عليها بزيارة الرئيس الفرنسي ساركوزي لها في سبتمبر/ أيلول المقبل، تأتي قمة الرئيسين السوري بشار الأسد والروسي دميتري ميدفيديف لتكرس عرفاً سبق أن تكرّس في علاقات البلدين مفاده علاقات الضرورة وتقاطع المصالح، في عالم استهدفهما، في ظروف داخلية صعبة للطرفين ووقائع وأحداث إقليمية ودولية ضغطت عليهما بهدف تحجيم دورهما في نظام دولي لم تتمكن قوة فيه من منافسة واشنطن في قيادتها للعالم. وفي قراءة دقيقة لبعض ظروف البلدين تظهر خلفية القمة وآثارها على مستقبل ودور كل منهما في منطقة تعج بالمشاكل ومشاريع الحلول.
فموسكو التي حسمت أمرها في المسألة الجورجية بعد أكثر من عقد ونصف العقد من تحمّل الشغب التبليسي، تمكّنت من القراءة الدقيقة للظروف الإقليمية والدولية وسددت ضربة غير قاضية لسياسات واشنطن في القوقاز، لكنها تسجل في خانة ربح النقاط القابلة للصرف السياسي في غير منطقة ومنها الشرق الأوسط، وفي مقابل ذلك تمكنت دمشق أيضاً من فك طوق غربي طاول أحد أبرز اذرع سياساتها الخارجية في لبنان، وتوجته في قمة سورية - لبنانية، ستمهد لانفتاح فرنسي على سوريا سيترجم في قمة لافتة في أوائل سبتمبر/ أيلول المقبل.
ما يجمع سوريا وروسيا جوانب كثيرة تبدأ بعلاقات الضرورة التي تستهدف مواجهة سياسات دولية تعتبر معادية في مقاييس العلاقات الدولية، مروراً بتقاطع المصالح، ولا تنتهي بالاستثمار السياسي والاقتصادي والعسكري. وفي الواقع ثمة أسباب كثيرة حتّمت عقد القمة بين الجانبين، والتي بدأ التحضير لها منذ الربيع الماضي، ومن بينها محاولة إعادة إحياء الحوارات وتبادل وجهات النظر حول بعض الملفات لتكريس اتفاقات سابقة.
فلقاء الأسد - ميدفيديف وهو الأول، سيشكل مناسبة لتعارف الرئيسين عن قرب، في وقت تقبل المنطقة فيها على تطورات لافتة تستوجب التنسيق والتعاون في قرارات دقيقة وحساسة. فاللقاءات السورية - “الإسرائيلية" غير المباشرة في تركيا استرعت نظر موسكو وهي بحاجة الى بلورة الصورة باعتبارها تمسُّ طموحا روسيا في لعب دور ما في هذا الملف، باعتباره ذراعاً خارجية روسية من الصعب التخلي عنه لمصلحة تركيا الدولة التي لطالما اعتبرتها حاجزاً جغرافياً سياسياً في وجه امتداداتها الأمنية والعسكرية إلى المياه الدافئة في المتوسط.
وبصرف النظر عن مدى فاعلية الرعاية التركية لملف المفاوضات غير المباشرة بين سوريا و"إسرائيل"، ثمة طموح روسي بإطلاق محادثات السلام في الشرق الأوسط في الخريف المقبل، إذا صدقت الوعود الأمريكية وهي مشكوك فيها، بخاصة أنها ستتزامن مع حمى الانتخابات الرئاسية الأمريكية.
وعلاوة على ذلك ثمة إشارات أطلقت مؤخراً حول جس نبض سياسي غربي لدمشق حول إمكان أن تلعب دمشق دوراً ما في وساطة مع طهران حول البرنامج النووي، الأمر الذي يستلزم أيضاً استكشاف الموقف الروسي باعتبار أن موسكو تشكل الرافعة الأساس لقوة الموقف الإيراني في مواجهة الغرب في هذا الملف.
ثمة العديد من الأسباب والخلفيات الموضوعية التي تستدعي التنسيق بين الجانبين، وفي الواقع أرسى هذا التوجه وبخاصة بعد الحقبة السوفييتية، الرئيس الروسي فلاديمير بوتين، رئيس الوزراء الحالي، الذي يعتبر رئيس الظل لروسيا، والذي يمكن أن يكون الطرف الثالث في لقاء القمة بين الرئيسين في سوتشي.
إن تفعيل السياسة الخارجية الروسية كان ثمرة جهود سعى إليها بوتين لإعادة مكانة روسيا الدولية في نظام دولي متعدد الأقطاب إلى جانب الولايات المتحدة. ولذلك وضعت موسكو الاستقرار الاقتصادي والسياسي الداخلي في برنامج أولويات سياساتها، وسعت إلى توظيف السياسة الخارجية لخدمة الإصلاح الاقتصادي، ما أدى إلى هيمنة الاعتبارات المصلحية وبخاصة الاقتصادية على أولويات السياسة الروسية. وكلما تعاظمت هذه المصالح، ازدادت فاعلية الدور الروسي ومحاولات التأثير والمناورة. كما أن روسيا مالت إلى ترجمة أهدافها ومصالحها إلى علاقات تعاونية تخدم مصالحها ومصالح الأطراف الأخرى.
ومهما يكن من أمر المتغيرات الطارئة في الشرق الأوسط، تبقى هذه المنطقة بالتحديد موقعاً وموئلاً تجاذبته دول كثيرة طامحة للعب أدوار إقليمية ودولية مؤثرة، ويبدو أن موسكو تحديداً آخذة في هذا الاتجاه نظراً للحاجات والمصالح المتبادلة بينها وبين دول المنطقة وتحديداً سوريا. ويظهر ذلك جلياً عبر العديد من المسائل منها:
* إن الانتشار الأمريكي الكثيف جنوب روسيا في العقد الأخير من القرن الماضي، تحوَّل في كثير من مواقعه إلى قوى احتلال بعد حروب إقليمية كبيرة خاضتها بغطاء دولي، كنموذج أفغانستان والعراق، الأمر الذي حوَّل هذه القوات إلى قوة تهديد للمصالح الاستراتيجية الروسية. ومن الزاوية عينها تشكل هذه القوات خطراً مباشراً على أنظمة دول المنطقة كنموذج سوريا وإيران.
* إن حاجة روسيا الى النمو الاقتصادي المستمر للتخلص من سيف المساعدات الخارجية المشروطة، مرهون بحيازتها للعملات الأجنبية وهذه لا يمكن أن تتأتى إلا من مصادر بيع الأسلحة لمن يحتاجها، وفي المقابل تبدو دول المنطقة مهتمة بهذا المجال لإعادة بعض التوازن المفقود أصلاً في المنطقة.
* إن تعثر مشاريع التسوية إن لم نقل إحباطها في المنطقة بقوة الدفع “الإسرائيلية" الأمريكية بعد مؤتمر مدريد ومندرجاته، أتاح لبعض دول المنطقة ومنها سوريا، وكذلك للدول الكبرى ومنها روسيا وتركيا، إعادة رسم سياساتها وعلاقاتها من جديد، بدافع تقاطع المصالح السياسية والاقتصادية. فتركيا الباحثة عن دور ضائع منذ قرن تقريباً وجدت الصراع العربي - “الإسرائيلي" مدخلاً له في الآونة الأخيرة للتقرب من “إسرائيل" وسوريا، فيما التوجه السوري شمالاً نحو أنقرة وعدم ممانعتها لهذا الدور لم ينسها المتابعة شمالاً باتجاه موسكو، أما الأخيرة المتوجسة من إعادة إحياء دور تركيا على حدودها الجنوبية، فلن تألو جهداً في تجاوزها للوصول نحو مركز الجذب الإقليمي المتمثل بسوريا.
* إن اقتناع موسكو بأن المشروع الإمبراطوري الأمريكي لن يتوقف عند حدود أوروبا القديمة - الجديدة، بل سيتعداه إلى روسيا نفسها، ما أوجد نقاط تقاطع كثيرة مع رؤية بعض قوى المنطقة ومنها سوريا لمشروع الشرق الأوسط الكبير - الجديد، المصنف كخريطة طريق لإعادة رسم الجغرافيا السياسية للمنطقة برمتها.
* كما أن إخراج روسيا عملياً من عقود نفط العراق يشكل مناسبة مهمة للانفتاح الروسي على دول المنطقة ومنها إيران والسعودية، وأن ترتيب بيئة اقتصادية نفطية جديدة تسلتزم تركيز بيئة سياسية ملائمة من الضروري أن تكون دمشق من بينها بالنظر لعلاقتها مع طهران وموقعها بالنسبة لدول المنطقة.
طبعاً ثمة عقبات يمكن أن تواجه هذا التحليل المتفائل للعلاقة بين البلدين، وبخاصة إذا ما أدرجت المصالح “الإسرائيلية" الروسية لجهة عدم قدرة موسكو على تجاهل ثقل المليون يهودي روسي في “إسرائيل"، ومدى تأثر الأمن الاستراتيجي “الإسرائيلي" بصفقات الأسلحة الروسية لدول المنطقة ومنها سوريا.
لكن مهما يكن من أمر، ثمة مصلحة روسية سورية مشتركة تتقاطع في الكثير من المحطات السياسية والاقتصادية وحتى في الحسابات الجيو-سياسية، وهذا ما يستدعي تقوية العلاقات القائمة ومحاولة الاستفادة من بعض المتغيرات قدر المستطاع ومنها التعثر الأمريكي في العراق. فهل تمكنت سوريا من تجاوز الألغام “الإسرائيلية" - الأمريكية المزروعة على طريق موسكو؟ وهل سيقرأ الرئيسان الروسي والسوري في كتاب واحد؟
ثمة تطورات كثيرة يمكن أن تلوح في المستقبل القريب ما تستدعي قراءة سورية - روسية واحدة. وبقدر ما تكون القراءة واحدة وفي نفس الكتاب تكون المصالح متطابقة وقابلة للاستثمار المشترك في المجالات الاستراتيجية علاوة على التكتيكية، فهل سيكون حقل دمشق متطابقاً مع بيدر موسكو؟ سؤال مرتبط بمدى تطابق المصالح وعلاقات الضرورة بين البلدين.
عن صحيفة الخليج الاماراتية
17/8/2008


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.