"شبح" رفسنجاني د. حسن مدن ظل علي أكبر هاشمي رفسنجاني يحوم حول الرئاسة في إيران منذ أن غادرها آخر مرة، حين تعذر عليه، دستورياً، أن يترشح لولاية رئاسية ثالثة. وما أن غادر خاتمي الرئاسة حتى عاود كرة الترشيح للمنصب، وعلى خلاف كل التوقعات هزم هذا السياسي المحنك الذي يطلق عليه وصف “الثعلب" لما عرف عنه من مكر ودهاء أمام المرشح “الشعبوي" محمود نجاد، المقرب من المرشد الأعلى. لكن شأن أي سياسي طموح لم تثن هذه الهزيمة إرادته في أن يبقى في قلب المشهد السياسي الإيراني، بصفته إحدى دعائمه القوية. إن شبحه ظل يحوم ويحوم مؤرقاً خصومه داخل المؤسسة الحاكمة. وكما لاعبي الشطرنج المهرة يحرك رفسنجاني بيادقه بحذر وعناية، في اتجاه الحركة القاضية الأخيرة، كاسباً جولة بعد أخرى، وهكذا جاء فوزه برئاسة مجلس الخبراء ملحقاً الهزيمة بمرشح المتشددين. وطبيعي أن يجري النظر إلى فوز رفسنجاني على أنه يشكل ضربة لنجاد، ليس لكونه قد تنافس معه في انتخابات الرئاسة فقط، وإنما لأن رفسنجاني يعد قائداً مخضرماً محنكاً، وداعية للاعتدال والمرونة في إدارة الخلاف مع الغرب حول ملف طهران النووي، وغير مقتنع، إن لم يكن معارضاً للنهج النزق الذي يسير عليه نجاد. ورغم مساعي خصومه للتقليل من أهمية فوزه بهذا المنصب، عبر الإيحاء بأن مجلس الخبراء هو مجلس شرفي أو فخري لا يتدخل في شؤون الدولة مباشرة، لكن التجربة تؤكد أن الشخص القوي يمنح المنصب الذي يحتله قوة وصلاحيات قد لا تكون فيه. وهو أمر سارع رفسنجاني بتأكيده حين قال “إن من الضروري النظر إلى مجلس الخبراء على أنه أحد الأعمدة الرئيسية للدولة بسبب مسؤوليته عن مراقبة أداء المرشد الأعلى". بجمعه بين رئاستي مجلس تشخيص مصلحة النظام ومجلس الخبراء لا يخطو رفسنجاني خطوات باتجاه الرئاسة وحدها، وإنما أيضاً نحو منصب المرشد الأعلى ذاته بعد رحيل خامنئي، إذا ما تذكرنا بأن المجلس الذي بات رئيساً له هو من يعين المرشد. عن صحيفة الخليج الاماراتية 6/9/2007