النفس تعتصر ألماً، والقلب يقطر دماً، والعين تنزف دمعاً عليك يا فلسطين، فما بين مطرقة العابثين وسندان الطامعين انبعثت أنات المظلومين، واشتد عويل المنكوبين، وتعالت صيحات المحرومين..فمن لهؤلاء المحرومين والثكالى والمستضعفين..من بعدك يارب لا نجد لهم نصيراً أو معينا.
*فيا دعاة الإنسانية، ويا حماة الحرية، ويا رعاة الديمقراطية..يا من سودتم آلاف الصفحات عن حقوق الإنسان، وعقدتم آلاف المؤتمرات عن كرامة الإنسان..أما أبصرت أقماركم الصناعية_التي ترْصُد ما في باطن الأرض_جوع أطفال صغار يبكون من شدة الجوع..
أمَا رصدت أقماركم دموعهم البريئة التي تجرى على وجوههم خوفاً وجوعاً وحرماناً..أما أبصرت أقماركم التي ترصد ما في جوف الصخر رعشة شيخ كبير جلس القرفصاء كي يلملم أجزاءه المبعثرة من شدة البرد ولا يجد من الوقود ما يُذهب عنه لسعة برد لا يرحم..أما أبصرت أقماركم التي ترصد ما في قعر البحر حيرة امرأة فقدت بعلها ولا تجد من قوت الأرض ما تطعم به أطفالها..لئن كانت أقماركم لا تبصر { فَإِنَّهَا لا تَعْمَى الأبْصَارُ وَلَكِن تَعْمَى الْقُلُوبُ الَّتِي فِي الصُّدُورِ}.
*ويا دعاة الوطنية، ويا حماة القضية..من حماسويين و فتحاويين..كيف ترون أنفسكم الآن بعدما أبيتم إلا أن تقذفوا بشعبكم المسكين في دوامة غاشمة ما لها من قرار.. دوامة من القلق المستمر والاضطراب الدائم..كيف سمحتم لأنفسكم أن تتقاتلوا على مقاعد هشة وعلى أرض مرتعشة وعلى مناصب مزيفة..لقد تقاتلتم على غثاء كغثاء السيل..فماذا أحرزتم من نتائج سوى تراجع قضيتكم وحرمان شعبكم..أين ذهبت عقولكم وأنتم تبحثون عن سراب يحسبه الظمآن ماء..أين ذهبت عقولكم وأنتم تعبرون عن اختلاف آرائكم بالرصاص وتمعنون في قتل بعضكم بعضا..أين ذهبت عقولكم وأنتم ترفعون رايات الفرقة وكأنكم قد حققتم نصراً على الأعداء..أين ذهبت عقولكم وأنتم تقدمون للمحتل ما لم يحلم به..أين وأين وأين.....؟إن كل التداعيات المحبطة التي تقع الآن لهى حصاد ما قدمت أيديكم.
*يا أهل حماس..يا من داعبتم مشاعر شعبكم وغازلتم أحلامهم بكلمات براقة عن الغد المشرق فصدقوكم وراهنوا عليكم..أين ذهبت وعودكم..يا من حَلَّقتم بقلوبهم البريئة في جو السماء..ثم تركتموها تسقط على الأرض بلا رحمة..لماذا فعلتم..يا من كسبتم تعاطف أمتكم حين ناضلتم من أجل هدف..حدثوني أين الهدف الآن..يا من قذفتم بشعاع من أمل في نفوس شعبكم الذي يبحث عن بصيص من نور..ثم أبيتم إلا قتل الأمل الوليد..يا بلغاء حماس أجيبوني..أين ذهبت ريحكم..أما قرأتم في القرآن { وَلاَ تَنَازَعُواْ فَتَفْشَلُواْ وَتَذْهَبَ رِيحُكُمْ }..أين أنتم مما تقولون؟..لقد تقوقعتم في غزة، فهل داعبتكم أحلام الخلافة ثم أوهمتم ذويكم أنها سوف تنطلق من فوق أرض غزة..أم أنكم قد اتفقتم ضمناً مع الآخرين أن يكون لكل منكم دولة داخل (اللادولة)؟!!!.
*ويا أهل فتح..أما آن أن تكون الأرض والقضية والشعب أولى من كل ما يجول بخاطركم من هواجس..أما حان الوقت لرأب الصدع ولم الشمل وتوحيد القصد..أم أنكم تراهنون على تركيع حماس بتجويع أهل غزة..ما ذنب البسطاء من الناس..لماذا يدفعون ثمن خلافكم على مقاعد ترونها عظيمة ويراها كل من الأرض غير ذلك..
صدقوني كلكم فلسطينيون، ولن تغير نبرة الصوت وحلاوة المنطق ونثر القبلات والابتسامات هنا وهناك من نظرة إسرائيل إليكم..لأنكم في نظرها سواء..لقد حان الوقت يا أهل فتح لطي صفحة مخزية لا يسلم من وزرها أحد منكم، وفتح صفحة أخرى يلتئم تحتها جسد الوطن، فهي السبيل الوحيد إن أردتم خروجاً من النفق المظلم الذي دخلتموه بمحض إرادتكم.
*يا مصر..يا وطني الغالي..كم أنا فخور لأنك وطني..كم أنا فخور بصنيعك الرائع وبقرارك الإنساني، لما فُتحت معابرك بقرار رئيسك الإنسان أمام أهل غزة لشراء ما يلزمهم من خيرك..كم أنا فخور بكلماتك سيدي الرئيس حين قلت ( مصر لن تسمح بتجويع الشعب الفلسطيني في غزة )..كم هي كلمات عملية للرد على أوصياء حقوق الإنسان الذين يتشدقون ولا يفعلون..يا مصر يا أرض الكنانة سوف تظلين غوثاً لكل ملهوف..سوف تظلين عوناً لكل ضعيف..سوف تظلين مأوى لكل طريد..وسوف تظلين كذلك شوكة في حلق كل حاقد..قال الله تعالى {ادْخُلُواْ مِصْرَ إِن شَاء اللّهُ آمِنِينَ}.