دق صانع النغمات في محمولي ... فنظرت إليه مستغرباً ..إنه ذاك المتوفي من زمن ليس ببعيد إنه.. لا يوجد رقم.. ما الذي يجري ألم يرحل.. وإلى الأبد هذا الرقم؟ قلت في نفسي قد يكون شيء ذو شأن .. فلا تغلق الباب ثم تحتار.. من كان وماذا يريد .. ؟ فهممت وفتحت... فإذا بالشتائم تنهال .. بالون الطيف .. كيف يمكن أن تبدأ بالسلام ثم تشن حرباً خسيسة ورخيصة .. ثم تطلب مني أن أغلق فمي وأكسر قلمي وإلا .....!!!!
وبعد صمت دام لساعات... قلت لذلك الساكن في داخلي كيف تعيش هناك وسط هذا الزحام وهذا الدمار .. وهذا الجهل ..؟؟ لم لا تغادر وتدعني أهيم على وجهي؟؟ أبحث عن فكرة قد تكون فيها نجاتي ؟!
قال لي : كيف لي أن أتركك تمضي إلى هلاكك ..؟ إلا تعرف أن الصمت موت وأن الحياة عراك وسجال وبحث في المجهول .. ألا تعرف أن القصد من الوجود هو الطموح إلى ما وراء الوجود ؟؟
قلت نعم ولكنني متعب وأشعر أنني أناطح موج البحر فاهزمه... ولكن سرعان ما بحاول أن يسحبني إلى أعماقه و أنا لا أجيد السباحة في بحر متلاطم الأمواج ...
هو : هاهاهاهاهاها ... لا يا عزيزي فالسباحة في البحر الهادي .. "عوم" ولا لذة لها ولا طعم .. وأما من يصارع الأمواج ويحمل هموم الناس ويقاتل ويقتل .. فهنا تبدأ الحياة .. فليس المهم هو الصعود إلى القمة إنما المهم هو البقاء في القمة .. وانظر من حولك الآن من هم أولئك المتألقين على رأس ألهم الفلسطيني .. إنهم الشهداء ولن ينزلوا.... ولن يستطيع إنزالهم أحد ..فقد عاشوا كما الجبل وماتوا كما الرجال الرجال وها هم خالدون كما الأهرام ...
أنا:صدقت يا هذا ولكن أين نحن من هؤلاء .. فما أروع أن تموت من أجل فلسطين فهذا شرف عظيم.. ولكن عندما تقتلك فلسطين فهذا عار " لا تغسله كل مياه الدنيا الطاهرة .. فماذا سأقول لولدي .. أعذرني .. أنا لم اسقط شهيداً من أجل فلسطين ولكنني سقطت على أيدي من أفنيت عمري لأجلهم وضاع شبابي بين القضابين من أجل حريتهم .. وها أنا أترك لك إرثاً قد شوهه الآخرون ونعتوه بأسوأ الصفات .. عمالة , خيانة, دعارة , سرقة ,و .. و .. و ..و .. .
هو : ويحك ومن يصدق أن النيل يصب في الحبشة.... وأي جاهل ذاك الذي رأى أسداً يرتعش خوفا من أرنب ؟؟ دعك من كل هذا واقرع جدار الخزان فإن لم يسمعوا اليوم سيسمعوا غداُ ..
أنا:قد أسمعت لو ناديت حياً ولكن لا حياة لمن تنادي .
هو:من قال ذلك .. أنظر إلى تلك العيون وإلى تلك الهامات ألا ترى ذاك الغضب المزمجر والذي يوشك أن يغرق البحر...ويعطش النهر ... ولكن هل تعرف ما هي الشجاعة ؟؟ ليست بقوة العضلات أو بقوة الكلمة .. الشجاعة هي الصبر يا عزيزي .... أنه الصبر ألا تعرفه .. ؟ نعم أنك لا تعرفه .... نعم أنك لا تعرفه و لهذا تريدني أن ارحل من بين ضلوعك ... و ما عاد عندك ما تقول .. فتنحى جانبا وأعطني قلماً.. فأنا من سيقول وأنا من سيقرع جدار الخزان ... فمن لا يعشق صعود الجبال....يعش ابد الدهر بين الحفر ... .