تجميد الثوابت الفلسطينية في ثلاجة الخلافات السياسية د. هاني العقاد
تمثل الثوابت الفلسطينية أهم المركبات المركزية في القضية الفلسطينية و تعتبر المداخل القانونية التي تؤدى إلى أي حلول شاملة للقضية الفلسطينية انطلاقا من إي حوار مستقبلي أو مفاوضات قد تفرضها السياسة الدولية لإنهاء الصراع الفلسطيني الإسرائيلي و ذلك إن كان لدى أطراف السياسة الدولية نية لوضع حد نهائي للصراع التاريخي الناتج عن احتلال أراضي الغير بالقوة العسكرية و إنكار حقوق سكان الأرض الأصلين و تهجيرهم من أراضيهم بالقوة الجبرية.
ولعل الثوابت الفلسطينية تبدأ من اعتراف المعتدى بحقوق الشعب الفلسطيني و حقه في إقامة دولته المستقلة و عاصمتها القدس و إقرار حق اللاجئين الفلسطينيين المهجرين من أراضيهم بالعودة و التعويض و السماح بإنشاء المطارات و المعابر و الموانئ و السماح ببناء اقتصاد فلسطيني قوى و مستقل دون التدخل من أي طرف كان يعتمد مبدأ الدولة المنتجة ليس المستهلكة فحسب و إعادة صك العملة الفلسطينية التي كان ساري التعامل بها أبان حكومة عموم فلسطين.
و تمثل قضية الأسرى و المعتقلين القابعين خلف قضبان الحقد الاحتلال الإسرائيلي مركزية حل الصراع الحالي و الذي يجب الإقرار به من قبل الطرف الإسرائيلي و الاعتراف بضرورة إطلاق كافة الأسرى و المعتقلين دون شرط أو تميز بسبب الانتماء السياسي أو الديني و دون تعهدات مستقبلية . كل هذه الثوابت كانت الدافع الحقيقي وراء الاستمرار في المقاومة و بالتالي استمرار الصراع الفلسطيني الإسرائيلي و الدافع الحقيقي لرفض إي مبادرات سلام لا تعترف بمجمل هذه الثوابت دون نقصان.
والغريب أن هذه الثوابت باتت الأن في حالة تجميد مائي يمكن إسالتها متى أتيحت الفرصة ولعل ما يشعرنا بالخوف أن يصبح هذا التجميد حالة دائمة تصل إلى حالة التصلب بسبب استمرار الاختلافات السياسية الفلسطينية و التنافر بالشأن الداخلي و التشتت الحاصل بين الفصائل المركزية في قيادة الصراع ؟
وما يخيفنا أيضا أن احد لم يعد يتحدث عن الثوابت أو ثوابت الثوابت و نتيجة لذلك أصبح الجميع يتحدث في ثوابته الحزبية و شرعية وجودة دون الطرف الأخر و كأن الاختلاف قاد إلى هذا النوع من الصراع الداخلي لدرجة انه جعلنا نؤمن أن الثوابت الفلسطينية وضعت في ثلاجة الاختلافات و اخشي إن لا يتذكر احد منا بعد ذلك ما بالثلاجة؟؟؟
إن الغريب في الأمر كله إن كل طرف من الإطراف المختلفة يحدد ثوابت لنفسه لا يتنازل عنها في إشارة للإمكانية التحاور من جديد و الوصول إلى اتفاق يعيد الحياة إلى طبيعتها بين الطرفين , وحتى يحقق كل طرف ثوابته الخاصة سنكون قد عشنا موتى في زمن أخر غير هذا الزمن أو زمن قد لا نستطيع الكتابة فيه؟ لا اعرف ماذا اسمي هذا بالثلاجة فعلا أو شيئا أخر و ماذا اسمي الثوابت الخاصة بالحزب بالميكروويف الحزبي أم ماذا؟؟؟
قد يقول البعض إن الانطلاق من الثوابت الخاصة إلى الثوابت العامة سيكون أسهل لتحقيقها و هنا نقول إن الأمر لا يحتمل الجدال فالثوابت الفلسطينية ثابتة و لابد لنا كفلسطينيين أن نعد العدة للحرب من اجلها لأنها لن تمنح لنا بسهولة أو تقدم لنا على طبق أرضيته ذهبية و هذا جهد يحتاج إلى الجميع دون استثناء.
لذا لابد لنا كفلسطينيين أن نحفظ ماء وجهنا ناصعا أمام العالم و نتحدث في أصل القضية و ثوابتها و نجهز أنفسنا بأدوات الرد المناسب لكل من يحاول طمس معالم القضية عبر تجميد ثوابتها. هنا لا ابد وان أحزر من استمرار الاختلافات السياسية و الحزبية و تدمير أوجه الاتفاق و الاستمرار في فرط عقد المحبة الوطنية وبذلك يمكن أن نقضي عمرا أخر يغيب كل منا فيه دور الأخر و يقزم فيه كل منا عمل الأخر و نتهم فيه بعضنا بأشياء ليست في صالح الجميع؟
إن الدفع الحقيق باتجاه عصرنة الثوابت الفلسطينية يجب أن يستمر ويجب أن يكون الدافع الحقيقي لإنهاء أي خلاف ليس له معنى سوى إضعاف المقابل لصالح الذات و بالرغم من وصول الخلافات إلى نقطة يصعب فيها الوصول إلى لم للشمل بسهولة إلا أن الاتفاق و الوفاق و الوحدة و المشاركة و المحبة أسهل الطرق لتحقيق ثوابتنا الفلسطينية وإحراز نصرا أكيد في معركتنا مع المحتل الغاشم .