القاهرة: أكد الدكتور على جمعة مفتي جمهورية مصر العربية أن أحكام الزواج بما فيها إباحة التعدد وقصره بأربع زوجات هو موضوع تعبدي صرف كالصلاة ومقادير الزكاة وركن الحج وغير ذلك من الأمور التعبدية التي لا يجوز السؤال فيها عن حكمة، وسواءً وجدنا الحكمة أو لم نجدها فلابد أن يدين العباد لله في أحكامه. ويستغرب الشيخ في برنامج "نور الحق " المذاع على قناة "اقرأ"، عن انكار خصوم الإسلام لتعدد الزوجات ولا ينكرون على غيرنا من أصحاب الملل الأخرى الذين يعتبرون الزواج أمراً لاهوتياً كما هو عند اليهود، أو سراً مقدسا من الأسرار السبعة للكنيسة لا يجوز الاقتراب منها ولا مناقشتها. ويوضح مفتي مصر أن قضية الزواج من الشرائع الربانية والتنظيمات الإلهية لشئون الناس في الكون ومعاكسته هي تغيير لخلق الله وتنكيس للفطرة، ويضرب الدكتور مثال على ذلك بأنه لا يجوز في الإسلام ولا في غيره من الشرائع إمضاء الزواج بين نفس الجنسين فلابد أن يقع بين ذكر وأنثى، ولا يجوز إيقاعه بين المحارم بالنسب والرضاع. ثم ينتقل الدكتور علي جمعة لموضوع تعدد الزوجات والسؤال التقليدي المطروح وهو: هل الأصل في الشريعة التعدد أم الاقتصار على زوجة واحدة؟ يستعين الشيخ بأصلين يمكن الانطلاق منهما للإجابة على السؤال السابق: أولاً أصل الخلقة أو قصة الخلق الأولى فإن الله تعالى خلق لآدم زوجة واحدة. ثانياً: السيرة النبوية فإن الرسول صلى الله عليه وسلم أمضى دهراً مع زوجة واحدة فمن كان عنده زوجة وأسرة منها فلا يعدد وهذا ليس حكماً أو تحريم فالتعدد أمر مباح وحلال ولكنه طارىء واستثناء على الاقتصار على واحدة. ثم يجيب الشيخ على سؤال: إذا لماذا النبي عدد بعد ذلك؟ فيقول: النبي أعطى للبشرية كل الأمثال والأسوة، عاش في فترات إقبال المال ليعطي القدوة للأغنياء وعاش اليتم والفقر ليعطي الأسوة لهما. وكما عاش ردحاً من حياته مقتصراً على زوجة ليعطي النموذج الأمثل لمن تحت ذمته امرأة واحدة، وعاش التعدد ليعطي النموذج الأمثل للزوج العادل والمحب والمنصف مع زوجاته. وعن حكمة التعدد فيقول: إن حكمه كثيرة لكن أجلّها وأعلاها أنه نظام إلهي مقابل لتحريم الزنا، ويأتي كبديل شرعي للوقوع في هذه الكبيرة. إن من دعته شهوته العارمة أو ظروف زوجته الصحية أو ظروفه سفره فلم يستكف بزوجة واحدة فإن أمامه التعدد بابا حلالا لاستفراغ شهوته وقضاء وطره، فإذا ما لجأ للزنا فإنها عندها هلك عن بينة ويستحق العقوبة الشرعية وهي الرجم حتى الموت.