بعد خمس سنوات من الإحتلال الأمريكي .. تنفست مدينة أور الأثرية عاصمة الحضارة السومرية نسمات الحرية بعد أن تسلمت الحكومة العراقية أمس المسئولية الأمنية عن المدينة التي ولد بها أبو الأنبياء سيدنا إبراهيم الخليل. وقامت القوات الأمريكية بتسليم المسئولية الأمنية عن المدينة التي تبعد 11 كم شمال مدينة الناصرية بمحافظة ذي قار، الي السلطة العراقية في إطار تنفيذ الاتفاقية الأمنية التي وقعت عليها حكومة البلدين. وأعلن طالب كامل الحسن محافظ دي قار في تصريحات أبرزتها صحيفة "الشرق الأوسط" رسمياً تسلم موقع زقورة أور من الجانب الأميركي ليعود مجددا إلى السيادة العراقية، مؤكدا أن عليه الأن أن يحتفي بتاريخ حضارة سومر العريقة، بسلالاتها الثلاث الممتدة طوال سبعة آلاف عام .. هنا ولد إبراهيم عليه السلام أبو الأنبياء وأبو الديانات. وأضاف الحسن خلال الاحتفال الرسمي الذي حضره مسئولون من الجانبين أن الحكومة المحلية الجديدة ستضع السياحة والآثار علي رأس اهتماماتها، موضحا أن آثار أور وزقور التاريخية وبيت النبي إبراهيم محل اعتزاز للجميع. ومن جانبه أكد رئيس هيئة الأثار قيس حسين رشيد أن بتسليم الموقع تكون جميع المواقع الآثارية تحت السيادة العراقية، ولن يبقى أي موقع اثري عراقي به مظاهر عسكرية أو وجود عسكري في عموم الأراضي العراقية. وشكلت مدينة اور وزقورتها الاثرية الواقعة ضمن نطاق محافظة ذي قار مركزا للحضارة السومرية التي سادت بين مطلع الالف الرابع قبل الميلاد حتى 2350 قبل الميلاد. وتشير النصوص الدينية الى ان ابي الانبياء ابراهيم يتحدر من اور ويعرف الانجيل المكان باسم اور الكلدانيين، ويمتد الموقع على مساحة ثمانية كيلومترات قرب قاعدة الامام علي الجوية، وكان اسمها سابقا التليل. وكانت الزقورة التي تم تشييدها حوالى العام 2100 قبل الميلاد معبدا لاله القمر كما كانت منزلا للنبي ابراهيم، وتؤكد مصادر تاريخية ان الكلدانيين والسومريين والاكاديين والبابليين سكنوا مدينة اور عاصمة المملكة السومرية خلال الالف الثالث والرابع قبل الميلاد. وتشير الى ان اور هجرها سكانها العام 500 قبل الميلاد بسبب تغيير طرأ على مجرى الفرات وانحرافه ثلاثة كلم باتجاه الشرق، وكان عالم الاثار البريطاني السير لينارد وولي اخر من نقب عن الاثار في مدينة اور العام 1922. ومن أهم اكتشافاته المقبرة الملكية التي تضاهي في اهميتها اكتشاف المقابر الملكية الفرعونية في اهرامات الجيزة في مصر. ويضم منزل النبي ابراهيم 27 غرفة وخمس باحات صغيرة في "القصر الكبير" وقد اعيد ترميمه تمهيدا لزيارة كان البابا يوحنا بولس الثاني ينوي القيام بها العام 2000. وتحيط بالزقورة مواقع اثارية منها "اريدو" و"العبيد" و"الدحيلة" و"لارسا". والزقورة مكونة من ثلاث طبقات الاولى يبلغ طولها 62.5 مترا وعرضها 43 مترا وارتفاعها 11 مترا والثانية بطول 36 مترا بعرض 26 مترا وارتفاعها 35.5 مترا. اما الطبقة الثالثة فهي بطول 20 مترا وعرض 11 مترا بارتفاع 21 مترا. والموقع الاثري هو بين اقدم مدن العالم التي حققت تطوار في ميادين التشريعات والفنون والكتابة والعمل والمعرفة ابان الحقبة السومرية. وقد احتلت اور مركزا بارزا في تاريخ البشرية كما لعبت دورا في تثبيت مفاهيم المدينة وابرزت مواهب السومريين من خلال العمران مثل بناء الزقورة والمعابد والقصور وفن الصياغة والنحت. وأقامت الحضارة السومرية التجمعات السكانية بمفهوم المدينة وطورت انظمة الري وزراعة الحبوب كما اخترعت الكتابة المسمارية والعجلة. وطورت كذلك نظاما حسابيا يستند عليه قياس الزمن في وقتنا الحالي. كان المجتمع السومري يقر بقيادة الام للاسرة اذ كانت المراة تتمتع بدرجة عالية من الاحترام. كما ان احد الموروثات الثقافية من الحضارة السومرية هو تدوين الأدب. وقد تم تدوين الأشعار والملاحم على الخزف والفخار. واشهر الملاحم البطولية التي ظلت كاملة تقريبا هي ملحمة كلكامش الذي كان ملك اوروك حوالى العام 2700 قبل الميلاد.