دمشق: صدر مؤخراً كتاب "البكاء على كتف الوطن" الطبعة الثانية في 206 صفحة قطع متوسط عن منشورات دار التكوين دمشق 2008. محنة الوطن هي محنة الشاعر " يحيى السماوي " وهي من أكبر الأحداث التي هزّت الضمير الإنساني ، فلا غرابة أن ينذر الشاعر قلمه لتصوير وقعها في نفسه ، فقد غادر السماوي وطنه العراق وفقاً لجريدة "عراق الغد" هرباً من الظلم والإستبداد الديكتاتوري على أمل العودة إليه في ظل نظام يغدو فيه العراق وطنا للجميع يخلو من القهر والإضطهاد ، لكن أمله خاب حين بدت له مأساة الإحتلال لا تقلّ فداحة عن الحكم الاستبدادي ، فآثر البقاء في منفاه الإختياري يمزقه الألم ، وقد تخلى العالم كله عن وطن وشعب كان عبر تأريخه منهلا للحضارة ومنبعا ً للعطاء الإنساني . يومي له ليلان ِ .. أينَ نهاري ؟ أتكون شمسي دونما أنوار ِ ؟ أبحَرتُ في جسَد الفصول مهاجرا ً طاوي الحقول وليس من أنصار ِ زادي يراعي والمدادُ .. وصهوتي خوفي .. وظبية هودجي أفكاري أبدَلتُ بالظل ِّ الهجيرَ لأنني قد كنتُ في داري غريبَ الدار ِ لستُ الأسيفَ وإنْ فُجعتُ بمطمحي أنا مؤمنٌ بمناجل ِ الأقدار ِ أنا ضائعٌ مثل العراق ِ ففتشي عني بروضك ِ لا بليل ِ صحاري وطني على سَعة ِالسماءِ رغيفه ُ لكنه حِكرٌ على الأشرار ِ وتعددتْ يا هندُ في وطن الهوى سُبُلُ الردى بتعدد التجّار ِ يوجّه الشاعر تنديده لأعداء الداخل والخارج ، ويفضح مطمح المحتل ومطمعه في نفط العراق ولا يتوانى عن رفع إصبع الإتهام بوجه المتعاونين معه خدمة لمصالحهم الشخصية والحزبية والفئوية والطائفية : فتّشي تحت ركام القهر عني في الذي كان يُسمّى وطنا .. قبل أنْ ينسَجنا في أضابير السفارات ِ الدهاليز ِ سراديب ِ الخَنا .. والخطابات ِ التي تُقرأ في وجهين ِ وجه ٌ يتهَجّاهُ الدراويش ُعلينا كلما أوشكت ِ الأرضُ على الرعد ِ ووجهٌ في رحاب " المعبد الأبيض " تُرضي الوثَنا ** ويقول : للأرض قصّتها القديمة ُ : كان يا ما كانَ في الزمن الذي لم يأت ِ بعدُ وطنٌ تخاذل فيه جندُ فإذا الرغيف الذلُّ والماعونُ جرحٌ والهوى سوط ٌ وقيدُ فلتدّخِرْ آهاتك َ الشطآنُ سوف تضيقُ والأنهارُ تعطشُ تستحي من ظلها الأشجارُ سوف يجفُّ ضرعُ الأرض ِ والتنور ُ يغدو إرثا ً فراتيّا ً.. إذن ؟ أينَ المفرُّ من القصيدة والقصيدةُ تهمة ٌ إنْ لم تُهادن سارقي قوت الجياع ِ ولم تُمَسِّدْ لحية َ السيّاف ِ فادخل كوخ جرحِكَ واغلق ِ الأبوابَ فالناطورُ وغدُ كذبتْ غيومُ الفاتحين وكاذبُ برق ٌ ورعدُ ويستطرد الشاعر في وصف ما يحدث في العراق من قتل عشوائي وتصفيات جسدية بشتى الذرائع : يحدث أنْ يُقتلَ عصفورٌ لأنّ ريشهُ ليس بلون ِ جُبَّة ِ الإمامْ يحدث ُ أنْ يُصفَعَ ظبيٌ في الطريق العامْ لأنه لم يُطِل ِ اللحية َ .. أنْ تُطرَدَ من ملعبها غزالة ٌ لأنها لا ترتدي عباءة ً طويلة َ الأكمامْ يحدث ُ أنْ يُدكَّ حيٌّ كامل ٌ وربما مدينة ٌ كاملة ٌ بمعول انتقامْ بزعم أنّ مارقا ً أقام في بيت ٍ من البيوت ِ قبلَ عامْ