السؤال: يشكك البعض في كتابة السنة النبوية من الأساس استنادا لحديث النبي صلي الله الله عليه وسلم "لا تكتبوا عني شيئا إلا القرآن ومن كتب عني شيئا إلا القرآن فليمحوه". ** يجيب الشيخ أنا محمد ابراهيم الواعظ بالأزهر الشريف: إن سبب التشكيك في علم الحديث هو مرض القلوب الذي يدفع لعدم التفقه في الدين والافتئات بغير علم ولا هدي وبالنسبة لكتابة السنة فقد اختلف الصحابة والتابعون رضي الله عنهم في ذلك علي قولين: الأول ذهب بعض الصحابة والتابعين كزيد بن ثابت وأبو موسي الأشعري وأبو سعيد الخدري وابن مسعود الي عدم جواز الكتابة دونما ذرة شك في مكانتها السامية كمصدر ثان في التشريع بعد القرآن الكريم واستدلوا علي عدم الجواز بما رواه الإمام مسلم عن أبي سعيد الخدري عن النبي صلي الله عليه وسلم انه قال: "لا تكتبوا عني شيئا إلا القرآن ومن كتب عني شيئا إلا القرآن فليمحوه". وقد رد الاستدلال بهذا الحديث بثلاثة وجوه 1 أن النهي عن كتابة الحديث إنما كان في أول الإسلام مخافة اختلاط الحديث بالقرآن فلما كثر عدد المسلمين وعرفوا القرآن معرفة دافعة للجهالة وميزوه من الحديث زال هذا الخوف عنهم فنسخ الحكم الذي كان مرتبا عليه وصارت كتابة السنة جائزة 2 إن النهي إنما كان عن كتابة السنة مع القرآن في صحيفة واحدة مخافة الخلط بينهما مع إن النهي إنما كان لمن يثق بحفظه ويأمن أن ينسي ما سمع فأما من يخاف علي نفسه عدم الضبط فلم يكن النهي منصرفا اليه. القول الثاني وفيه ذهب كثير من الصحابة والتابعين كعمر وعلي والحسين بن علي وابن عمر وأنس وجابر والحسن وعطاء ومعبد بن جبير وعمر بن عبد العزيز وغيرهم الي جواز كتابة السنة النبوية المطهرة وهو القول الراجح واستدل أصحاب هذا القول بأحاديث كثيرة تفيد جملتها صراحة جواز كتابة حديث رسول الله صلي الله عليه وسلم نذكر منها: ما رواه البخاري أن النبي صلي الله عليه وسلم قال: "اكتبوا لأبي شاه" وكان ابوشاه قد التمس أن يكتب له شيئا سمعه من الرسول صلي الله عليه وسلم في خطبته يوم فتح مكة. وما رواه البخاري عن أبي هريرة أنه قال "ليس أحد من أصحاب النبي صلي الله عليه وسلم أكثر حديثا عنه مني إلا ما كان من عبد الله بن عمر فإنه كان يكتب ولا أكتب" ومارواه ابوداود والحاكم وغيرهما عن ابن عمر أنه قال : قلت يا رسول الله إني أسمع منك الشيء أفاكتبه؟ قال نعم قلت في الغضب والرضا؟ قال نعم فإني لا أقول فيها الا حقا وما رواه الترمذي عن أبي هريرة أنه قال: "كان رجل من الأنصار يجلس الي رسول الله صلي الله عليه وسلم فيسمع منه الحديث فيعجبه ولا يحفظه فشكي ذلك الي رسول الله صلي الله عليه وسلم . فقال استعن بيمينك وأومأ الي الخط" وما رواه الرامهر مزي عن رافع بن خديج قال: قلت يا رسول الله انا نسمع منك اشياء افنكتبها قال اكتبوا ذلك ولا حرج ومارواه الحاكم وغيره عن أنس أنه قال: قيدوا العلم بالكتاب وبعد أن زال هذا الخلاف أقول لكل معاند "إذا لم تستح فاصنع ما شئت". المصدر: جريدة "المساء" المصرية