هيا بنا عزيزى القارئ فى رحلة إلى عاصمة ولاية سكسونيا الحالية "دريسدن" ووفقاً لما ذكرته صحيفة "الشرق الاوسط" فقد دخلت هذه المدينة التاريخ الألماني مرتين من أوسع أبوابه، المرة الأولى حينما بنى فيها الملك اوجستس القوي أول مجمع للقصور وخصصها للفن، وليس لسكناه، كما فعل بقية الملوك، والثانية حينما تعرضت لأعنف وأكبر قصف جوي بريطاني أمريكي خلال الحرب العالمية الثانية. ووفقاً للصحيفة، فقد حطم ذلك القصف وساوى بالأرض، في الفترة خلال 1315 فبراير 1945 كل ما هو قديم وجميل في المدينة، سوى 10 كيلومترات مربعة من مركز المدينة مع الأرض، وأودى بحياة 35 ألفاً من سكانها حسب أقل التقديرات، التي تصر مصادر لها تقديرات أخرى، بأنها فاقت ال 100 ألف إنسان، ويطلق على دريسدن اسم "فلورنسا الألبة" بالنظر لجمال أبنيتها وطرازها الباروكي، الذي يعتبر فخر عصر النهضة الأوروبية. وتقع دريسدن في واد عريض يمتد بطول 40 كيلومتراً في منطقة صعيد نهر الألبة، وتتميز كمدينة صناعية في الوقت الراهن، بمبانيها القديمة وطراز معمارها الفريد، وقد بنيت في الأصل على أساس قلعة نيساني القديمة عند قاعدة جبل تاشنبيرج عام 1200 ونالت اسم "دريزداني" عام 1206 بعد توسع العمران فيها، وحولها الأمير موريتس اوجست إلى عاصمة لإمارته عام 1547، وحكمتها بعده سلالة من أولاده، الذي كان فريدريش اوجستس الثاني (القوي) أبرز أمرائها، وهو ما منحها لقب مدينة العصر الأوجستيني، وهي أهم مدن سكسونيا التجارية على نهر الألبة، وتحولت إلى أجمل مدن ألمانيا الباروكية، بفضل القصر والأوبرا القديمة والرواق التي بناها اوجستس القوي بين 16941783. تنقسم دريسدن حالياً إلى جزءين، قديم (على الضفة اليسرى)، وجديد، ويفصل بينهما نهر الألبة، واحترقت دريسدن الجديدة تماماً عام 1685 وأعيد بناؤها للمرة الأولى بعد ذلك، ليعاد بناؤها ثانية بعد انتهاء الحرب العالمية الثانية، وهي الهدف الأول للسياح في ولاية سكسونيا وعاصمة البحث العلمي في شرق ألمانيا. ومن معالمها البارزة "تزفنجر"، وهو واحد من أهم معالم العصر الباروكي في العالم وفخر سكسونيا وألمانيا ككل، صرح فني عظيم من عمل المعماري الكبير ماتيوس دانييل بولمان (1662 1736) والنحات بالتزار بريموزر (16511732)، وتعني كلمة "تزفنجر" بالألمانية "القاهر" أو "الفناء الخارجي"، بمعنى "المانع"، وتأخذ المفردة معنى "المستبد" أو "الطاغية" حينما ترفق بكلمة "هر" التي تعني "السيد"، ويبدو أن للاسم علاقة بالموقع، لأنه كان جزءاً من القلعة القديمة التي أريد بها "قهر" الغزاة وردعهم عن المدينة. وعكس القصور الألمانية الأخرى لم يبن اوجستس القوي تزفنجر كمكان لإقامته أولاجتماعات حكومته، وإنما كتحفة فنية تضم مختلف أنواع الفنون والتحف، وربما أراد اوجستس القوي أن يجد مكاناً لاسمه في التاريخ عن طريق رعاية الفنون، ويعتبر الرواق الطويل، ذو ال 36 عموداً، من أهم جوانب تزفنجر في الجزء الجنوبي من الصرح، ولا ينقطع الرواق الطويل إلا بواسطة بوابة "كرونين" (التيجان) التي تعلوها قبة بصلية الشكل يحملها 4 صقور مذهبة. يلي الرواق جاليري القبة الذي يضم أهم أعمال الفنانين الألمان والأوروبيين القدماء، ويجد السائح قرب باب التيجان متحف العلوم الحياتية، الذي يحتوي على هياكل عظمية حيوانية غريبة عمرها 300 سنة وجدت في قرية سيكوه القريبة. ويجد المرء إلى الشمال من باب التيجان متحف البورسيلن والخزف الذي تشتهر به دريسدن منذ قرون، أسس المتحف اوجستس القوي، ويحتوي مجموعات نادرة من الخزف الألماني والصيني والهندي.