مع استمرار العدوان الإسرائيلي الهمجي علي قطاع غزة ترتفع يوما بعد يوم خسائر الاقتصاد الفلسطيني خاصة مع التعمد الواضح لقوات الاحتلال لتدمير البنية التحتية للقطاع. وفي هذا الصدد أكد رئيس الإحصاء الفلسطيني لؤى شبانه أن إجمالي الخسائر الاقتصادية المباشرة في قطاع غزة جراء العدوان الإسرائيلي بلغت نحو مليار وأربعمائة ألف دولار. وقال شبانه في بيان وزع بالقاهرة أن خسائر الاقتصاد الفلسطيني قدرت بما يقارب 80 % من قيمة الإنتاج لكل قطاع اقتصادي خلال 17 يوما من بدء العدوان الإسرائيلي على القطاع, منوها بأنه تم تقدير تلك الخسائر بناءً على قيمة الإنتاج اليومي لكل قطاع اقتصادي. وأوضح البيان الذي أوردته وكالة الأنباء السعودية أن التقديرات الأولية أكدت أن العدوان الإسرائيلي أدى إلى الإضرار ب14 % من المباني والمنشات الفلسطينية, فيما ارتفع نصيب الفرد اليومي في القطاع من الخسائر إلى 13.1 دولار يومياً ليبلغ حجم الخسائر اليومية وفقا لعدد سكان غزة البالغ 1.45 مليون نسمة نحو 19 مليون دولار. وفي قطاع السياحة قال شبانه أن حجم الخسائر خلال اليوم الواحد في قيمة الإنفاق على قطاع السياحة بلغ حوالي 0.5 مليون دولار, لافتا إلى أن معدل البطالة في القطاع عشية العدوان وصل إلى 41.9 % بما يعادل 120 ألف عاطل, ومن المتوقع أن ترتفع النسبة إلى 62.2 % من مجموع المشاركين في القوى العاملة بسبب العدوان على غزة. وعن الخسائر البشرية قال رئيس الإحصاء الفلسطيني أن هناك أكثر من 920 شهيد سقطوا حتى أمس بحاجة إلى إعالة وإعانة لما تبقى من أسرهم وحوالي 4300 جريح بحاجة إلى إعادة تأهيل وإعانة لهم وبالمجموع تقدر التعويضات وإعادة التأهيل للخسائر البشرية بحوالي 24 مليون دولار سنوياً. ومع ارتفاع نسبة الدمار في البنية التحتية للقطاع طالب نبيل عمرو مندوب فلسطين الدائم لدى جامعة الدول العربية وسفيرها بالقاهرة بإدراج "إعادة إعمار غزة" على رأس أولويات قمة الكويت الاقتصادية المقرر عقدها بالكويت يومي 19 و20 يناير الجاري. وأكد المسئول الفلسطيني أن السلطة الوطنية الفلسطينية تفضل أن يتم مناقشة موضوع إعادة إعمار قطاع غزة الذي يتعرض لتدمير إسرائيلي كبير ضمن جلسة تخصص لهذه القضية ليجري فيها التركيز على حجم الدعم وآلياته خلال الفترة المقبلة". من جانب أخر, حذر مدير عمليات وكالة الأممالمتحدة لغوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين "الأنروا" في غزة جون جينج أمس من احتمال تفشي أوبئة مثل الكوليرا وحدوث كوارث بيئية بسبب افتقاد الماء والكهرباء في القطاع. وقال جينج في مؤتمر صحفي عبر وصلة فيديو من غزة "هناك مخاوف واقعية تماما في الوسط الطبي في غزة حول تفشي أوبئة ما, ربما الكوليرا أو أي وباء آخر بسبب نقص المياه". وأشار إلى أن نحو نصف مليون نسمة من أهالي غزة لا يملكون أي إمدادات مياه جارية منذ نحو أسبوع بسبب القتال الدائر "ونعلم أين وقعت الاضرار وما الاعمال التي نحتاج القيام بها لكن ليس هناك مجال لإصلاح البنى التحتية الخاصة بالمياه وفترة الهدنة الاسرائيلية التي استمرت ثلاث ساعات فقط لم تكن كافية للقيام بأي إصلاحات". وأضاف قائلا "نحن قلقون لأقصى الحدود من أن نصف مليون نسمة لا يملكون أي مياه جارية في منازلهم منذ أسبوع وخاصة في مدينة غزة كما أن نظام الصرف الصحي انهار وليس من الممكن إصلاحه كذلك بسبب القتال وهو ما يعني ان ملايين الليترات من مياه الصرف الصحي غير المعالجة يتم رميها في البحر وهذا سيكون له تأثير بيئي ليس فقط على غزة بل على البحر المتوسط عموما". ونقلت وكالة الأنباء الكويتية قول جينج أن محطة توليد الطاقة في غزة تعمل بصورة جزئية بسبب افتقاد الوقود وتنتج حاليا 40 % فقط من قدرتها الكهربائية "وهذا أمر مهم لتزويد المستشفيات بالكهرباء". وحول الوضع المتوقع للاقتصاد الفلسطيني خلال 2009, أكد الدكتور محمد اشتيه رئيس المجلس الاقتصادي الفلسطيني للتنمية والإعمار " بكدار" أن العام الجاري سيكون عاما صعبا اقتصاديا على الشعب الفلسطيني والسلطة الوطنية الفلسطينية اذا استمرت اسرائيل في عدوانها واجراءاتها التعسفية بحق الشعب الفلسطيني خاصة في ظل توقعات بان تقل المساعدات التي تقدمها الدول المانحة للسلطة الوطنية في ظل استمرار الأزمة المالية التي تعصف بالعالم. وجاء على رأس الإجراءات التعسفية التي أقدمت عليها سلطات الاحتلال إلغاء الكود الجمركي لقطاع غزة، وهو رقم دولي يتم من خلاله السماح بمرور البضائع عبر الأراضي الإسرائيلية، وهو ما يعني عدم قدرة المستوردين على استيراد أية بضائع وهو ما ألحق الضرر المباشر بالمنتجين والمواطنين بعد أن أدى إلى توقف أكثر من 3500 مصنع عن العمل، ليضيف أكثر من 120 ألف شخص إلى صفوف البطالة في فلسطين. وكذلك منعت الغازات السامة التي تستخدمها الطائرات الإسرائيلية الفلسطينين في القطاع من استغلال أراضي المستعمرات الصهيونية في غزة التي تركتها إسرائيل بعد الانسحاب، كما فشلوا في الاستفادة من حقول الغاز المكتشفة في القطاع قبل سنوات بعد أن منعت إسرائيل دخول شركات النفط لاستخراج الغاز واستغلاله. وأدت عمليات الإغلاق والحصار الإسرائيلي المستمرة إلى أزمة في وصول معظم احتياجات غزة من الغذاء التي تبلغ 600 طن من القمح و72 طنًا من الأرز و43 طنًا من الزيوت و6 أطنان من الشاي و230 طنًا من الحليب يوميا. وتراجع متوسط دخل الفرد إلى أدنى مستوياته منذ عام 2000 حيث كان يبلغ 1800 دولار، وبات أكثر من ثلثي المجتمع الفلسطيني في القطاع يعيش تحت خط الفقر بعد أن ارتفعت نسبة الإعالة مع ازدياد نسبة البطالة وتجاوزها 75%. كما أن قطاع مياه الشرب والمياه العادمة مهدد بالانهيار، إذا استمرّ الحصار، وفي هذا الإطار يحذر مدير مجموعة الهيدرولوجيين الفلسطينيين التي تعنى بمصادر المياه ومعالجتها من وقوع كارثة بيئية مؤكدة بمختلف أحواض الصرف الصحي الموجودة في جميع أنحاء القطاع، ونقص مياه الشرب نتيجة عدم توفر قطع غيار لصيانة الآلات والمعدات اللازمة لآبار المياه ومحطات ضخ مياه الصرف الصحي. قدر مختصون اقتصاديون في الأراضي الفلسطينية الخسائر اليومية الناجمة عن الإغلاق الإسرائيلي للمعابر في قطاع غزة بأنها تزيد على مليون دولار يوميًا، وهذا ما أدى لتفاقم الأزمات الاقتصادية في البلاد و تراجع الناتج المحلي للقطاع بنسبة 60 %. وقدرت خسائر قطاع النسيج والخياطة في القطاع بنحو 2.6 مليون دولار، وتقدر قيمة خسائر قطاع الصناعة والزراعة بشكل عام في قطاع غزة بنحو 28 مليون دولار. وقد رافق هذه الأزمات في قطاع غزة ارتفاع أسعار كبير للسلع، فإغلاق المعابر التجارية بالكامل منذ منتصف يونيو من العام الماضي 2007، أدى إلى تزايد فقدان السوق المحلية في قطاع غزة للكثير من السلع والبضائع والمواد الخام، وهو ما أدى إلى إشتعال أسعار الغذاء والملابس والأجهزة الكهربائية ارتفاعًا تدريجيًا ملحوظًا. ووصلت معدلات البطالة إلى نحو 75% من قوة العمل وكذلك انتشرت حالات الفقر المدقع بين أكثر من ثلثي سكان القطاع، وهناك دراسات أخرى تشير إلى أن الأوضاع أكثر مأساوية في المخيمات الثماني نظراً للكثافة السكانية العالية فيها. وفي ظل تلك الارقام المخيفة يبقى السؤال ما هي قدرة السلطة الوطنية الفلسطينية على تجاوز الازمات المالية والداخلية والاقتصادية بعد كل هذا وهنا يقول الدكتور محمد اشتيه "بدون ادنى شك السلطة قادرة في بعض الجوانب ولكن حقيقة بدون اموال المانحين فان السلطة تعيش في حالة عجز في موازنتها وصل عام 2008 الحالي 1,8 مليادر دولار بينما العالم قدم مساعدات مالية 1.4 مليار دولار وبالتالي في العام الحالي لن نستطيع في كل الاموال المقدمة ان نسد الرواتب". ويوضح اشتيه ان التحدي الحقيقي امام السلطة ان تتمكن من دفع الرواتب الشهرية وكافة التزاماتها المالية تجاه الشعب الفلسطيني والتي تصل الى 220 مليون دولار وبدون المساعدات الدولية سيكون لدينا مشكلة مالية حقيقية ذا انخفضت المساعدات والسبب ان وتيرة الاقتصاد الفلسطيني لم تنهض بمعنى لا توجد استثمارات جديدة في الاراضي الفلسطينية من قبل القطاع الخاص وبالتالي فن حجم التشغيل لا يزال منخفضا وان البطالة في الضفة الغربية وصلت إلى نسب خطيرة.