القارة "المهملة" أقوى الوجهات المرشحة للاستثمار حول العالم محيط – زينب مكي
خريطة قارة افريقيا في الوقت الذي لم تعد أسواق الدول المتقدمة آمنة للاستثمار بما يكفي وهو ما ظهر جلياً خلال الأزمة المالية العالمية، اتجه المستثمرون للبحث عن وجهات أخرى أكثر أمناً واستقراراً، وكانت الأسواق الناشئة الوجهة التي يؤمها الجميع، حيث بدأ المستثمرون في البحث عن البديل القادم، لتصبح أفريقيا من أقوى المرشحين لما توفره من فرص كثيرة، وما تمتلكه من الإمكانيات والقدرات المدفونة التي ليست في غيرها من القارات الأخرى.
وبالفعل حلت أفريقيا مؤخراً في المرتبة الثانية من حيث الاستثمارات العالمية بعد الأسواق الناشئة في كل من أميركا اللاتينية وآسيا، وبعد بختام فعاليات كأس العالم لكرة القدم التي أقيمت مؤخرا في جنوب أفريقيا، يبدو أن هناك بوادر صحوة بين أفراد المجتمع الاستثماري العالمي نحو مقدرات تلك القارة.
تسابق المؤسسات البحثية
ووفقا لما نشرته ال"فاينانشيال تايمز" راحت المؤسسات الاقتصادية والاستشارية تتسابق في إصدار التقارير والتحليلات التي تؤكد هذا الاتجاه، ومنها: نشرت مجموعة "بوستون" الاستشارية مؤخراً تقريرًا بعنوان "التحديات الأفريقية"، تقول فيه إن التحديات العالمية تنبع من القارة "المهملة"، كما نشرت مؤسسة "ماكينزي" الاستشارية تقريراً آخر باسم "الأسود الأفريقية" يدور حول نفس الفكرة تقريبا.
وذكرت ال"فاينانشيال تايمز" أنه في أعقاب الكساد الاقتصادي الذي استشرى في أفريقيا في العقدين الماضيين، تمكنت القارة من تحقيق نموا سنويًا في الناتج الإجمالي المحلي بلغ نحو 4.9% خلال الفترة بين 2000 إلى 2008.
ويبلغ الناتج المحلي الإجمالي لكل دول القارة في 2008، نحو 1.600 مليار دولار، وهو ما يساوي الإنتاج المحلي للبرازيل، أو روسيا، كما بلغ إجمالي إنفاق المستهلك للقارة نحو 860 مليار دولار.
الزراعة في أفريقيا الصناديق المحلية
وبالرغم من الأوضاع الاقتصادية القاسية التي تعاني منها القارة، نجحت الصناديق الأفريقية المحلية في جذب أموال وصلت إلى 484 مليون دولار في النصف الأول من 2010، كما بلغت أموال الصناديق المخصصة للاستثمارات نحو 1.39 مليار دولار.
ويعتبر التوقيت الحالي نقطة تحول في تاريخ أفريقيا من حيث استمرارية الاهتمام، وهذه التغيرات تعود لتغير إدراك العالم للقارة، وفي هذا الصدد يقول أحد التقرير "إن الوقت الذي ينبغي أن يلتفت فيه مديرو الشركات العالمية والمستثمرون نحو القارة، قد حان بالفعل".
آراء كبار الخبراء
ومن جانبه، يقول كوفي فيفور من نادي كوسونتو، وهو اتحاد لمديري الشتات يعمل على ترقية الاستثمارات والتغييرات من خلال القطاع الخاص في أفريقيا "فتح كأس العالم بوابة واسعة من الفرص، يتم من خلالها إلقاء الضوء على أفريقيا، ولإعادة اكتشافها، واكتشف العالم انه كان ينظر لهذه القارة بعدسات قديمة غير واضحة الرؤية".
ويتفق كريس ديركسين مدير الأسواق البينية في "إنفيست تيك"، مع وجهة النظر المتعلقة بالمفهوم الخارجي القديم، قائلاً "لم يتغير أي شيء في القارة نفسها، والآن جاء الوقت المناسب للبدء في الاستثمار في أفريقيا في العشر سنوات القادمة أو نحوها".
ومن جانبه، توقع رئيس الوزراء البريطاني السابق غوردن براون نمو اقتصاد الدول الإفريقية الفقيرة بحوالي 5% هذا العام مقارنة بالدول الغنية المتوقع نمو اقتصادها بحوالي 2%، قائلا "إن القارة السمراء جاء عليها الدور لتقود مسيرة الانتعاش الاقتصادي في العالم وبدونها لا يمكن للاقتصاد العالمي أن يشهد طفرة النمو.
دعم المجتمع الدولي
الثروة النفطية الكامنة واكد براون أن "القارة السمراء تحتاج إلى دعم من المجتمع الدولي" مشيرا إلى أن أفريقيا تمتلك عدد من الإمكانيات والقدرات المدفونة التي ليست في غيرها من القارات الأخرى، لافتا إلى أن الطريق الأسرع للاندماج الاقتصادي بين السوق الأفريقية المحلية وبين الدول الأخرى يكون من خلال تسهيل عمليات الاستثمار ودعم البنية الأساسية.
ويقول سونال بانديت مدير صندوق الأسهم الأفريقية في "جي بي مورجان" لإدارة الأصول "أصبحت الأسواق الناشئة في السنوات القليلة الماضية الوجهة التي يؤمها الجميع، وبالمعرفة الكافية التي كسبها المستثمرون عنها، بدأوا في البحث عن البديل القادم، لتصبح أفريقيا من أقوى المرشحين لما توفره من فرص كثيرة".
وعن مستقبل القارة السمراء، فتشير التقارير إلى التحسن الذي سيطرأ على البني التحتية، موضحة أن أن نمو الناتج المحلي الإجمالي السنوي الذي بلغ 6%، لم يكن ببنى تحتية ،كما تبدو الخريطة السكانية مبشرة للغاية، حيث انه وبحلول العام 2050، سيكون ثلث شباب العالم تحت سن الخامسة والعشرين، من أبناء هذه القارة.
الثروة الكامنة
كما كشفت دراسة بحثية أعدتها شركتا "أفريكا انفستور" و "أفريكا جروب" للأبحاث الاستثمارية أن إفريقيا لديها 1.7 تريليون دولار من الثروة الكامنة والإنتاج في قطاعات مثل الزراعة والسياحة والمياه، مما يشير إلى مجالات جديدة للاستثمار تتخطى السلع الأولية.
وقالت الدراسة إن هذه الموارد الكامنة تمثل سوقا إضافية حجمها762.4 مليار دولار، موضحة بأن الناتج المحلي الإجمالي في القارة السمراء، التي تعد إحدى أسرع المناطق نموا في العالم، لقي دعما من ثروة ضخمة من الموارد الطبيعية في الأعوام القليلة الماضية.
احد المناجم الأفريقية ومن جانبها، ذكرت دراسة لمعهد "ماكينزي جلوبال" أن النمو القوي في إفريقيا سيستمر بوتيرة سريعة، وأنه لا يمكن للمستثمرين أن يتجاهلوا إمكانيات القارة السمراء التي لا تقتصر فقط على السلع الأولية، وقدرت الدراسة أيضا امتلاك إفريقيا لمخزونات قابلة للاستخراج من النفط الخام والغاز والفحم واليورانيوم تتراوح قيمتها من 13 إلى 14.5 تريليون دولار.
مشاكل ومعوقات
وعلى الجانب الأخر ، تعيش في أفريقيا من الأسر متوسطة الدخل ما يفوق الهند، وهي تعاني من فقر في خدمات الاتصالات، والسلع الاستهلاكية، والخدمات المالية، وفي الوقت نفسه، هناك بعض الدول الأفريقية التي لا تبعث سبل الحياة فيها على التفاؤل، ما يؤكد انه مهما يكن من التفاؤل، ليس من السهل الاستثمار في أفريقيا، فنجد أن أسواق المال لا تتمتع بالأموال الكافية، كما أن الحصول على المعلومات غاية في الصعوبة، بالإضافة إلى التباين الكبير الذي تتصف به القارة.
