الكويت: في الوقت الذي استقطبت فيه الدول العربية حوالي 89.2 مليار دولار من الاستثمارات الأجنبية المباشرة خلال العام الماضي 2008 وفقا لبيانات توافرت عن 17 دولة عربية، مقابل 74 مليار دولار تم استقطابها في عام 2007 بحسب بيانات 21 دولة عربية، توقع تقرير عربي حديث أن تتراجع تدفقات الاستثمار الأجنبي المباشر في الدول العربية بنسبة 30% خلال العام الحالي 2009. وعزى التقرير الصادر عن المؤسسة العربية لضمان الاستثمار وتأمين الصادرات ذلك التراجع إلى 4 عوامل رئيسية هي تباطؤ نمو الاقتصاد العالمي واضطراب الأسواق المالية وتراجع الصادرات وانحسار تدفقات الاستثمار الموجه حتى الآن. ولم تحدد المؤسسة التي تتخذ من الكويت مقرا لها نسبة معينة لتراجع تدفقات الاستثمار الأجنبي المباشر في البلدان العربية، لكنها ألمحت إلى أن التوقعات المبدئية للتراجع الإجمالي للاستثمارات المباشرة العالمية بلغت نسبته 30% العام الحالي 2009. وذكرت المؤسسة في التقرير الصادر بعنوان "مناخ الاستثمار في الدول العربية" أن هناك شدة في انحدار منحنى تراجع الاستثمار الأجنبي المباشر، لكنها ربطته بدرجة مدى عمق وانتشار وفترة بقاء الركود العالمي. وأكدت المؤسسة أن العوامل العالمية تضيف للتوقعات صعوبة جديدة نظرا إلى أهمية تلك النوعية من الاستثمارات لتحقيق نمو متوسط وطويل المدى للاقتصاد العالمي. وكشفت المؤسسة أن تباطؤ الاقتصاد في الدول المتقدمة وتحقيقه معدلات نمو سالبة كأحد المصادر الأساسية لتدفقات الاستثمار الأجنبي المباشر الواردة إلى الدول العربية في السنوات الأخيرة، يمثل أحد العوامل التي بنت عليها التوقعات، إضافة إلى تراجع حصيلة التدفقات الصادرة في الدول العربية النفطية بما قد يؤثر في تدفقات الاستثمارات العربية البينية باعتبارها أحد مكونات إجمالي تدفقات الاستثمار الأجنبي المباشرة الواردة إلى المنطقة. وأضاف التقرير أن من بين العوامل احتمال اضطراب الأسواق المالية الدولية والعربية بما يسهم في أجواء عدم التيقن التي تحيط بقرارات الاستثمار المتوسط والطويل المدى ويؤدي إلى إرجاء المزيد من المشاريع في المنطقة العربية، خصوصا في البنية الأساسية والنفط والقطاع العقاري. وجاء ثالث تلك العوامل تراجع تدفقات الاستثمار الأجنبي المباشر الموجه إلى قطاع الموارد الطبيعية في الدول العربية النفطية، وخصوصا قطاع النفط والغاز والتعدين، وهو ما قد يؤدي إلى تراجع المشاريع الاستثمارية التي كان مخططا تنفيذها بغرض زيادة الإنتاج النفطي وتم تأجيلها نتيجة انخفاض الطلب العالمي على النفط وتراجع أسعاره. ولكن التقرير تنبأ في الوقت ذاته بامكان أن تدفع هذه العوامل إلى إيجابيات أخرى، حيث يمكن أن تكون حافزا على بذل الجهود للاستثمار في انتهاج السياسات التحررية والمحافظة على جاذبية المناخ الاستثماري بهدف الاستحواذ على الحصة الكبرى من الاستثمارات المتاحة. وأفاد التقرير أن مجموعة الدول العربية وفقا للبيانات الحالية لم تتأثر بعد بتداعيات الأزمة المالية التي بدأت عام 2007 واشتدت وطأتها في أغسطس العام الماضي في ما يخص قدرتها على اجتذاب الاستثمار الأجنبي المباشر. وعزت المؤسسة هذا الأمر إلى وجود عوامل جذب داخلية وخارجية، منها إضافة مرونة في التشريعات الخاصة بالاستثمار، خصوصا في قطاع الخدمات، والتزام كثير من الدول العربية باستكمال برامج التحول إلى الملكية الخاصة (الخصخصة) مع التركيز على مواصلة الجهود الإصلاحية. وعلى صعيد أخر جادل مسؤولون وخبراء اقتصاديون، حول مدى تأثير الأزمة الماية العالمية على الدول العربية، حيث أشاروا إلى أن ذلك الجدل جاء نتيجة غياب المعلومة الدقيقة والرسمية. وفي هذا الصدد قال الدكتور عبد الرحمن التويجري، رئيس مجلس هيئة سوق المال السعودية، إنه لا يستطيع أحد تحديد الأرقام المستثمرة في الخارج، وأن يحدد ما هي الخسائر، واصفا تلك المعلومات بأنها في علم الغيب. وبيّن التويجري أن كل ما طرح خلال الفترة الماضية قائم على الافتراض، مؤكدا أن الانخفاض لا يقتصر على دول الخليج فحسب، وإنما على جميع الاستثمارات في دول العالم، التي سجلت انخفاضات متفاوتة.