لندن: صدر كتاب " بسمارك.. قصة حياة" الذي كتبه جوناثان شتاينبرغ المؤرخ الأكاديمي عن الزعيم والسياسي الألماني الشهير "أوتوفون بسمارك" عن مطبعة جامعة أكسفورد، لندن،?2011، في 577 صفحة. يعد هذا الكتاب وفق عرض محمد الخولي في صحيفة "البيان" الإماراتية دراسة تحليلية مسهبة التفاصيل كتبها الذي دخل تاريخ بلاده والعالم أيضا بوصفه البطل المؤسس للإنجاز الوحدوي الذي تحولت به ألمانيا من ?39 كيانا مستقلا ذا سيادة حيث أصبحت دولة فيدرالية مرهوبة الجانب وقادرة منذ توحدها في ستينات وسبعينات القرن التاسع عشر، على أن تدخل عالم القرن العشرين بوصفها كيانا متطورا في مجالات الصناعة ومضمار التحديث ودنيا الإبداع الفني والبناء الثقافي. لقد نشر كيسنجر مؤخراً عرضا تحليليا لهذا الكتاب، سواء بوصف بسمارك وزيرا رئاسيا لألمانيا منذ تعيينه في ستينات القرن ?19، أو بوصفه المهندس الأول لتجربة الوحدة الألمانية التي خاضت غمار الأحداث التاريخية عبر سنوات خلت من القرنين التاسع عشر والقرن العشرين: ما بين نجاح التجربة الوحدوية إلى تحمّل ويلات حربين عالميتين (?1914 و?1939) إلى تقسيم ألمانيا الموحدة سابقا في دولتين إلى الشرق والغرب ثم إلى لحظة باهرة أخرى شهدها بالذات عام ?1989، حيث سقط الجدار الفاصل بين شطري برلين العاصمة ومن ثم عادت ألمانيا الموحدة إلى خارطة أوروبا لتستعيد مكانتها ودورها ولتصبح موضوعيا أقوى كيان اقتصادي في وسط القارة الأوروبية وفي غربها على السواء. كان بسمارك، كما يوضح الدكتور كيسنجر، في تحليله لهذا الكتاب أقرب إلى عالم الفيزياء، بمعنى أنه كان يتناول المشكلة السياسية ، ويخضعها إلى مقاييس الدرس والاختبار والتحليل الموضوعي ثم يخرج منها بعدد من الخيارات المطروحة بشكل متوازن يستعرضه على البارد كما يقولون. ?28 عاماً أمضاها أوتوفون بسمارك في موقع الوزير الأول، المستشار لألمانيا، التي تسلمها دوقيات ودويلات مشتتة ثم كافح من أجل بنائها إلى حيث أصبحت دولة كبرى وموحدة. وبحسب "البيان" يقول المؤلف: إذا ما عاودنا الإطلالة على سيرة الرجل، من منظورنا في الوطن العربي والعالم الثالث ، لحمدنا له أنه لم يورط بلاده بالمشاركة في المد الإمبريالي الذي كان "موضة" شائعة في زمانه ، وخاصة من جانب جيرانه في أوروبا الغربية ، فرنسا وانجلترا على وجه الخصوص ، بل يحسب له أن رفض صراحة أن يرسل قوات لاستعمار افريقيا مؤكدا أن بناء ألمانيا الموحدة هو مشروعه الوحيد.