لندن: أفرز كتاب ريبيكا سكلوت الجديد "الحياة الأبدية لهنريتا لاكس" الصادر عن دار كراون للنشر فبراير 2010 والذي تصدر مبيعات الكتب في قائمة ال"نيويورك تايمز" لأكثر الكتب مبيعا في الولاياتالمتحدة، هذا الأسبوع كثير من هذه القضايا الأخلاقية الشائكة. حيث يقول الكتاب أنه لا يلقي أي منا بالا لذلك الكم الكبير الخلايا التي تفقدها أجسامنا كل يوم، لكن تخيل أن أحدا ما حصل على بعض خلاياك، والحمض النووي الذي تحتويه، واستخدمها لعلاج مرض، أو نجح بصورة ما في ربح الكثير من المال من ورائها. توفيت هنريتا لاكس، ابنة مزارع التبغ الأمريكية المتحدرة من أصل أفريقي، التي ولدت عام 1920، وكانت تعيش مع أولادها الخمسة وزوجها، عام 1951 بعد إصابتها بسرطان عنق الرحم. لكن جزءا من جسد لاكس واصل الحياة، إذ أقدم الأطباء من دون علمها على إزالة جزء من الورم من أجل أغراض البحث، وثبت فيما بعد أن لدى الخلايا السرطانية قدرة كبيرة على الصمود والتحمل، وفي إمكانها الانقسام والتكاثر إلى ما لا نهاية، ما دامت توافرت لحياتها قلة قليلة من المواد المغذية. ومن ثم، قدمت هذه الخلايا الخالدة، التي لم يكن أحد قد سمع عنها في ذلك الوقت، معينا لا ينضب للأطباء من الخلايا الخام، وفرصة لمواصلة التجارب على الخلايا ذاتها، ما دامت الحاجة إليها قائمة. وهكذا، خلال فترة نصف القرن التالية، تركت خلايا هنريتا لاكس، آثارا باقية على العلم، فقد قدمت، على سبيل المثال، وسيلة سهلة ورخيصة لاختبار لقاح شلل الأطفال، وساعدت على تطوير الوسائل التي جعلت من النعجة المستنسخة "دوللي" حقيقة واقعة. بل إن هذه الخلايا سافرت إلى الفضاء لكي يتمكن العلماء من التعرف إلى تأثيرات انعدام الجاذبية على الخلايا البشرية، وبالتالي تحول الاهتمام بخلايا لاكس إلى ما هو أكثر من مجرد المعرفة. على الرغم من هذا كله، ذكرت سكلوت، كما نقلت عنها صحيفة "الشرق الأوسط" اللندنية أن عائلة لاكس لم تكن على علم حتى سبعينات القرن الماضي بالانتصارات العلمية والتجارية لحمضها النووي، والحقيقة المرة أن بعض أبناء عائلة لاكس لا يملكون تأمينا صحيا. تقول سكلوت - بحسب المصدر نفسه - إن العلماء يخشون من المشكلات التي تنجم عن فقدانهم السيطرة على المعلومات، والتحكم في طريقة الإعلان عنها أمام العامة، فربما يعترض المرضى ضد مشاريع الأبحاث التي تستخدم فيها خلاياهم، نتيجة للمخاوف الأخلاقية أو خشية مطالبتهم بعائدات مادية. إلا أنه على الجانب الآخر من المعادلة، يشعر أبناء هنريتا لاكس وأحفادها بأن المجتمع العلمي أهملهم مقابل جنْيه فوائد عظيمة من خلاياها، وترك عائلة صاحبة الخلايا لمصيرهم من دون شيء.