صدر مؤخرا عن الدار العربية للعلوم ناشرون ودار كلمة كتاب "الصين في أفريقيا: شريك أم منافس؟" للكاتب الإنجليزي كريس ألدن، ترجمة عثمان الجبالي المثلوثي. ووفقا لعبدالله أحمد بصحيفة "الجريدة" يبحث الكتاب في العلاقات الناشئة بين الصين وأفريقيا لتحديد ما إذا كانت هذه العلاقة ستتخذ شكل شريك في التنمية، أم منافس اقتصادي أم نوع آخر من الهيمنة. يسلط الكتاب الضوء على دور الموارد والثروات كحافز، وموقف الأيديولوجيا المتبقي، والشركات الدولية المملوكة للدولة الصينية، ومساعدات الصين الخارجية، إضافة إلى ظهور الجاليات الصينية المهاجرة في جزء من أفريقيا. في الوقت نفسه، يتناول الكاتب ردود الفعل الأفريقية تجاه سياسة الصين الخارجية وتواجدها، مع التركيز على تأثير نمط الأنظمة الأفريقية والاقتصاد السياسي كدليل لفهم ردود فعلها تجاه الصين كقوة ناشئة. يرى المؤلف أن سرعة وتيرة التغير في العلاقات الصينية- الأفريقية أثارت جدلاً كبيراً في دوائر صنع القرار وبين صفوف الأكاديميين في أفريقيا وأوروبا والولايات المتحدة أخيراً. وتستند تحليلات كثيرة متوافرة حول دور بكين الجديد في القارة إلى ثلاثة آراء فكرية متناقضة يمكن تلخيصها في كون الصين «شريكاً في التنمية» أو «منافساً اقتصادياً» أو «بلداً مستعمراً». يعتبر التأويل الأول أن تغلغل الصين في أفريقيا جزء من التزام استراتيجي طويل المدى تجاه القارة: التزام تدفعه حاجتها الاقتصادية الخاصة؛ والتزام لنقل تجربتها التنموية إلى القارة ورغبة منها لبناء شراكات تعاونية فاعلة عبر العالم النامي. أما التأويل الثاني (الصين منافس اقتصادي) فيرى أن الصين معنية في عملية قصيرة المدى «بالاستحواذ على الثروات»، وأنها تشبه نظراءها الغربيين في كونها لا تهتم كثيراً للحاجات والهموم المحلية سواء أكانت تنموية، بيئية أو في ما يتعلق بقضايا حقوق الإنسان. وباقترانها مع وسائل صينية ضرورية للتصنيع والتجارة، توحي هذه المقاربة بأن مكاسب التنمية الأفريقية تواجه تحدياً إن لم نقل تقويضاً بسبب قدرة الصين التنافسية. ويؤكد التأويل الثالث (الصين بلد مستعمر) أن ارتباط الصين بأفريقيا جزء من استراتيجية طويلة المدى هدفها إزاحة توجهات القارة التقليدية نحو الغرب من خلال إحداث شراكات مع النخب الأفريقية تحت مسمى التضامن مع الجنوب. من هذه الناحية تسفر هذه العملية بالنهاية عن نوع من السيطرة السياسية على الأقاليم الأفريقية. من وجهة نظر الكاتب، الصين شريك أفريقيا الفعلي، وهي الأكثر ثباتاً في القارة. ومنذ قيام جمهورية الصين الشعبية إلى الآن، اتبعت الحكومة الصينية سياسة خارجية متماشية مع مصالح الأفارقة وحاجاتهم إلى درجة كبيرة وأكثر من أي دولة خارجية أخرى. وربما ساعد في ذلك بُعد المسافة الجغرافية والمركز الاقتصادي، إلا أن الأمر لا يبقى حقيقة تاريخية. هذا لا يعني أن سياسة الصين تجاه أفريقيا لم تكن منسجمة مع مشاكلها الجيو- استراتيجية، مثل التنافس الصيني- السوفياتي أو سياستها الرامية إلى «صين واحدة»، بل بالأحرى أن بكين حتى في هذا السياق كانت قادرة على متابعة نهج عكس الأهداف المشتركة المناهضة للاستعمار والتطلعات التنموية. وفي الوقت نفسه، يبدو دور الصين في أفريقيا اليوم أكثر عمقاً مما كان في الماضي ويواجه تحديات ظهرت مع زيادة تعقيد العلاقات وتشعبها.