صدر عن دار روافد للثقافة والفنون كتاب "سميراميس: ملكة آشور وبابل" للكاتب والباحث الإيطالي جيوفاني بيتيناتو، ترجمة عيد مرعي. ووفقا لعبدالله أحمد بصحيفة "الجريدة" الكويتية يشير المترجم الى أن المعلومات المتاحة بالعربية عن سمُّورامات أو سميراميس مصدرها الأساطير الإغريقية التي قدمتها على أنها شخصية خارقة تصنع المستحيلات. وبالتالي فإن ما كتب عنها يحمل صفة غير واقعية، لذلك تأتي ترجمة هذا الكتاب لتعطي صورة حقيقية عن تاريخ هذه المرأة المتميزة التي أدت دوراً بارزاً في تاريخ الأمبراطورية الآشورية الحديثة في أواخر القرن التاسع قبل الميلاد. بعد سقوط زوجها شمشي أدد الخامس في معركة ضد بابل، تسلمت سميراميس السلطة في آشور، عوضاً عن ابنها القاصر أدد نيراري الثالث، وحكمت خمس سنوات (811- 806 ق.م)، تمكنت خلالها من إدارة دفة الحكم ببراعة نادرة، والحفاظ على النفوذ الآشوري. وسلمت السلطة لابنها بعد بلوغه السن التي مكنته من اعتلاء العرش الآشوري. تؤكد الدراسة أن سميراميس كانت سورية من أصل آرامي، ونظراً الى نجاحها في إدارة شؤون الدولة الآشورية وتنفيذ مشاريع عمرانية مختلفة، ذاعت شهرتها في معظم أرجاء العالم القديم، وحاول كل شعب الادعاء أنها تنتمي إليه. فالبابليون قالوا إنها بابلية، والإيرانيون قالوا إنها إيرانية، والأرمن نسبوها إليهم. ويبرز المؤلف محاولة سميراميس في المجال الديني إدخال عبادة الإله البابلي نابو إلى بلاد آشور، وتشييد بعض المعابد له، في محاولة منها لإيجاد تقارب روحي بين الآشوريين والبابلين، لكن هذه المحاولة فشلت، وبقيت روح العداء هي السائدة بين الشعبين. يفيد الباحث بأن سميراميس سحرت عدداً كبيراً من الناس، بسبب تلك الصفات التي لخّصها المؤرخ أولمستد بقوله: "الأجمل والأقسى والأقوى والأحيل بين ملكات الشرق". ولهذا دارت حولها أحاديث كثيرة ونُسبت إليها أعمال مدعاة للفخر كالحروب وتأسيس المدن، وبناء بابل المدينة الشهيرة بحدائقها المعلقة. وهذا الادعاء الأخير جعل باحثي العصور القديمة ينقسمون إلى قسمين، قسم يرى أن سميراميس هي بانية هذه المنشأة الرائعة، وآخر يعتبر أن مثل هذا الادعاء غير صحيح تاريخياً، وأن الحدائق المعلقة الرائعة هي من عمل حكام آخرين. ويضيف الكاتب أنه ُسبت أيضاً لسميراميس أعمال سيئة مثل خصي الأطفال واللواط. يروي المؤلف - وفق "الجريدة" - أن موت الزوج شمشي أدد المبكر تحت أسوار بابل، وعمر الإبن الصغير أدد نيراري ولّدا فراغاً مفاجئاً في السلطة في بلاد آشور، فحلّت سمورامات مكان زوجها القتيل بسرعة، وقضت وهي على رأس الجيش الآشوري، على التمرد البابلي. وقد أقنع هذا التصرف السريع والسديد المجتمع الآشوري، المعتمد كلياً على الرجل، بأن سمورامات قادرة على قيادة البلاد في هذه الساعة الصعبة، فمنحها كبار رجالات الدولة، خصوصاً نائب القائد العام، والمفتش الكبير، وكبير السقاة، ومنادي القصر، ثقتهم ودعمهم. ويشير إلى أن حكمة هذه المرأة، التي وصلت بمحض الصدفة إلى أكثر عرش رهبةً في الشرق القديم، تظهر في حذرها الذي مارسته في السلطة، فقد تخلت عن إصلاحات محرجة قد تثير الدوائر التقليدية، فمارست نفوذها بهدوء. يذكر المؤلف أن تأثير سمورامات لم يتوقف مع انتهاء مدة حكمها، بل استمرت في التدخل بشؤون الدولة حتى بعد أن أصبح أدد نيراري ملكاً. ولأنها هي من عيّن مجالس الكبار في الأمبراطورية، وحكام المقاطعات، فإن سياستها استمرت في التأثير لمدة طويلة، وبقي ظلها على الإبن حتى وفاتها عام 785ق.م.