يتذكر جورج تينيت فى كتابه "فى قلب العاصفة: سنواتى فى السي آي إيه" بالاشتراك مع بيل هارلو، السنوات السبع التى قضاها مديرا مباشرا لوكالة المخابرات المركزية. الغرض الرئيسى من كتاب تينيت هو القول "إنّنا بطريقة ما أعددنا طبخة من صنعنا عن أسلحة الدمار الشامل العراقية" وأنّ ما حصل هو أننا أبلغنا الرئيس بوش بما فعلناه فى الغرض لأنه هو شخصيا كان يريد ذلك كمبرر لغزو واحتلال العراق. ووفقا لصحيفة "العرب" اللندنية يذكر تينت ان هانس بليكس رئيس فريق المفتشين الأمميين على أسلحة الدمار الشامل العراقية، لم يكن يعتقد أن الحرب حتمية وذلك حتى حصلت فعلا، ويتحدث تينيت ايضا عن دور كل من ريتشارد بيرل وبول فولفوفيتز وعن إصرارهما على إزاحة صدام حسين والقضاء على نظامه، ويروى كيف التقى ثلاثتهم بالرئيس بوش فى كامب دايفيد لتدارس الرد الأمريكى على هجمات 11 سبتمبر. وفى منتصف مارس 2003، وقبل أقل من أسبوع عن بداية الهجوم الأمريكي، بعث تشينى بخطاب إلى "السي آي إيه" يلتمس من خلاله التأكيد على وجود الصلة بين صدام والقاعدة، وهنا يذكر تينيت أنه اتصل بالرئيس هاتفيا وقال له إن تشينى يريد كلاما مفاده أن العلاقة ثابتة "بين القاعدة وصدام" وأن السي آي إيه ليس لديها ما يدعم ذلك؛ ومن ثمّ فهى وكأنها "حقائق وأدلة ثابتة". ويبدي تينيت فى مذكراته نفورا من التورط فى المسألة العراقية، موضحا انه كان لا بدّ من تصوير صدّام كمتمرد على القرارات الأممية وفريق التفتيش على أسلحة الدمار الشامل، وهو ما سوف يسوغ شنّ الحرب على الحرب ويجعلها تبدو معقولة لدى الرأى العام العالمي، وكانت تلك هى الاستراتيجية التى حرص البريطانيون على تسويقها للأمريكيين فى ربيع 2002. وبذل البريطانيون جهودا أخيرة لإقناع بوش بالحصول على قرار أمميّ ولكن إزاحة صدام كانت قد أصبحت خطة جاهزة للتنفيذ؛ وبالعمل العسكري، وبذريعة الربط بين أسلحة الدمار الشامل والإرهاب وهكذا انساقت المعلومات الاستخبارية وراء السياسة. وفى 8 نوفمبر، وافق صدام على عودة المفتشين، وعلى الفور ذهب هانس بليكس وفريقه إلى العراق وأخذوا فى تفتيش مئات المواقع دون أن يعثروا على شيء؛ وغضب البيت الأبيض من بليكس لأنه رفض التصريح بأن العراق ينتهك القرار 1441 القاضى بنزع أسلحته. ويذكر تينيت أنه نبّه بوش مرتين إلى زيف المعلومات الخاصة باليورانيوم، ولكن الرئيس ظل يصر على إدراج تلك المعلومات فى "التقدير الاستخبارى القومي" لشهر أكتوبر 2002 لإقناع الكونغرس بالتصويت لصالح الحرب، وكانت حكاية اليورانيوم سترد فى خطاب باول أمام مجلس الأمن لولا أنه حذفها فى آخر لحظة. فى الأثناء أخذت الهواجس تساور هانس بليكس وبدأ يشعر أن صدام حسين ربما سعى ثانية بعد 1991، إلى تطوير أسلحة دمار شامل؛ ولكن بعد عودة المفتشين برئاسته إلى العراق فى نوفمبر 2002 واستئنافهم لعمل التفتيش، أخذ بليكس يقتنع بخطأ ظنونه، وأن الأمريكيين صاروا يبحثون عن أى ذريعة لشن الحرب. وبعد سنوات ثلاث، وفى خطاب أمام جمعية مراقبة الأسلحة، ذكر بليكس أنه "لو كان أتيح لنا المضيّ قدما فى التفتيش لمدة شهرين فحسب، لكنا قد كشفنا عن كل المواقع التى حددتها لنا الأجهزة الاستخبارية ولعل الأممالمتحدة والعالم قد نجحوا فى نزع أسلحة العراق دون أن يدروا وكانت الخيبة من نصيب الأمريكيين".