التاريخ يؤكد أن مصر لم تزدهر اقتصاديا إلا فى العصر الإسلامي محيط – علي عليوة
عبد الرحيم ريحان شهدت البلدان الإسلامية في ظل الحكم الإسلامي وسيادة وتفعيل الشريعة الإسلامية نهضة اقتصادية كبيرة.
وفي تصريحات لشبكة الإعلام العربية "محيط " أوضح الدكتور عبد الرحيم ريحان مدير عام البحوث والدراسات الأثرية والنشر العلمى بسيناء ووجه بحرى أن الإسلام كان السبب الرئيس لنهضة المسلمين.
وهو ما يطرح قضية ضرورة العودة لتعاليم الإسلام وتفعيلها في حياتنا لتجاوز مرحلة الركود والتراجع الحضاري والاقتصادي التي نعاني منها حاليا .
وأشار إلي أن تجارة التوابل والفلفل والبهار والبخور والقرنفل كانت مفتاح السر فى التقدم الاقتصادي فى العصور الإسلامية وتحقيق الثروات العظيمة التى ساهمت فى ازدهار الحضارة الإسلامية .
وقد اشتد تهافت الأوربيون على هذه السلع وكان الفلفل فى أوربا يحل محل النقود فى التداول وقد شقت هذه التجارة طريقها فى عصر يلهبه الحماس الدينى ويهدده أخطار المواصلات البرية والبحرية وآفات الطبيعة.
ولكن تسامح المسلمين وتأمينهم للطريق ومكانتهم السياسية العظيمة فى هذه الفترة كانت سر نجاح تجارة البهار وقد أطلق على هذه التجارة اسم "تجارة الكارم" وقد تعددت محاولات تفسير هذه التسمية واتفقت على معناها وهى حرفة التجارة فى البحار
ولفت الانتباه إلي انه فى العصر الفاطمى (358-567 ه / 969- 1171م ) نجد لديناً مثلاً لأحد الدول الإسلامية وهى مصرحيث أدت سياسة التسامح التى سادت فى العصر الفاطمى على انتظام أرباب الحرف فى طوائف تجمعهم دون النظر إلى الاعتبارات الدينية .
لذلك لم تكن تجارة البهار حكراً على المسلمين وإنما شارك فيه أهل الذمة مع المسلمين والذين كانوا من رعايا الدولة الإسلامية وكان ينظر إليهم فى الشرق على أنهم عرب .
كما أدت سياسة التسامح التى انتهجها الفاطميون إزاء التجار الأوربيين إلى تسابق المدن الإيطالية إلى أسواق مصر وحصلوا منهم عن طريق المعاهدات على تسهيلات تجارية فى داخل البلاد سهلت التعامل مع تجار البهار وانعكست آثارها على جميع مظاهر الحياة وعم الرخاء الاقتصادى .
وبرغم تدهور أحوال البلاد فى عهدهم الثانى إلى أن اقتصادها لم يتأثر بسبب استمرار نشاط تجار البهار وقد ترك الخلفاء الفاطميون ثروات طائلة من الذهب والأحجار الكريمة فى خزائنهم وخزائن أمرائهم كما عاد هذا الرخاء على عامة الشعب المصرى وخاصة التجار .
ورغم تعرض تجارة البهار بين الشرق والغرب لحركة مقاطعة من دول أوربا التجارية زمن الحروب الصليبية لضرب اقتصاد مصر إلا أنه لم يكتب لها النجاح بسبب عدم مقدرة المدن الإيطالية على الاستمرار فى هذه المقاطعة لما تكبدته من خسائر.
واشار إلي أن تجارة البهار فى العصر الأيوبى (567-648ه /1171-1250م) شهدت انتعاشا بعد فشل حركة المقاطعة الأوربية وذلك لما قام به الأيوبيون من جهود لحمايتها وإقرار النفوذ المصرى فى البحر الأحمر .
وتصدى الأيوبيون لخطر القراصنة فى البحر الأحمر برصد سفناً من أسطولهم لهذه الغاية كما وفروا الأمن فى الطرق البرية بين موانئ مصر على البحر الأحمر وبين النيل وأقاموا لتجار البهار الفنادق الخاصة فى داخل البلاد يمارسون فيها مختلف أنشطتهم .
وأبدى الأيوبيون تسامحهم تجاه تجار المدن الإيطالية وعدم القصاص منهم بسبب اشتراك مدنهم فى الحروب الصليبية ورحب صلاح الدين بالتجار الإيطاليين وفتح لهم أبواب بلاده وفى عام (571ه / 1175م) عقد معاهدات مع البندقية وجنوة وبيزا .
وبعد وفاة صلاح الدين استمرت العلاقات التجارية فى عهد خلفاؤه بين المدن الإيطالية ومصر وقد فشلت سياسة البابا وقادة الحروب الصليبية فى فرض حظراً تجارياً على مصر
ولفت الدكتور ريحان الانتباه إلى أنه في العصر المملوكى أقر الظاهر بيبرس الأمن والعدل فى ربوع مصر وأرسل سنة (660ه/ 1262م) إلى ولاته فى قوص وعيذاب يوصى بالتجار الوافدين والمحافظة على مصالحهم.
كما حرصت مصر على إقرار الأمن فى الحجاز وتوفير المساعدات اللازمة لأهله وسهرت على رعاية مصالح التجار فى موانئ البحر الأحمر وبلاده المختلفة ونشرت الأمن فى ربوعه وبهذا احتفظ سلاطين دولة المماليك بمكانة مصر المرموقة فى النشاط التجارى بين الشرق والغرب .
وكان لميناء الطور دور عظيم فى تجارة البهار حيث كان طريق الطور من الطرق الرئيسية لها وكان بعض رؤساء مراكب البهار يفضلون السير فيه لقربه من بر الحجاز وكان لا يسافر فيه إلا نهاراً لكثرة الشعاب المرجانية .
وقد أخذت قوافل البهار البحرية تتجه من عدن إلى ميناء الطور أو السويس أو من ميناء جدة على سفن صغيرة إلى الطور وذلك بعد انهيار عيذاب فى سنة (831ه / 1427م)