القدس، 15 من أكتوبر (تشرين الأول) 2012- قرر موشيه كحلون، وزير الاتصالات والرفاه في حكومة نتنياهو، أمس الأحد، اعتزال العمل السياسي قبيل انطلاق المعركة الانتخابية في "إسرائيل"، مؤثرا في الانطباع السائد أن "لا جديد تحت الشمس" فيما يتعلق بالانتخابات "الإسرائيلية"، المقرر إجراؤها في 22 يناير (كانون الثاني) من العام المقبل. ويعتقد الوزير كحلون، ذو الشعبية الكبيرة في أوساط الليكود وخارجها، أن خطوته عادية وليست مفاجأة كبيرة كما يصفها كثيرون. وصرّح الوزير أمام الصحافة "الإسرائيلية" أن قراره الاعتزال ليس جديدا، وأنه صارح رئيس الحكومة نتنياهو قبل ثلاثة أعوام بنيته الاعتزال في نهاية الولاية الحالية. وقال كحلون: "ماذا جرى؟ ما العجيب في قراري الاعتزال؟ إني لا أفهم". ورغم هذه التصريحات، ما زالت علامات الاستفهام حول قرار كحلون كثيرة، ومنها: لماذا يُقْدم وزير ذو شعبية كبيرة على خطوة كهذه الآن، وهل ينبع قراره من قناعة ذاتية أم أن ظروف حزب الليكود دفعته إلى ذلك، وهل لرئيس الحكومة بنيامين نتنياهو يد في قرار كحلون؟ الإجابات ما زالت قيد البحث، ولكن خطوة كحلون تُنبه أن المعركة الانتخابية الراهنة تحتدم، وأن المفاجآت السياسية آتية بدون شك. وأضاف كحلون قائلا للصحافة السائلة عن أسباب قراره، أنه قام بواجبه السياسي، وهو فخور بإنجازاته، وحان الوقت لينطلق إلى درب جديد، وقال الوزير الليكودي: "يتعين على السياسي أن لا يلتصق بالكرسي والوظائف"، منوها بأن الناس لا تصدق السياسيين عادة، وأنه يخالف هذه القاعدة، فهو ينفذ ما يقول. وأوضح وزير الاتصالات أنه لم يعتزل السياسة نهائيا، بل هي استراحة لأجل غير مسمى، وربما يعود للعمل السياسي، وقال أن السياسة تجري في دمه، وهذا لن يتغير. وسطع نجم كحلون بعد توليه منصب وزير الاتصالات، وشروعه في تغيير قواعد اللعبة في قطاع الاتصالات، الذي احتكره رجال أعمال أقوياء، تجنب سياسيون كثيرون مواجهتهم. وقام كحلون بتخفيض أسعار الاتصالات في "إسرائيل" محدثا ثورة جذرية، ومعيدا القوة إلى أيدي المستخدمين، بعد أن تصرفت شركات الاتصالات كما يحلو لها، بدون رقيب أو حسيب. وتُعد ثورة كحلون في عالم الاتصالات إنجازا غير مسبوق، فقد شن الوزير، الشرقي الأصل، الحرب على أرباب الاقتصاد في "إسرائيل".. وتحدى رجال الأعمال الأكبر في "إسرائيل" مثل: نوحي دانكنر وإيلان بن دوف، رجال بمقدرتهم لوي عنق السياسيين في إسرائيل- محققا نجاحا باهرا. وأصبح كحلون بعد صراعه مع ملوك الأموال في "إسرائيل" السياسي الأكثر شعبية لدى أتباع الليكود، وغير الليكود، إذ أفادت إصلاحات كحلون في مجال الاتصالات كل جيب في إسرائيل. وتوقع مطّلعون على شؤون حزب الليكود أن الرجل لن يفوّت زخم نجاحه وشعبيته، وأن توجهه الاجتماعي يجعله مرشحا حقيقيا لرئاسة وزارة المالية. ورجا كثيرون أن يصبح الرجل وزير الاقتصاد القادم. حتى أن نتنياهو أشاد بإنجازات كحلون وطلب من وزرائه أن يحذوا حذوه. وجاءت تصريحات وزير الدفاع إيهود باراك، لتلقي بظلالها على قرار كحلون قائلا: "لو وعد نتنياهو كحلون بمنصب وزير المالية، لكان بقي في السياسة". ونفى كحلون الادعاء أن لرئيس الحكومة علاقة بقراره، وأن تكون غاية خطوته ابتزازا سياسيا لنتنياهو، ونيل منصب كبير في الولاية القادمة مقابل استمراره. ووصف كحلون هذه الشائعات بأنها "معيبة". وفي ذلك، تداولت الصحف "الإسرائيلية" الخبر أن نتنياهو يقوم بمحاولات لإقناع كحلون التراجع عن قراره، والبقاء في صفوف الليكود. ونسب بعض المعلقين السياسيين في "إسرائيل" قرار كحلون إلى عقلية الطائفية السائدة في حزب الليكود. ومن المعلوم أن كحلون من أصول شرقية، وفسر معلقون أن نجاح كحلون وشعبيته باتا يهددان هيمنة القبضة الأشكنازية على الحزب، رغم أن الحزب يتمتع بقاعدة انتخابية واسعة في صفوف اليهود الشرقيين. وفي ما يتعلق بالانتخابات، ظهرت الأسبوع الماضي استطلاعات للرأي في الصحف الإسرائيلية، فور إعلان نتنياهو تبكير الانتخابات، تُنبأ بأن نتنياهو ما زال السياسي الأقوى في "إسرائيل" وأن الفرق بينه وبين منافسيه ما زال شاسعا. وبالنسبة للأحزاب، أفادت الاستطلاعات أن حزب الليكود في حالة صعود، وأنه يتفوق على غيره من الأحزاب. ويسأل سائل، هل تؤثر خطوة كحلون على نتائج الاستطلاعات القادمة؟ وأشارت الاستطلاعات كذلك، أهمها استطلاعات صحيفة "هآرتس" وصحيفة "معاريف"، إلى أن عودة تسيبي ليفني، زعيمة حزب كاديما سابقا، وعودة رئيس الحكومة الأسبق إيهود أولمرت، للحلبة السياسية، قد تؤثر بشكل دراماتيكي على مجرى الانتخابات ونتائجها، وأنهما لا يزالان يحظيان على شعبية كبيرة. وفي تطور لافت، أعلن أمس رئيس حزب كاديما، شاؤول موفاز، أنه مستعد للتخلي عن قيادة الحزب لصالح إيهود أولمرت، إن قرر الأخير العودة للحلبة السياسية.