لم يسأل الرجل نفسه قط كيف تنظرالمرأة له ؟! كيف تقيمه ؟ كيف تحبه ؟ متى يكون الفارس المقدام بنظرها ؟ ومتى ينزل عن هذا الفرس ؟ ويصبح مرثية الفروسية ؟ لم يحاول الرجل معرفة من هو الرجل المثالي الذى تطمح المرأة إلى احتوائه بروحها ، فقد جرت العادة بأن نقول ونشعر ونناقش كيف تكون المرأة جميلة بعين الرجل ؟ وبماذا تجذب الرجل وتحافظ عليه ؟ وكيف تحتويه وترضيه ؟ وتجد الكثير من المطبوعات ما يناقش صفات المرأة المثالية وماذا يحب الرجل بامرأته ، وكيف يريدها أن تكون ؟ ولكن النساء كما عهدناهن أقل حظاً من حظ الرجل بكثير، وأنا أعتقد بأنهن من ظلمن أنفسهن بأيديهن ، لأنه كما يقال ( لايضيع حق وراءه مطالب ) .. وليس مطالباً فقط بل أسلوب المطالبة والدفاع والمرافعة ، فالشرف والذكاء والصدق والقوة مفتاح النجاح والوصول إلى الحقوق ، وحقوقها من الحرية والفكر والعلم والعمل وتقرير المصير وغيرها ، حيث إن بعض النساء اعتقدن أن الحقوق هي العري والإسفاف والانفتاح الزائد ، ونسين أن هذه هي العبودية وليست الحرية ، ولذلك بقين بالعبودية ولم يحصلن على حقوقهن . ولو أفترضنا أن النساء وصلن إلى حقوقهن ، وأصبحن يناقشن ويطالبن بمقاييس معينة لفارس أحلامهن .. فما الصفات والمؤهلات التي من الممكن أن يطلبنها ؟ وبما أن الموضوع موضوع مقياس وميزان يختلف من امرأة لإمرأة كما هو الحال بالنسبة لنظرة الرجل للمرأة ، لأن لكل امرأة رجلاً مثالياً يناسبها هى دون النساء ولأن لكل رجل امرأة بعينها يشعرمعها بالحب والدفء والطمأنينة دون كل النساء . فالموضوع هنا يكون صعب حصره ، ولكن لو أخذنا أعم الصفات وأكثرها تداولاً وتردداً بين النساء لوجدنا أول كلمة هى : الرجولة .. نعم الرجولة أهم مابالرجل ، فهي اختصارلكل المعانى الجميلة .. فالرجولة حب ، وقوة ، وشجاعة ، وإقدام ، وعطاء ، وتضحية ، وحنان ، ولين ، وفروسية ، وشهامة ، وموقف ومبدأ ، وخلق ، والكثير والكثير . حيث قالت الشاعرة سلامة : وهو كالليث إذا ما عد أصحاب الدروع يقذف الأبطال ضرباً في مضى ورجوع وقول سهية : من يكرم الضيف فى أرضه ومن للمنادى إذا ما زعق لقد صرت من بعده فى ضنا وقلبي لأجل الفراق احترق حتى صفاته الشكلية تريدها المرأة مقترنة بالرجولة ، بمظهره ولباسه ، حتى صوته .. ولكن هل استطاعت النساء التعبيرعن آرائهن طوال السنين الماضية ؟ اعتقد أن المرأة اليوم أكثر جرأة عن القرن التاسع عشر وبدايات التسعينيات ، ولكنها كانت جريئة جدًا في العصورالقديمة ما قبل الإسلام وصدره حيث قوة شخصيتها كانت واضحة جداً بالأخبار والأشعار التي وصلتنا ، حيث كانت تعلن المرأة حبها أو كرهها للرجل ، أن تحارب أهلها وعشيرتها علنا لتتزوج بالشخص الذي احبته ، ناهيك عن لقاءات الحب والسمر في البادية ، وعند بئرالمياه ، وتحت ضوء القمر . فما كانت تخشى المرأة وصف حبيبها بأبيات من الغزل ، مثال على ذلك : قول بثينة بنت حبا ، صاحبة جميل ، وقصتها مشهورة : إن سلوى عن جميل لساعة من الدهر ماحانت ولاحان حينها سواء علينا يا جميل بن معمر إذا مت - بأساء الحياة ولينها وكما قالت الشاعرة جيداء لسيف الدولة الحمداني : لك أن تمنع الجفون هجوعاً ولنا أن نمسح فيها الدموعا يا بديع الجمال أبدعت بالصد كما في هواك صرت بديعاً المرأة لاتحب نقيضها كما يزعمون ، بل المرأة تحب من يشابهها بصفاتها وفكرها ومشاعرها وتطلعاتها وطموحاتها ، لدرجة أننى ألاحظ أن المرأة تبحث عن من يشابهها شكلاً بالإضافة إلى المنطق والأسلوب ، حتى بهواياته ومهنته ومواهبه ، فبنظرها تكون الحياة أسهل وأجلًّ، فهى لاتحتاج للكثيرمن الشرح والإقناع ليفهمها ، فالحياة لاتستحق أن نضيعها بمحاولة تغييرالآخرين ، بل بالاستمتاع بكل لحظة بين الشريكين . ولعلي بمقالي القادم اناقش سر النجاح و التلاق و اسباب التنافر بين الزوجين سارة طالب السهيل شاعرة وكاتبة وقاصة عراقية [email protected]