الذي يجرى من بعض الإعلام المصري.. ومعظم الإعلام الجزائرى جريمة مهنية بأى مقياس.. وواضح أن مخططاً رهيباً جرى رسمه بعناية.. وتنفيذه بدقة لقطع كل ما هو بين مصر والجزائر.. فأن تتحدث صحف الجزائر عن مجزرة وقعت بالقاهرة يوم المباراة.. وعن نعوش طائرة من القاهرة للجزائر إنما هو تهييج للإعلام المصري.. ليثور شعب مصر على الجزائر وشعب الجزائر.. ولكن للأسف لم يتدخل مسئول واحد فى البلدين، ليوقف ما يجرى من تبادل للاتهامات بين القاهرةوالجزائر.. وهذا موقف غريب.. بل مريب.. وكان يمكن أن يخرج المسئول الأول فى كل عاصمة ليقول للكل الحقيقة.. ويطفئ النار، قبل أن تزداد اشتعالاً. ولكن لا القاهرة فعلت.. ولا الجزائر تحركت لإطفاء النيران.. ومن المؤكد أننا لا نكره شعب الجزائر.. بل نراه نموذجاً للشعب الجدع الذي يغار على أى مواطن جزائري.. ومن المؤكد أن فى الجزائر أغلبية تحب مصر، وتحن لأيام الصفاء والنضال المشترك. إن مصر ليست هى إسرائيل.. وشعب الجزائر ليس فيه موشى ديان ولا نتنياهو.. ولكن ما نشرته صحيفة الشروف الجزائرية وهى أكبر صحف الجزائر هو ما يحز فى النفس، بل ويؤلم ويجرح.. عندما تقول عندما تصبح تل أبيب أرحم من القاهرة فهل هذا يجوز يا إخوة الدم والنضال المشترك ومسيرة الاستقلال.. وإذا كان عندنا ميثاق شرف صحفى ولم نستخدمه.. فهل عندهم ميثاق مماثل.. أو على الأقل يحافظون على شعرة معاوية.. أم أن معاوية فى الشام ودمشق بعيدة عن الجزائر؟!.. ورغم أن الأشقاء فى الجزائر هم الذين بدأوا.. فإن بعض المصريين خرجوا على قواعد النقد.. ويبدو أن ارتفاع نغمة برامج الحوار فى الفضائيات قد تجاوز حده.. فانعكس ذلك على معركة هى فى الأول والآخر.. مجرد مباراة كرة قدم.. فهل نحولها إلى معركة حربية، ولا معركة الاستقلال فى مصر.. أو معركة التحرير فى الجزائر.. لذلك نقول لتذهب كرة القدم إلى الجحيم ولكن لتبق علاقات الأخوة بين مصر والجزائر.. ولن نقول متشائمين أنه وصل فريق مصر إلى جنوب أفريقيا.. أو لحق فريق الجزائر بركب كأس العالم.. فإن هذا الفريق أو ذاك لن يعود إلى بلاده حاملاً كأس العالم.. ولكن ماذا نقول فى الهوس الأعمي.. وأشد ما آلمنى أن يتصل مصرى راح يعمل فى الجزائر ويستثمر أمواله هناك، ويصرخ فى التليفون من هناك: الحقونا.. وأن يصرخ آخر: إننا نعيش فى الجحيم.. فبيوتنا محاصرة بالإخوة الجزائريين وثالث يقول: لقد استباحوا بيوتنا وحرماتنا.. ونضطر إلى الهرب منها، بالقفز فوق أسطح البيوت المجاورة.. ويقول آخر: إننا نعيش حرباً دعائية رهيبة بدأت منذ أكثر من شهر.. هل هذا يجوز، بينما المصري يحتضن الغريب والأجنبى ويحميه بروحه.. ونفسه.. أم أننا شعب من طينة أخري؟!. لقد اضطر عشرات المصريين إلى الهرب من عملهم بالجزائر.. هرباً من الاعتداءات الجزائرية.. فلماذا هذه الروح العدائية تجاه مصر والمصريين، وإلى هذا الحد.. تلك قضية يجب أن ندرسها ونعرف أسبابها.. فليست هناك حدود مشتركة تلتهب بالخلافات كل يوم.. فبين أرض مصر وأرض الجزائر نجد ليبيا.. ثم تونس.. ثم إن الجزائريين يتجهون إلى الشاطئ الآخر، إلى جنوب أوروبا إذا أرادوا البحث عن فرصة عمل.. سواء كانوا جزائريين أو توانسة.. أو مغاربة.. وبالتالى نحن لا ننافسهم فى لقمة العيش.. أم علينا أن نتحمل كل هذه الإهانات والاعتداءات تحت دعاوى أن الكبير يتحمل أخطاء وخطايا إخوته الصغار.. وأن على الشقيق الأكبر إذا ضربه أحدهم على خده الأيمن عليه أن يدير له خده الأيسر!! لقد انتهى زمن هذا الكلام. وأصبحت الدنيا تديرها المصالح.. واحدة هنا.. وواحدة هناك، إما أن نتحمل وحدنا، ووحدنا فقط كل ما يجري.. فهذا هو الظلم بعينه.. مرة أخرى مصر ليست هى إسرائيل.. والجزائر لن تكون أبداً تل أبيب.. وعلينا إذا لم تخرج أعلى سلطة فى البلدين لتوقف هذه المذبحة أن نعلنها بكل صراحة: تذهب كأس العالم إلى الجحيم.. حتى ولو كان بين أيدينا ووصلنا إلى الدور النهائي.. ولتذهب كأس أفريقيا أيضاً فهذه وتلك زائلتان.. ولتبق مصر للجزائر.. والجزائر لمصر.. وغفر الله لمن كتب فى الجزائر أن تل أبيب أصبحت أرحم لهم.. من القاهرة.. وغفر الله للمخطئين.. والذين أشعلوها ناراً لن تهدأ إلا بعد عشرات السنين.