كلمة فضيلة المرشد العام للإخوان المسلمين إلى الأمة
إخوتي وأخواتي الكرام أبنائي وبناتي الأعزاء شعب مصر العظيم أتوجه إليكم بالحديث وقلبي يعتصره الألم على أبنائنا الأحباء الذين قضوا في غير ميدان واستشهدوا في غير مواجهة لعدو، ولذلك أبدأ بالترحم عليهم ضارعا إلى المولى تبارك وتعالى أن يتغمدهم بواسع رحمته وأن يسكنهم أعلى الجنان في صحبة النبيين والصديقين والشهداء والصالحين، كما أقدم أخلص التعازي لأهلهم وذويهم سائلا الله عز وجل أن يرزقهم الصبر والسلوان، كذلك أقدم التعازي لنفسي ولكل فرد من الشعب المصري الكريم، وأرجو للمصابين شفاء عاجلا، وغافية كاملة . أيها السادة الكرام إن هذا الحدث الجلل لا يمكن أن يمر بغير حساب، لقد نزلت بنا كوارث عديدة في الفترة الأخيرة من المرحلة الانتقالية بدءا من أحداث ماسبيرو ثم أحداث شارع محمد محمود ثم أحداث مجلس الوزراء، ولم يحاسب أو يعاقب عليها أحد ولم يقتص للشهداء من قاتليهم، الأمر الذي أغرى بالمزيد، وبالأمس وقعت الكارثة الجديدة ومن هنا فلابد من تحديد المسئولين عنها ومحاسبتهم جنائيا وسياسيا بأسرع ما يمكن، وكذلك فإننا نكرر مطالبتنا بتحديد المسئولين عن الكوارث السابقة ومحاكمتهم فلا يمكن أن نقبل الاستمرار في التستر على جرائم القتل والانتهاك، والاستهانة بحق الحياة (ولَكُمْ فِي القِصَاصِ حَيَاةٌ يَا أُوْلِي الأَلْبَابِ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ) إن ما حدث بالأمس يقطع بأن حالة الانفلات الأمني في البلاد قد بلغت ذروتها ووصلت إلى حد لا يطاق، وأن الشرطة متقاعسة بصورة لا يمكن وصفها بالتقصير أو الإهمال وإنما يخشى معها أن يكون هناك من الضباط من يعاقبون الشعب على قيامه بثورته واسترداده لحريته وحقوقه، ومن ثم نرى ضرورة إعادة هيكلة وزارة الداخلية، وتطهيرها تطهيرا حقيقيا من كل أعداء الشعب وثورته، ومساءلة الوزير الحالي عن أحداث الأمس، كذلك لابد من إيجاد صورة مناسبة للمشاركة الشعبية الفاعلة مع الأجهزة المختصة لتوفير الأمن، كما أصبح تفريق مسجوني سجن طرة من رموز النظام البائد على سجون مصر كلها ومعاملتهم وفق لائحة السجون على قدم المساواة مع باقي المسجونين، ونقل الرئيس المخلوع إلى مستشفى السجن ومنع وسائل الاتصال عنهم أصبح كل ذلك ضرورة حتمية للحفاظ على أمن مصر . ولا يمكن للنفوس أن تهدأ والأمن أن يستقر في ظل المحاكمات البطيئة المتطاولة لرموز النظام البائد وبالتالي لابد من الإسراع في المحاكمات مع الحفاظ على العدل، وكذلك لا يمكن محاكمتهم على بعض الجرائم الجنائية فقط، وإنما لابد من محاكمة سياسية لكل من أفسدوا الحياة بكل جوانبها وأوصلوا مصر إلى هذا المستوى من التخلف والفقر والضعف . أيها الأخوة الكرام ... أصبح مما لا يخفى على أحد أن هناك من الأفراد والمجموعات من يتبنون نظريات هدم كل مؤسسات الدولة ويتلقون أموالا وتدريبات في الخارج على إثارة الفوضى والتخريب، وهؤلاء تعلمهم جهات الرقابة والتحقيق والمجلس العسكري ولديهم الأدلة والمستندات ومع ذلك يتم التسويف في إحالتهم للمحاكم خوفا من استفزازهم أو إغضاب أطراف خارجية، والشعب المصرى إنما قام بثورته كي يتحرر من التبعية للغرب وكي يوفر الأمن والاستقرار اللذين هما ركيزة العمل والتقدم، ومن ثم أصبح من أهم مطالب الثورة فضح هذه المخططات وتوقيف أصحابها ومحاسبتهم وفقا للقانون، وبالتالي قطع الصلة بينهم وبين البلطجية الذين يفسدون في البلاد مقابل ما يتلقونه من هؤلاء المخططين، كذلك لابد من معاقبة البلطجية بالقانون الجنائى لتأمين الوطن والشعب من شرهم وعدوانهم ، وتميز الثوار الحقيقيين عن أولئك البلطجية . أيها الأخوة الكرام .. إن الإخوان المسلمين هم جزء من شعب مصر على المستوى الجغرافي وعلى مستوى الشرائح الاجتماعية، ومن ثم فهم يشعرون بكل مشاعره وآلامه وآماله، ومن ثم فهم معه وبه وله في كل خطواتهم، لا سيما وقد حمَّلهم الشعب مع باقي النواب مسئولية تمثيله في البرلمان، وبالتالي فهم كانوا وسيظلون صمام أمان للمجتمع وخدما للشعب مهما كلفهم ذلك من أذى في أنفسهم وأعراضهم، ولئن كان هناك في أجهزة الإعلام المناوئة وفي المجموعات التي تتبنى الفوضى والهدم من يريد أن يسئ إليهم فهم بفضل الله صابرون ثابتون يقابلون السيئة بالحسنة ويثقون في ضمير الشعب ووعيه ويعملون لله وحده لا يرجون من أحد جزاء ولا شكورا . إن جميع مطالب الثورة هي مطالبنا ولن يهدأ لنا بال ولن يغمض لنا جفن إلا إذا حققناها – بإذن الله – وأوضح مثال على ذلك هو أداء إخواننا في البرلمان الذي انتخبتموه بمحض إرادتكم وإذا كنا نحمل المجلس العسكري ووزارة الداخلية مسئولية ما حدث فإننا أيضا نحمل محافظ بورسعيد ومجالس إدارات الأندية التي لم تتخذ من الإجراءات ما تمنع به وقوع العدوان . ولما كانت مصر هي ملك لأبنائها جميعا ، فإنني أدعو القوي الوطنية والسياسية جميعا لمؤتمر "من أجل مصر 6" حيث عقدناه قبل ذلك خمس مرات لنتباحث جميعا في مستقبل مصر وكيفية الخروج بها من أزمتها . الأخوة والأخوات الكرام ... هذه القضايا التى نراها الآن هى مشكلة اخلاقية بالدرجة الاولى ، من يتجرأ على سفك الدماء والقتل والضرب والكذب فهى قضية اخلاقية بالدرجة الاولى. هذا هو شعب مصر ، ومسئولية النهضة الاخلاقية فيه مسئوليتنا جميعا ، فالمدرس فى المدرسة وفى الجامعة مسئولية الاعلام ومسئولية الفنانين ومسئولية الرياضيين ومسئولية كل من على ارض مصر عن كل شعب مصر. فكلنا نركب سفينة واحدة ورسول الله صلى الله عليه وسلم نموذجا فى هذا حيث اننا وكل من على هذه السفينة مسئولون عنها فاذا ما وجدنا احدا ما طرأت عليه فكرة تضر الغير يقول لنا عنه الرسول الحبيب لو انا خرقنا فى حقنا حتى لا نؤذى جيراننا ولكن رسول الله لم يرد حدوث اى خطر على سفينة نركبها جميعا. فهذا هو واجبنا وواجب الجميع كى ننشر هذه النهضة، تحمل المسئولية بقلوب واحدة تتعاون على البر والتقوى وان وجدنا من يمنع او يتطاول علينا فلنحاصره جميعا ولنمنعه جميعا. نحن جميعا شركاء فى هذا الوطن ونحن جميعا ابناء هذا الوطن ومالكى هذا الوطن واذا وجدنا من يريد ان ينال من وطننا او من احد ابناء او بنات شعبنا وقفنا جميعا فى وجهه واخذنا على ايديهم لننجو وينجوا معنا ان شاء الله. هذه مسئوليتنا جميعا فهيا بنا بجوار النهضة الاقتصادية والحضارية والعلمية الى النهضة النهضة الاخلاقية لترسم القيم والمبادئ والاخلاق التى تربينا عليها فى بيوتنا ومدارسنا وجامعاتنا وفى كل مكان كنا نتواجد فيه كانت هذه القيم تسود. هيا بنا نعيد هذه القيم الاخلاقية رسالة السماء جميعا ورسالة النبوات جميعا قيم مصر الاصيلة. وندعوا الله عز وجل اننا ومصر اصبحنا فى ذمتك يارب العالمين وحفظك فاحفظ بلادنا من كل شر وسوء ونجها من كيد الكائدين ورد كيد اعدائها عنها وأعنا على نهضة بلادنا.. أيها الأخوة الكرام .. إن الخطب جلل والمصيبة فادحة، وإن القلب ليحزن وإن العين لتدمع ولا نقول إلا ما يرضي الرب. وفي الختام أكرر عزائي لكل مصري في هذا المصاب وأخص أهالي الشهداء وذويهم ، ولنعلم جميعا أننا سنلقي ربنا فلنرضى بقضاء الله وقدره ونكرر قول ربنا (إنَّا لِلَّهِ وإنَّا إلَيْهِ رَاجِعُونَ * أُوْلَئِكَ عَلَيْهِمْ صَلَوَاتٌ مِّن رَّبِّهِمْ ورَحْمَةٌ وأُوْلَئِكَ هُمُ المُهْتَدُونَ) . وتقبل الله منا ومنكم صالح الأعمال وغفر الله لنا ولكم ، والله عز وجل يهدى الى سواء السبيل. والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته