جاءت أحداث 11 فبراير المستمرة حتى الان لتضع الكثير من علامات الإستفهام على كيفية ومدى نجاح العملية الإنتخابية المزعم إقامتها يوم الأثنين القادم وكما غيم على وسط البلد حالة من الضباب الكثيف جراء إستخدام قوات الأمن القنابل المسيلة للدموع لتفريق المتظاهرين خيمت أجواء من الغموض على الانتخابات التشريعية التي انتظرها المصريون طويلاً، بعد اندلاع موجة جديدة من المواجهات بين آلاف المتظاهرين وقوات الأمن، قبل أيام على موعد أول استحقاق برلماني منذ ثورة 25 يناير الماضي، والتي أطاحت بنظام الرئيس السابق، حسني مبارك. وفي وقت تزايدت فيه دعوات بعض القوى السياسية وعدد من المرشحين، لتأجيل الجولة الأولى من انتخابات مجلس الشعب، التي من المقرر أن تنطلق في 28 نوفمبر الجاري، أكد رئيس اللجنة العليا للانتخابات، عبد المعز إبراهيم، أن اللجنة مستعدة لإجراء الانتخابات "تحت أي ظرف"، وفقاً لتوقيتاتها المحددة. وقال إبراهيم، خلال مؤتمر صحفي الخميس لعرض آخر ترتيبات الجولة الأولى من الانتخابات، بحضور عدد من أعضاء المجلس الأعلى للقوات المسلحة، وممثلي الوزارات والهيئات الحكومية المعنية: "مستعدون ومستعجلون لإجراء الانتخابات"، ووصفها بأنها "طوق النجاة للمجتمع." ونفى رئيس لجنة الانتخابات، خلال المؤتمر الصحفي المطول، الذي نقله التلفزيون المصري ظهر الخميس، ما وصفها ب"الإشاعات"، التي تتردد عن اعتذار ما يقرب من 3000 قاضي عن المشاركة في الإشراف على الانتخابات، مشيراً إلى أن عدد من اعتذروا لا يتعدى 35 قاضياً فقط "لأسباب مرضية." وبينما استندت دعوات تأجيل المرحلة الأولى من الانتخابات، إلى أحداث العنف التي وقعت في محيط وزارة الداخلية مؤخراً، أكد مسؤول أمني رفيع قدرة وزارة الداخلية على تأمين الانتخابات المقبلة "بكفاءة عالية"، وذلك بدعم وتنسيق مع القوات المسلحة. وقال مساعد وزير الداخلية للشؤون الإدارية، اللواء محمد رفعت قمصان، إن الأجهزة المعنية بالوزارة انتهت من وضع خطة التأمين، "بما يكفل توفير الحماية لكافة أطراف العملية الانتخابية، من قضاة وموظفين وناخبين ومرشحين." وأوضح قمصان أن خطة مشاركة القوات المسلحة في عملية تأمين الانتخابات، تم إقرارها قبل اندلاع أحداث التحرير، وليس نتيجة لتلك الأحداث، معرباً عن أمله في أن تجري الانتخابات بجميع مراحلها، بدءاً من عمليات الاقتراع، وفرز الأصوات، وإعلان النتائج بسلام. إلى ذلك، اعتبر مدير مركز الجمهورية للأبحاث الإستراتيجية، سامح سيف اليزل، أن هناك "ثلاث قنابل" تهدد بانفجار الشارع المصري، مع اقتراب موعد الانتخابات، وحدد هذه القنابل في "الأسلحة" التي تم سرقتها من أقسام الشرطة، أو التي تم تهريبها من ليبيا، و"الهاربين من السجون"، بالإضافة إلى "البلطجية." وصف سيف اليزل التوتر السائد في الشارع المصري، بقوله: "لقد أصبح الأمر مقلقاً، مع اقتراب موعد الانتخابات"، وتابع أن "العنف سيكون له دور كبير في الانتخابات البرلمانية المقبلة، في ظل انتشار السلاح بين أفراد الشعب، خاصةً في المناطق العشوائية." ووصف الخبير الاستراتيجي انتشار السلاح، بأنه "أصبح ظاهرة في جميع المحافظات"، مشيراً إلى "تنوع السلاح الموجود في الشارع، ما بين المحلي والمهرب"، وطالب بضرورة "اكتشاف منابع هذه الأسلحة، والقضاء على تهريبها، والقبض على تجار الأسلحة، وتطبيق القانون بحزم على حاملي السلاح دون ترخيص." من جانبه، أبدى الخبير الأمني، اللواء رفعت عبد الحميد، تخوفه من ظاهرة انتشار البلطجة في الشارع المصري، معتبراً أنها "تهدد بعدم استكمال الانتخابات"، إلا أنه شدد على قوله: "لا توجد انتخابات بدون ضحايا، أو بدون هاجس أمني وعنف، ولكن في ظل انتشار البلطجية والسلاح سيزداد الخوف والرعب لدى المواطنين." وأضاف الخبير الأمني، أنه "إذا زاد عدد الضحايا عن المعدلات الطبيعية في الانتخابات المقبلة، فأرى أنه سيتم إيقاف التصويت في الدوائر التي قد تحدث فيها تداعيات أمنية"، وأشار إلى أن هناك "حالة من الخوف" تسيطر على الشارع المصري، مع اقتراب موعد الانتخابات. وتابع عبد الحميد قائلاً: "خلال فترة الانتخابات تتنامى ظاهرة تعرف باسم "تجار الأصوات"، مشيراً إلى أن هؤلاء يتسببون في زيادة العنف، وسيلعب سلاح "المال" دوراً كبيرا في الانتخابات المقبلة، بحيث يدفع عدد من المرشحين، خاصةً ممن سبق لهم دخول مجلس الشعب، مبالغ مالية للناخبين مقابل الحصول على أصواتهم." من جانبه طالب التحالف المصري لمراقبة الانتخابات فى بيان له اليوم بضرورة قيام المجلس الأعلى للقوات المسلحة بالتدخل بشكل مباشر لتأمين العملية الانتخابية في المحافظات المختلفة أو تأجيل الانتخابات لمدة محددة لحين انتهاء الاحتجاجات التي يشهدها ميدان التحرير والميادين الأخري. وذلك لكون إجراء الانتخابات في ظل هذه الظروف سيؤدي بما لا يدع للشك إلى تزايد نفوذ البلطجية والعناصر التي تريد إشاعة الفوضي داخل المجتمع المصري وهذا بدوره سيكون خطره فادحا ولن يستطيع تدارك عواقبه في هذه المرحلة الحرجة والتي تشهدها البلاد. وجاء فى البيان أنه انطلاقا من التطورات التي تجوب الساحة المصرية وعدم استقرار المشهد السياسي وخاصة في ضوء تصاعد الاحتجاجات التي يشهدها ميدان التحرير والعديد من الميادين الكبري في المحافظات المصرية، يصعب معه من الناحية النظرية تقسيم نشاط وزارة الداخلية بين تأمين الانتخابات وأي أمور أخري.وكذلك وجود عقبات لم يتم حلها من قبل اللجنة وهى استخراج توكيلات المندوبين حيث أشارت لضرورة استخراج خطاب للمرشح من قسم الشرطة بالرغم من عدم وجود أى إشارة بذلك داخل الأقسام. يذكر أن التحالف المصري لمراقبة الانتخابات يتكون من أكثر من 128 منظمة تقوم بالرقابة على مجريات العملية الانتخابية ومنها المنظمة المصرية لحقوق الإنسان والمجموعة المتحدة ومركز اندلس والمركز المصري لحقوق المرأة، وقد قام بالفعل بالرقابة على مرحلة الترشح للانتخابات البرلمانية وأصدر تقارير يومية عن مجريات مرحلة الترشح، كما قام بالرقابة على مرحلة الدعاية الانتخابية والتي شهدت توقفا من قبل بعض المرشحين بسبب أحداث التحرير. ولم تختلف تخوفات الشارع المصري عما أبداه الخبراء من قلق، حيث ذكر أحد الأطباء، ويُدعى علاء أحمد أن "هناك قلق كبير يسيطر على رجل الشارع العادي، قبل الانتخابات البرلمانية المقبلة، في ظل انتشار البلطجة التي فشلت الحكومة والمجلس العسكري في السيطرة عليها." كما أشارت أماني، طالبة جامعية، إلى أن انتشار السلاح في البلد "أمر مقلق"، وذكرت أن "فلول الحزب الوطني المنحل سيلعبون دوراً كبيراً في الانتخابات المقبلة، خاصةً وأن لديهم خبرة طويلة بالانتخابات وألعابها، وسيقاتلون من أجل العودة لمجلس الشعب." ولم تستبعد أن يلجأ هؤلاء "الفلول" إلى استخدام كل أوراقهم لضمان فوزهم في الانتخابات، بما فيها الاستعانة بالهاربين من السجون، والبلطجية الذين طالما استخدمهم الحزب المنحل في حسم كثير من معاركه السياسية.