نجحت "بسمة" كناشطة سياسية بقدر نجاحها كنجمة سينمائية، حتى بلغ بها الأمر حد أن أصبحت تشتهر الآن فى الوسط الفنى بلقب "بنت الثورة"، وفى الوقت الذى تحول فيه بعض الفنانين إلى أعداء للشعب، بمواقفهم المتأرجحة بين تأييد النظام البائد وتأييد الثورة، وقفت "بسمة" موقفا واحدا منذ البداية وهو ما أكسبها – بغض النظر عن وجهة نظرها – احترام الجميع. والآن تعيش "بسمة" أجمل لحظات حياتها، بعد أن تحقق حلمها كمواطنة مصرية، فى تقليم أظافر الفساد فى بلدها، كما سبق وأن حققت جانبا مهما من أحلامها الفنية، عقب ظهورها مؤخرا كبطلة ل"رسائل البحر"، أحد أجمل وأجرأ أفلام المخرج الكبير "داوود عبد السيد"، وأيضا بعد أن تحقق حلمها بالظهور على الشاشة الغضية كمذيعة لامعة، وحول هذا الحلم وكذلك بشأن رد فعلها على حادث الاختطاف والسرقة الذى تعرضت له بصحبة صديقها المحلل الاستراتيجى "عمرو حمزاوى" مؤخرا، كان ل"30 يوم" هذا الحوار الساخن مع الفنانة "بسمة"،، - فى البداية (الحمد لله على سلامتك) بعد نجاتك من حادث الاختطاف الرهيب ولكن قبل أن نتطرق للتفاصيل الساخنة دعينى أسألك عن الفرق بين "بسمة" ما قبل الثورة، و"بسمة" ما بعد الثورة؟ • (تضحك قائلة): "بسمة" التى تراها الآن تختلف كثيرا عن "بسمة" التى عرفها الناس، أو حتى التى ظننت أننى شخصيا أعرفها، لقد أظهرت ثورة 25 يناير أجمل ما فى شخصيتى، بل أرى أنها أعادت لى اعتبارى كإنسانة ومواطنة مصرية، فأنا من ناحية عانيت كثيرا ودفعت ثمن صراحتى بشأن أصولى اليهودية، وهى الصراحة التى تعرضت على إثْرِها لحملة تشويه قاسية آذتنى كثيرا، بينما ومن ناحية أخرى فقد شعرت أننى قد استعدت حريتى وكثيرا من حقوقى كمواطنة، عانَتْ من القهر والخوف ورأت ملايين من أبناء بلدها تُنْتهك آدميتهم على أيدى الحكام الظالمين، الذين اغتالوا أحلام شعب بأكمله، وعاثوا فسادا فى الأرض لسنوات طالت حتى فقدنا كل أمل فى الحياه الكريمة. - بصراحة.. هل كنت تتوقعين قيام ثورة فى مصر، وأن يكون لك نصيب فى المشاركة بفعالياتها؟ • بالطبع لا، وذلك بالرغم من إيمانى بأن صمت المصريين الطويل ليس من منطلق ضعف، ولكنهم فى الحقيقة يتميزون بأقصى درجات الصبر، النابع من حكمة عميقة وتاريخ عتيد، إلا أن القدرة الفائقة للنظام البائد على التحكم فى جميع الأدوات السياسية والإعلامية، وفى نفس الوقت إصراره على تكميم الأفواه وقمع المعارضين، كل ذلك جعل توقع قيام ثورة فى مصر شيئ أبعد من الخيال ذاته، أما فيما يتعلق بمشاركتى فى الثورة، فقد كان نزولى إلى الشارع ضمن الملايين من مواكب المتظاهرين المطالبين بسقوط النظام، عفويا للغاية، وقد اكتسبت جرأتى على مواجهة طلقات الرصاص الحى، من مشهد قتل أحد شهداء الثورة، وقد رأيته سقط مضرجا فى دمائه بطلقات الغدر أمام عينَىّْ، فنسيت تماما أننى امرأة، وتحولت إلى مقاتلة ضد قوى الظلم والطغيان. - عندما قامت ثورة يوليو 1952 واكبها ظهور موجة من الأفلام التى اشتهرت ب"أفلام الثورة"، فهل تتوقعي أن تظهر موجة مماثلة من الأفلام التى تعبر عن روح ثورة 25 من يناير؟ • أعتقد أن روح هذه الثورة البيضاء النبيلة، قد بدأت فى الظهور بالفعل على مستوى الأعمال الفنية القليلة التى يتم تصويرها أو الإعداد لها هذه الأيام، فى ظل رغبة حقيقية من الجميع فى التغيير إلى الأفضل سواء من جانب المشاهد المصرى أو من جانب الفنانين، خصوصا من الذين شاركوا فى فعاليات الثورة كمواطنين أولا قبل أن يكونوا فنانين، وأنا متأكدة من أن موجات أفلام المقاولات والإسفاف والكوميديا الساذجة، سوف تذهب إلى مزبلة التاريخ الفنى المصرى بلا رجعة. - بعد عودتك إلى موقعك الطبيعى أمام الكاميرا، هل سوف تتخلين عن ممارسة دورك الجديد الذى قمت به بنجاح ملحوظ كناشطة سياسية؟ • (ترد بسرعة) من قال هذا؟ ومن الذى قال أن مكان الفنان لا يمكن أن يكون إلا أمام الكاميرا أو خلفها؟؟ إن الفنان الحقيقى مكانه بين الناس وفى قلب الأحداث التى يمر بها مجتمعه، وبالتالى فإن عودتى لممارسة مهنتى كممثلة، لا يعنى التخلى عن دورى كناشطة سياسية، بديل انضمامى للحزب "المصري الديمقراطي الحر" الذى لا يضم السياسيين فقط، بل يضم ايضا عددا من زملائى الفنانين، ومنهم بالمناسبة اثنين من كبار المخرجين، هما "يسرى نصر الله" و"داوود عبدالسيد"، إلى جانب "محمد العدل" – منتج – و"تامر حبيب" - سيناريست. - عشتِ مؤخراً تجربةٍ مريرة، تعرضتِّ فيها لعملية اختطاف وسرقة على أيدى لصوص الطريق الصحراوى، وكان شريكك فى التجربة المحلل الاستراتيجى الشهير "عمرو حمزاوى".. كيف كان تأثير تلك التجربة عليك؟ * لا أخفى عليك أننى مازلت أعيش حالة صدمة ذات أبعاد متعددة، بحيث أشعر أن خوفى لم يعد فقط على نفسى ولكن خوفى الأكبر على بلدى، التى يبدو انها باتت فى حاجة إلى (ثورة جديدة) هدفها الأول تطهير مصر من رموز البلطجة السياسية، وإعادتهم إلى مكانهم الطبيعى، سواء إلى الجحور التى خرجوا منها أو وراء القضبان، جنبا إلى جنب مع رموز الفساد المسئولة عن إطلاق هؤلاء ليعبثوا بأمن المصريين. - دعينى الآن آخذك بعيدا عن أجواء القلق والصدمة ولأسألك عن تفاصيل تجربتك الخاصة جدا كمذيعة لأول مرة؟ • (تضحك عاليا) .. الحقيقة أننى لم أكن أتصور أن عمل المذيعة ليس بهذه القسوة، وهى القسوة التى لمستها بنفسى فى الحلقة التى قمت فيها باستضافة النجم الإعلامى الكبير "وائل الأبراشى" وإعلامى النظام البائد "تامر أمين".. ولكننى أيضا حاولت أن أكون قوية فى مواجهتهما. - وبِمَ أنت مشغولة إذن – كفنانة – هذه الأيام؟ • الحقيقة أنا مشغولة حاليا بأكثر من عمل فنى، يأتى على رأسها مسلسل درامى جديد للفيديو الرمضانى من المقرر عرضه هذا الموسم، وهو بعنوان "حضور وانصراف"، حيث مازال العمل فى طور التجهيز، وسأقف فيه أمام النجم السورى الكبير "جمال سليمان"، كما أستعد أيضا للموسم ذاته بجزء ثالث للست كوم، بينم انتهيت بالفعل من أول عمل مسرحى عبارة عن صورة غنائية تحكى أيام الثورة، بعنوان "حكاية الثورة"، ويشاركنى بطولته عدد كبير من النجوم والممثلين، منهم "محمود حميدة" و"عمرو واكد" و"آسر ياسين" و"طارق التلمسانى" و"يسرا اللوزى" و"جيهان فاضل"، أما الإخراج فلناجى إسماعيل، وسيتم تحديد موعد لعرضه جماهيريا خلال الأيام القليلة القادمة. - بصراحة .. هل ندمتِ على أىِّ من أدوارك فى الأفلام التى سبق وأن شاركتِ فيها قبل الثورة، باعتبار أن هذه الأخيرة كانت بمثابة لحظة فارقة من حياتك؟ • دعنى أقول أننى راجعت نفسى بالنسبة لبعض الأدوار التى أديتها، إلا أن هذه اللحظة – لحظة المراجعة – قد سبقت الثورة بكثير، لأننى ومنذ دورى فى "زى النهارده" بدأت مرحلة جديدة تماما من حياتى الفنية، قررت عندها أن تتغير معايير اختيارى للأعمال التى أظهر من خلالها أمام الناس، وأهم هذه المعايير هى المتعلقة بإسم المخرج والقضية التى يناقشها العمل، بحيث تكون مرتبطة لأقصى حد بمشاكلنا المعاصرة، اجتماعية كانت أم سياسية. - وهل ترين أن رسالتك هذه قد وصلت لجمهورك عبر آخر أفلامك "رسائل البحر"؟ • (ترد بعد تفكير) أظن ذلك إلى حد كبير. - ولكن هذا الفيلم تحديدا قد واجه انتقادات بالجرأة الشديدة، خصوصا فيما يتعلق بقضية "السحاق الجنسي" بين النساء التى فجرها الفيلم، حيث اعتبر بعض النقاد أن مناقشة مثل هذه القضايا الحساسة على مستوى جماهيرى يكون له نتيجة عكسية، كما حدث مع أفلام المخدرات فى الثمانينات التى علمت الشباب طرق "التعاطى"، فما ردك؟ • دعنى أعلن عدم اتفاقى مع مبدأ التعميم فى إطلاق الأحكام بشأن الأعمال الفنية التى تتناول مثل هذه القضايا ذات الطبيعة المجتمعية الخاصة، لأنه لابد أن نفرق بين الأعمال الهادفة، التى تسعى للتحذير من استشراء ظاهرة سلبية ما فى المجتمع، وبين الأفلام التى (تستغل) هذه القضايا تجاريا لدغدغة مشاعر وأعين المراهقين ليس إلا، وأنا عموما ضد فكرة دفن الرؤوس فى الرمال، مهما كانت حساسية القضية مادامت تفرض وجودها على الساحة، وهو ذات المبدأ الذى سبق وأن اخترت على أساسه دورى فى فيلم مثل "النعامة والطاووس"، الذى ناقش فكرة العلاقة الجنسية بين المرأة والرجل بجرأة ولكن فى نفس الوقت، بدون سقوط فى فخ "البورنو" التقليدى فى مثل هذه الحالات. - إذن أنت مستعدة لأداء مزيد من الأدوار السينمائية، بما فيها تلك التى تتضمن مشاهد ساخنة، إن كان ذلك فى إطار فنى هادف، يخدم قضية ما ذات أهمية خاصة للمجتمع؟ • ولم لا؟؟، وذلك بالطبع مادام الدور فى حدود التقاليد المتعارف عليها فنيا، دون ابتذال أو تعرى أو قبلات لمجرد تسويق الفيلم عبر شباك التذاكر.