قال الباحث في شؤون التيارات الدينية والطرق الصوفية الدكتور مصطفى زهران ان الحركات الاسلامية هي الاوفر حظا في المشهد السياسي المصري الراهن . نقلت وكالة الانباء الروسية عن زهران قوله أن الثورة المصرية حققت ما يمكن تسميته بالمعادلة الصعبة التي كان يصعب تحقيقها، كونها أعادت للمصري كرامته التي سلبت منه لعقود عدة وكونت لديه الرغبة الجامحة في الحصول على حريته وخلق فضاء جديد ينطلق منه الجميع بشتى تياراته وأفكاره السياسية منها والدينية، صوب تحقيق هذه الحرية على أرض الواقع ممارسة فعلية وحقيقية. واضاف زهران أن الإسلاميين هم أكثر الناس حظا في هذه اللحظة الراهنة التي تشهدها مصر، والتي يصفها المراقبون والباحثون والمختصون بالشأن الحركاتي بالفارقة في التاريخ السياسي للحركة الإسلامية المصرية، نظراً لما شهدته تلك الحركة خلال العقدين الفائتين من تنكيل وتقييد وقمع لا نظير له. وتنفس الإسلاميون الصعداء حينما حلت هذه الثورة المباركة – ثورة ال25 من يناير - وحققت لهم الحرية التي كانوا ينشدونها واندفع البعض منهم نحو ممارسة العملين الإسلامي والسياسي من جديد. ونجاحهم في هذه الفترة مرهون، دون شك، بمدى انسجامهم وقبولهم في المحيط الاجتماعي المصري في حال القفز على الرؤى الكلاسيكية القديمة التي أوغلت في العزلة بين الإسلاميين والشارع المصري. وأضاف الباحث المصري، أن ما أحدثه التيار السلفي في الجمعة التي أطلق عليها "جمعة تطبيق الشريعة" كان بمثابة السقوط المدوي في أولى اختبارات الوطنية لهذا التيار وعدم وعيه بمفهوم العمل الوطني والعمل السياسي المشترك، والتي جاءت كنتيجة طبيعية لانفصامه وانفصاله عن العمل السياسي والمشاركة المجتمعية التي جعلته يعيش في حالة من العزلة والاغتراب لعقود مضت، حتى أن مواقفه كانت متباينة من الثورة المصرية في بدايتها نظراً لعدم وجوده في الساحة المصرية ككيان منظم أو تيار مستقل بل هو كيانات وتنظيمات تختلف فيما بينها وتتعارض في كثير منها. وأكد أن الإقصاء والتخوين وسيلتان لا يمكن أن تجدهما في المشروع الوطني وهما الوسيلتان اللتان استخدمهما التيار السلفي في جمعته الأخيرة التي كانت بمثابة المشهد المأساوي نظراً لتداعياته الخطيرة فيما بعد نتيجة رفعه للشعارات العفوية التي خرجت منه أثناء التظاهرات من قبيل تطبيق الشريعة وحتميتها في اللحظة الراهنة ومن كون مصر إسلامية ولا مجال للحديث عن الدولة المدنية. المشهد الذي رأته بعض القوى والتنظيمات والطرق الصوفية إعلانا صريحاً ضدهم، الأمر الذي دفعهم إلى القيام بدعوة إلى تنظيم مظاهرة مليونية مزمع القيام بها اليوم الجمعة 12 (أغسطس) رداً على مليونية السلفيين وما جاء فيها من شعارات. إنه شيء مأساوي نظراً لتداعياته والتي كانت أبرزها – إضافة إلى ما سبق - توظيف تنظيم "القاعدة" لهذا الحدث بشكل دفع الظواهرى الأمير الجديد وخليفة بن لادن في قيادة "القاعدة" إلى أن يصرح عبر مواقع جهادية بأنه "إن لم تكن هذه التظاهرات والمسيرات التي تشهدها المنطقة العربية ستأتي بتطبيق الشريعة فلا مفر من الصدام والقوة"، وهو مما لا يصب في مصلحة الإسلاميين وخاصة التيار السلفي الذي خرج بقوة لاستعراض عضلاته في مشهد مليوني. وتابع زهران قائلا إن مستقبل التيار السلفي في مصر مرهون بقدرته على التحول والقفز عن رؤاه الكلاسيكية التقليدية ونظرته نحو المجتمع والمرأة والعمل السياسي والذي أجده واضحا وجلياً في تلك الأحزاب السياسية السلفية التي تتنامى وتتمدد يوما بعد يوم والتي أرى أنها النقلة النوعية الأولى نحو سلفية يمكننا إطلاق عليها "سلفية حداثية أكثر عصرانية" تجعلها شيئا فشيئا تتخلى عن ثوبها القديم ليحل محله آخر جديد متوائما ومتلائما مع الأطياف السياسية والتيارات الأخرى داخل الساحة المصرية خاصة بعد الثورة المصرية التي من شأنها أن تغير خريطة وجدولة الأنظمة والتيارات والأطياف الدينية والسياسية في البلاد. ويرى الباحث في شؤون التيارات الدينية أن الوقت في صالح الإسلاميين، خاصة مع قرب الانتخابات البرلمانية والمزمع عقدها خلال الأشهر القادمة والتي ستشارك بها بكل ما أوتيت من قوة .