خبير فى الشئون العربية “أعتقد أنه يوجد فرق كبير بين التظاهرات في إسرائيل وبين تلك التي تجري في ميدان التحرير في القاهرة وفي البلدان العربية” بهذا التصريح، أكد “عوفير غندلمان” مستشار رئيس الحكومة الإسرائيلية وجود مخاوف من اندلاع ثورة على غرار ما حدث في بعض الدول العربية، حيث تجتاح معظم المدن الإسرائيلية منذ العاشر من شهر يوليو الماضي تقريبا احتجاجات جماهيرية واعتصامات في الخيام وتظاهرات على خلفية ارتفاع أسعار المساكن، وتردي الأوضاع الاجتماعية وتدهور الخدمات الصحية. ويعمل رئيس الوزراء الإسرائيلي “بنيامين نيتانياهو” جاهدًا على تجنب مصير زعماء عرب سقطوا بفعل ثورات شعوبهم مثل حسني مبارك وزين العابدين بن علي، وعمل على احتواء الأزمة الاجتماعية الطابع حتى الآن باقتراح مجموعة من الامتيازات تشمل تخفيض أسعار المساكن والإيجار، وبيع ما يسمى أراضي الدولة بالمزاد العلني، وإقامة مساكن شعبية ومساكن للطلبة ومنح هبة بقيمة عشرين ألف دولار للمتزوجين الشباب. إلا أن حدة الاحتجاجات على غلاء أسعار الشقق في إسرائيل تصاعدت، حيث يواصل عشرات الشبان اعتصامهم داخل الخيام التي انتشرت في جميع أنحاء إسرائيل، مؤكدين أنهم لن ينهوا اعتصامهم قبل تحقيق مطالبهم، وهددوا بمسيرة مليونية على غرار المسيرات في بعض الدول العربية. وتشير التطورات على الأرض إلى أن إسرائيل تسير نحو ثورة شعبية قد تطيح بالحكومة في ضوء عاملين رئيسيين هما : 1 - احتمالات تحول الأزمة الاجتماعية إلى أزمة سياسة في ظل تراجع شعبية رئيس الوزراء الإسرائيلي إلى 32 % وفقا لاستطلاع للرأي أجري مؤخرا، ووجود خلافات وانقسامات داخل الائتلاف الحكومي بعدما هدد “إيلي يشاي”، وزير الداخلية ورئيس حزب “شاس” أحد أعمدة الائتلاف، بالاستقالة إذا لم تستجب الحكومة لسلسلة اقتراحات لحل الأزمة، وإرجاع المتظاهرين أزمة السكن في إسرائيل إلى رَصْدِ عشرات مليارات الدولارات للاستيطان والتي من الممكن أن تنسحب منها إسرائيل، إضافة إلى انخفاض أسعار البيوت في المستوطنات لتشجيع الإسرائيليين على الانتقال للسكن فيها. وهي كلها اسباب قد تؤدي إلى حل الحكومة وإجراء انتخابات مبكرة. 2 - انتشار واستمرار التظاهرات الإسرائيلية، فرغم أن الاحتجاجات بدأت بخمسة شبّان اعتصموا في قلب خيمة احتجاجاً على غلاء اسعار البيوت والإيجار، ومن بعدها اتسعت لتضم أكثر من عشرين حركة في مدن وأماكن مختلفة في الدولة العبرية، ثم انتشرت في جميع انحاء اسرائيل، حيث انضم مواطنين من مدن أخرى للاحتجاجات عن طريق “الفيس بوك” بعد تهديدهم بإخلاء بيوتهم لعدم قدرتهم على تسديد قروض الإسكان، ووصل الأمر إلى مشاركة اكثر من مئة ألف شخص في تظاهرات في تل ابيب وحيفا والقدس وبئر السبع وست مدن اخرى فيما اطلقت عليه وسائل اعلام محلية “انتفاضة الطبقة المتوسطة في اسرائيل، وكان اللافت أن من بين الهتافات التي رددها المتظاهرون “هذا هو الربيع الاسرائيلي”، وهو الأمر الذي يشير إلى محاكاة البعض لما حدث في الدول العربية من ثورات. كما أظهر استطلاع للرأي نشرته صحيفة “هاآرتس” الإسرائيلية في السادس والعشرين من شهر يوليو الماضي أن 87 % من الإسرائيليين يدعمون حركة الاحتجاج، كما أعرب 58 % عن استنكارهم لإدارة نتانياهو للأزمة. إضافة إلى ذلك، نظمت معظم المجالس المحلية إضرابا عاما للتعبير عن تضامنهم مع المتظاهرين في العديد من المدن الإسرائيلية, حيث امتنعت تلك المجالس عن العمل وتقديم الخدمات للمكاتب الحكومية, كما تركت الشوارع بلا نظافة ولم تجمع القمامة. ومن بين الذين انضموا للتظاهرات، العرب في إسرائيل الذين يعيشون أزمة سكن منذ سنوات طويلة ولا يجدون أراضي للبناء عليها بسبب سياسات الحكومات الإسرائيلية المتعاقبة والتي تهدف إلى تجميع أكبر عدد من العرب على أقل مساحة ممكنة من الأرض، واتبعت وسائل عدة من بينها رسم “المسطحات” والخرائط الهيكلية للقرى والمدن العربية مما أدى إلى تقليص مساحات الأراضي المسموح البناء فيها منذ 1948 وحتى الآن، إضافة إلى محاصرة البلدات العربية من خلال عمليات التهجير القسري ومصادرة الأراضي وعدم الاعتراف ببعض المدن العربية. ولهذا انضمت عدة بلدات عربية إلى أعمال الاحتجاج المطالبة بحل أزمة السكن في إسرائيل وبدأت بنصب خيام الاعتصام في مدن عدة مثل: طمرة وباقة الغربية والعراقيب. ومن الفئات المرشحة للانضمام للتظاهرات العمال بعد إعلان “عوفر عيني” رئيس نقابة العمال عن الانضمام للاحتجاجات في حال لم يضع نتنياهو وحكومته حلولا عملية لهذه الأزمات. خلاصة القول، إن إسرائيل التي لعبت - ولا تزال - دورًا مؤثرًا ظاهرًا أومستترًا في إثارة القلاقل والاضطرابات في العديد من الدول العربية، وفي الحيلولة دون إنهاء الكثير من الأزمات العربية تتجرع الآن نفس الكاس بسبب سياسة الاستيطان وتقديم الامتيازات لتشجيع الهجرة إليها مما أدى إلى انقلاب الداخل عليها.