عضو الأمانة العامة لنقابة الصحفيين استيقظ الصحفيون اليوم على خبرين ثقيلين ، أولهما قصف طائرات الاحتلال لمصنع شرق غزة ، ليستنفروا طاقاتهم ومعداتهم لنقل أخبار القصف الإسرائيلي ، أما الخبر الثاني إقدام مجهولين على محاولة إحراق مكتب وكالة "معا الإخبارية" في غزة . ونحن كصحفيين لدينا القدرة على تفهم الخبر الأول والتعامل معه ، بل واجهنا ما هو أصعب منه بكثير ، عندما انهمرت حمم الاحتلال على غزة ، عام 2009م ، وكان الصحفيون في المقدمة لنقل مجزرة الاحتلال إلى العالم ليكون شاهدا عليها ، ليجبر العالم ولأول مرة للقيام بمحاولات لملاحقة قادة الاحتلال بتهم جرائم الحرب ، وان كانت محاولات خجولة من بعض الدول. أما الحدث الثاني فيقف الإنسان متأملا ، عله يجد تفسير لطلاسم الأهداف التي يريد أن يحققها من يقف خلف محاولة إحراق مكتب وكالة معا في غزة ، هذا الجسم الإعلامي الذي خطف الأضواء ، وشكل علامة فارقة في الإعلام الفلسطيني المستقل ، في مرحلة حساسة للغاية ، شهد انقسام آثم وخطير للشعب الفلسطيني وللسلطة الفلسطينية ، فكان البحث عن الاستقلالية والموضوعية في هذه الأجواء المتلاحقة كمن ينحت في الصخر ، إلا أن "معا" استطاعت أن تنحت لوحة متكاملة من الحياد والاستقلالية ، وان أغضبت الكثيرين. اليوم كانت غزة في مواجهة النار الإسرائيلي ، وكانت وكالة معا ومعها كل الصحفيين الفلسطينيين في مواجهة نار المتأزمين من حرية ورسالة الإعلام، اؤلئك الغرباء عن شعبنا ، الذين لا يريدون إلا صوتا واحدا ، ومرآة واحده ، يروا فيها أنفسهم في أحلى صورها ، وان لا يظهر منهم إلا الجميل. معا اليوم في مواجهة النار ، ومن حاول إحراق مكتبها في غزة ، منحها شهادة ثقة ، وبالتأكيد ثقة الشعب الفلسطيني ، فهي تدفع ضريبة استقلاليتها ، وتدفع الثمن لأنها المرآة التي عكست ايجابيات وسلبيات الجميع ، فاليوم تكون مع فلان لأنه أحسن الفعل ، وغدا تكون عليه لأنه أساء، ولأنها مستقلة وجدنا من يثني عليها ، ثم ما لبث أن اتهمها ، وفي هذه المعادلة الثابت وكالة معا باستقلاليتها ، والمتغير صناع الأحداث الذين يحسنون ويسيئون ، فيريدون إظهار حسناتهم وإغفال سيئاتهم ، وهذا لن يكون في وكالة رفعت شعار الاستقلالية والشفافية. اليوم تلقت معا رسالة قوية ، ويبدوا أنها الرسالة الثانية ، إلا أن الأولى لم تكون بهذا الوضوح، ونحن كصحفيين حملنا الرسالة ، وعاهدنا الله أن ننقلها بأمانة ، لن نتراجع مهما كانت الضريبة، ونقول لمن حاول إحراق وكالة معا ، رسالاتكم وصلت ، وردنا سيكون بوضوح عملكم ، وسيزيد معا والعاملين فيها ، ومعهم كل الصحفيين إصرارا على مواصلة ذات الطريق ، ونحمد الله أنكم أعطيتم معا إشارة أنها تسير على الطريق الصحيح ، فمن يريد أن ينشر ثقافة التنوير والرأي الآخر ، ويسمع صناع القرار أعمالهم بخيرها وشرها ، بالتأكيد يريد رجع صدى قوي يؤكد له انه يحقق أهدافه ويسير على الطريق الصحيح. اليوم ومعا تواجه النار ، اعتقد أنها وصلت طريق لا رجعة عنه ، وأكاد اجزم أن من يحمل راية معا اليوم ، والذي استطاع أن يحقق هذه النجاحات في فترة محدودة ، لا يمكن أن يتراجع أو يتهاون في أداء رسالته ، ومعا اليوم تسجل نجاح آخر ، ولن تجد من الصحفيين إلا الوقوف إلى جانبها ، كبارهم وصغارهم ، وان ننصرها ظالمة أو مظلومة ، لنكون معا في مواجهة النار.