الذكرى الخامسة لأسر الجندي الصهيوني جلعاد شاليط، هي مناسبة اذاً .. فاسمحوا لي أن أقول له كما يفعل الكثيرون في أعياد الميلاد ( Happy Birth Day)، فعلا لأن اطلاق سراح شاليط سيكون بمثابة ولادة جديدة له إلا إذا أصرت حكومته الصهيونية في تعنتها ورفضها الاستجابة لمطالب المقاومة، حتى يلقى شاليط ولو بعد 50 سنة مصير زميله الطيار رون أراد، ربما يتبخر شاليط لا ندري. المجتمع الصهيوني اليوم يحي هذه الذكرى الأليمة بالنسبة له، بينما يتناسى يوميات الألم الفلسطيني والجرح الذي لا يلتئم بسبب صلف الاحتلال وانتهاكاته المستمرة ضد الأسرى الفلسطينيين في سجونه السوداء. ربما كان شاليط قبل أسره يحتفل بعيد ميلاده وتحضر عائلته كعكة العيد وتضيء الشمعات على عدد سنوات عمره الذي بلغ 25 سنة الآن، أما اليوم فإن آل شاليط يحيون ذكرى جديدة، هي الذكرى السنوية لاختطافه على يد المقاومة الفلسطينية، هو يوم في السنة تتذكر فيه عائلة شاليط والمجتمع "الاسرائيلي" ابنهم الأسير الذي اختطف من فوق دبابته التي قتل بها الأطفال والنساء وحتى الحجر والشجر في قطاع غزة. هم يحتفلون في يوم واحد، أما نحن الفلسطينيين فقد حول الاحتلال الصهيوني أيام السنة جميعها إلى تشييع للشهداء وفقدان الأحبة سجنا واعتقالات يومية وابعاد وتهجير وتهويد للمقدسات... إن أكثر ما يستغربه المرء هو حديث رأس الهرم السياسي "الاسرائيلي" بنيامين نتنياهو بأنه قرر إلغاء "الامتيازات" التي يتمع بها أسرى حركة حماس في سجون الاحتلال. عن أي امتيازات يتحدث هذا الأفاك، وما هذا المصطلح "امتيازات"، وكأن الأسرى يعيشون في فنادق خمسة نجوم. هل يعتبر نتنياهو قراره بمنع الأسرى من مواصلة التعليم والدراسة شيء جديد، هي سياسة صهيونية ممنهجة ضد الأسرى الذين ما كان العديد منهم ليكمل دراسته لولا الاضرابات والخطوات الاحتجاجية للأسرى التي انتزعت حقوقهم وحققت لهم العديد من الانجازات، والتي سعت مصلحة السجون الصهيونية جاهدة لسلبها. يتذرع نتنياهو بهذا القرار أنه جاء بعض رفض حركة حماس طلب اللجنة الدولية للصليب الأحمر بزيارة شاليط، حيث اعتبرت حماس هذا الطلب محاولة للاتفاف على شروط صفقة التبادل التي تتعنت حكومة الاحتلال في اتمامها. لا أستغرب هذا الاهتمام الكبير من قبل الصليب الأحمر بقضية شاليط مقارنة مع دوره الخجول في مساعدة الاف الأسرى الفلسطينيين الذين يقاسون الويلات يوميا في ظل حملة صهيونية شرسة تشنها مصلحة السجون ضدهم. كيف لهذه المؤسسة الدولية التي تندرج ضمن مؤسسات حقوق الانسان، أن تجعل قضية شاليط ركيزة رئيسة، أما مساندة أكثر من 7000 أسير فلسطيني فهو عمل روتيني. هم يريدون أن يتأكدوا من أن شاليط على قيد الحياة، بالعودة إلى الفليم الذي بثته كتائب القسام حيث يظهر شاليط وهو بصحة جيدة ويحمل عددا من صحيفة فلسطين بتاريخ (14/9/2009)، وبالتالي أفرجت سلطات الاحتلال عن 20 أسيرة فلسطينية مقابل الفيلم، هل يمكن أن يخيل لنا أنهم لم يتأكدوا من الفيلم حتى يفرجوا عن الأسيرات. هذا مستحيل. ان هذا يؤكد نظرية حماس في نية الاحتلال الالتفاف على شروط الصفقة ومحاولة اضاعة المزيد من الوقت عسى تتراجع حماس عن شروطها، واعتقد جازما أن هذا لن يحدث. أما عرابة الديمقراطية في العالم كالولايات المتحدةالأمريكية، هي الأخرى تطالب حماس بالافراج عن شاليط، وتتعامى عن الاف الأسرى الفلسطينيين. هذه هي أمريكا حليفة اسرائيل حتى الممات، وأمن اسرائيل شعار الحملات الانتخابية للرئاسة الأمريكية، لذا لن نكون متفاجئين من هذا الموقف الظالم. لكن اذا كانت أمريكا حريصة على سلامة الجندي الاسرائيلي الذي يحمل الجنسية الفرنسية، فلماذا لا تبدي هذا الاهتمام والقلق تجاه الأسير الفلسطيني أحمد النجار الذي يحمل الجنسية الأمريكية علاوة عن ذلك هو مصاب بسرطان الحنجرة وقد فقد صوته وأصبحت الكتابة أصدق تعبير لما يعانيه من آلاام وأوجاع. لماذا لا نسمع صوتك يا أوباما.. يا من تدعون أنكم دعاة السلام والديموقراطية، أ تطالبون بحرية جندي قاتل مغتصب، وتحكمون على مقاوم يذود عن وطنه بالموت البطيء. أما نوعام شاليط -والد الجندي الأسير- شكك في أن تكون اجراءات التضييق ضد أسرى حماس قد تسهم في الافراج عن ابنه وفقا لما تريده حكومة الكيان. وكان نوعام قال لموقع عنيان مركزي العبري "لماذا لم تتخذ إسرائيل تلك الخطوة قبل خمس سنوات إذا ما كانت ناجحة؟ مضيفا أن حكومة إسرائيل التى لم تعلم كيفية ممارسة الضغوط على حركة حماس خلال السنوات الخمس الماضية،و لا تعلم أيضا اليوم ذلك". اذاً حكومة الكيان الصهيوني تلعب على عامل الوقت والحظ في أن تقدم حركة حماس تنازلات في شروطها حول صفقة التبادل، حيث تنجز الصفقة بأقل ثمن سياسي يمكن أن يدفعه الاحتلال، ولا يعتبر انجازا كبيرا لحركة حماس. لكن الخمس سنوات الماضية أثبتت قدرة حركة حماس على ادارة المرحلة عسكريا وسياسيا، عسكريا من خلال المحافظة على الجندي في قبضتها رغم الحرب الضروس التي شنت ضد قطاع غزة بحثا عنه، وسياسيا من خلال اتمام صفقة الحرائر باطلاق سراح 20 أسيرة والتمسك بمطالبها العادلة والمحقة والسرية والدقة في الحديث عن الصفقة اعلاميا. لذا اعتقد أنه على ساسة الكيان الصهيوني الرضوخ لمطالب المقاومة، وعدم التعويل على إيجاد شرخ بين الأسرى داخل السجون والقيادة في الخارج لأن ذلك لن يحدث نهائيا. وعلى شاليط أن يحتفل في كل عام بذكرى أسره، حتى تمن عليه حكومته بقبول شروط الصفقة والافراج عنه، وإلا سيبقى حديث الإعلام الاسرائيلي ومجرد صور على صفحات الجرائد ومجسماً في خيمة اعتصام حتى يتبخر ويتلاشى. أما أسرانا فسيبقون رايات خفاقة في العلا، ومنارات تنير دروب العزة والكرامة للأجيال الفلسطينية، والمقاومة الفلسطينية كفيلة بتحريرهم وولادة فجر حريتهم من جديد بإذن الله.