ظهرأمس في مؤتمر صحفي في العاصمة الإيطالية روما ثمانية من كبار ضباط الجيش الليبي كانوا قد انشقُّوا عن نظام العقيد معمَّر القذافي، حيث ناشدوا بقية الضباط والجنود من زملائهم ان يحذوا حذوهم وينضموا إلى صفوف المعارضة. وقد اتَّهم أحد الضباط المنشقين، وبينهم خمسة عمداء، القوات الموالية للقذافي بارتكاب "جرائم إبادة جماعية". وقال العميد صلاح جمعة إن عمليات الانشقاق الجارية تعني أن قوات القذافي لم يعد بإمكانها دعم النظام، لطالما تعمل الآن بحوالي 20 بالمائة من قدراتها العسكرية التي شلَّتها القوات الدولية". وأضاف أن المدنيين على الأرض أضحوا محصورين بين نارين، وان وضعهم الآن "مؤلم جدا، فالناس منهكون نفسيا، وهناك حالات اغتصاب عديدة في مدن عدة وخاصة في مصراته وإجدابيا". مغادرة "الطاغية" أمَّا عبد الرحمن شلقم، وزير الخارجية الليبي السابق والذي حضر المؤتمر الصحفي بروما إلى جانب الضباط الثمانية المنشقين، فقال: "إن هؤلاء الضباط هم في عداد 160 عسكريا تركوا القذافي وليبيا في الأيام الأخيرة. نأمل أن ينضم آخرون إلينا وإلى الشعب الليبي بمغادرة هذا الطاغية والمجرم". من جانبه، قال محمود شمَّام، مسؤول الإعلام في المجلس الوطني الانتقالي الليبي المعارض، إن الضباط الثمانية " خرجوا من ليبيا عبر تونس". كما ذكر موريشيو مساري، المتحدث باسم وزارة الخارجية الإيطالية التي شاركت بتنظيم المؤتمر الصحفي، "أن هؤلاء الضباط انشقوا بفضل العمل المُتقن والكفؤ والحازم لأجهزتنا الاستخباراتية". وخاطب مساري الضباط المنشقين قائلا: "لقد قمتم بالخيار الصائب بتخلِّيكم عن نظام بلا مستقبل". وكانت وكالة الأنباء التونسية الرسمية قد قالت في وقت سابق إن مجموعة مكوَّنة من 34 ليبيا، غالبيتهم من الضباط ذوي الرتب الرفيعة، قد وصلوا الجمعة إلى تونس قادمين من ليبيا عبر البحر الأبيض المتوسط". وأضافت الوكالة أن بعض المدنيين الليبيين كانوا قد وصلوا إلى الأراضي التونسية على متن مركبين. في غضون ذلك، أجرى جاكوب زوما، رئيس جنوب أفريقيا، محادثات مع القذافي في العاصمة الليبية طرابلس، حيث تركَّز الحوار بينهما على محاولة إيجاد حلٍّ دبلوماسي للصراع الدائر في ليبيا. وقال متحدث باسم زوما إن ضمن الأهداف الرئيسية للزيارة التوصُّل إلى وقف لإطلاق النار، وإيصال المساعدات الإنسانية إلى المناطق التي تحوَّلت إلى بؤر للصراع. كما كشف مصدر في مكتب زوما، امتنع عن ذكر اسمه،، أن "الغرض من الزيارة هو البحث عن استراتيجية لخروج القذافي". بدورها، قالت زيزي كودوا، المتحدثة باسم الاتحاد الأفريقي، إن زيارة زوما إلى ليبيا تأتي في إطار الجهود التي يبذلها الاتحاد لإقناع القذافي بالتوصل إلى حلٍّ للأزمة في بلاده. يُشار إلى أن الاتحاد الأفريقي كان قد تقدَّم الشهر الماضي بمبادرة لوقف إطلاق النار بين القوَّات التابعة للقذافي والمعارضة التي رفضت الاقتراح، وأيََّدها بذلك حلف شمال الأطلسي "الناتو"، لأن لم يدعُ صراحة إلى تنحي القذافي عن الحكم. وفي تصريحات ل بي بي سي، استبعد مستشارو القذافي احتمال تنحي الزعيم الليبي عن الحكم الذي أمضى على سدَّته قرابة 42 عاما. إلاَّ أن أحد مستشاري القذافي أقرَّ بأن زيارة زوما قد تكون الفرصة الأخيرة للتوصل إلى حل دبلوماسي للأزمة، وإن أصرَّ على القول: "لا احتمال هناك بتنحي الأخ العقيد". يُشار إلى أن الضغوط الدولية على القذافي تصاعدت مؤخرا بشكل كبير، إذ دعت قمة الثماني الجمعة إلى ترحيله. كما قال الرئيس الروسي ديميتري ميدفيديف السبت إنه لم يعد للقذافي الحق في البقاء في ليبيا. إلى ذلك، قال أندرس فوغ راسموسن، الأمين العام للناتو، إن الحملة العسكرية التي يشنها الحلف على ليبيا منذ أواسط الشهر الماضي "تحقق أهدافها، وأن أيام القذافي باتت معدودة". ففي كلمة ألقاها أمام مؤتمر للحلف في مدينة فارنا البلغارية الاثنين، قال راسموسن: "عمليتنا في ليبيا تحقق أهدافها، ونحن بالفعل قلَّصنا بقوة من قدرة القذافي على إيذاء وقتل شعبه". وأضاف: "إن عهد الرعب الذي يمارسه القذافي قد وصل إلى نهايته، وبات معزولا على نحو متزايد داخل بلده وفي الخارج، وحتى أولئك القريبين منه فقد بدأوا الابتعاد والانشقاق والتخلي عنه". قنابل خارقة للتحصينات أمَّا وزارة الدفاع البريطانية، فقد أعلنت أن سلاحها الجوي سيزوِّد طائراته المقاتلة في ليبيا بقنابل مضادة للتحصينات من نوع "إنهانسد بيفواي"، أوتحسين قدرة التمهيد" وتزن الواحدة منها ألفي رطل. وقالت الوزارة إنه تم إعداد القنابل وتجهيزها للاستخدام خلال ساعات، وأنها قادرة على مهاجمة مراكز القيادة والاتصالات في ليبيا. وقال ليام فوكس، وزير الدفاع البريطاني، إن هذه القنابل قادرة على اختراق أسطح المباني المنيعة، ونفى أن يكون الهدف منها استهداف أفراد في الدائرة المحيطة بالقذافي. من ناحية أخرى قال التلفزيون الرسمي الليبي إن "محافظة الجفرا تتعرض لقصف استعماري صليبي"، في إشارة لعمليات قوات حلف الناتو. كما ذكرت وكالة الأنباء الرسمية الليبية الاثنين إن قصف طائرات الناتو لمدينة زليتين، الواقعة إلى الغرب من مدينة مصراته التي تسيطر عليها المعارضة، أسفر عن مقتل 11 شخصا وإصابة عدد آخر بجروح. وأضافت الوكالة أن أهدافا مدنية وعسكرية ضُريت في قصف شُنَّ على منطقة وادي قعم في زليتين.