ليست هذه المرة الأولى التى اكتب فيها عن (ميمرى) التسمية المختصرة لمعهد الشرق الأوسط لأبحاث الإعلام، ولن تكون الأخيرة إلا إذا توقف هذا المشروع الإعلامى الضخم الذى سهر عليه عضو سابق فى المخابرات الإسرائيلية يدعى (ايجال كارمون) ثم أطلقه منذ ما يقرب من الثمانى سنوات، وضع خلالها العرب على لوحة التنشين فى مواجهة المجتمع الأمريكى بوجه خاص والعالم بوجه عام. ميمرى مشروع إعلامى معنى بجمع كل ما يمكن أن يخلق صورة نمطية سيئة عن العرب من وسائل إعلامهم المنشورة وإعادة نشرها بعد ترجمتها إلى 8 لغات أوربية من بينها العبرية بالإضافة إلى العربية، وكذلك يقوم بمراقبة محطات التلفزيون الرئيسية العربية والإيرانية، وإعداد ترجمات فورية مختصرة وتوزيعها بشكل انتقائي وإرسالها مجانا إلى المحطات الغربية. ويختار القائمون على المركز من المواد الإعلامية التى يعاد ترجمتها ونشرها أو بثها كل مايمكن أن يخلق فى ذهن المتلقى صورة ذهنية "ستريوتايب" قوامها أن هؤلاء العرب بشر متعطشون للدماء، يعلّمون أولادهم كراهية اليهود، متطرفون دينيا، وأحيانا بلهاء، شيوخهم مولعون بفتاوى إرضاع الكبير وإهدار دم (الميكى ماوس). وهناك وظيفة أخرى لهذا المعهد غير تشويه صورة العرب وتتمثل فى إسكات وتوجيه ضربات استباقية لأى انتقاد موجه للسياسات الإسرائيلية، وعلى سبيل المثال فقد أطلق عام 2001حملة يزعم فيها أن مناهج التعليم الفلسطينية تشجع اللا سامية وتحرض عليها. وبين الحين والأخر ادخل على موقع ميمرى على شبكة المعلومات للمتابعة وقراءة التوجهات وتحليل المادة الإنتقائية التى يختارها، وأخر ماطالعته على ميمرى كان مادة فيلمية لشيخ الأزهر منقولة عن التليفزيون المصرى يتحدث فيها عن مشكلة النقاب وقراره المتعلق به، وعنوان آخر لفيديو آخر عن إمام مسلم فى السويد قال فى تسجيل تليفزيونى: "إذا اصطف اليهود فى صف واحد وبصقنا عليهم فسوف نصيبهم بالإغماء". وعناوين كثيرة مثل ماسبق تم انتقاؤها وفصلها عن سياقها عندما يطالعها القارىء والمشاهد الأوربى لابد سوف تتكون عنده ذهنية سيئة عن العرب وهو المطلوب. ويحدث هذا على الرغم من أن أحدا من العرب أو المسلمين لم يفكر فى إنشاء مشروع مماثل، ولو فعل فسوف يجد فى المجمتع الإسرائيلى واليهودى وخاصة فى أوساطه الدينية الأصولية مادة تثير العجب ويشيب لها الولدان، لكننا لانفعل، لأننا مشغولون بمعاركنا فى الداخل نتسلى ونتلهى بها بحيث لا ننتبه لشص الصياد و طٌعمه المتدلى فى أفواهنا.