أكد عدد من خبراء وأساتذة القانون الدولي أن الاستفتاء علي تقرير المصير الذي أجري في جنوب السودان منذ أيام ما هو إلا استفتاء صوري ، وأن جنوب السودان قد أنفصل بشكل فعلي منذ سنوات ، وأن إنفصاله يعود لعدة أسباب من بينها تخلي القيادات العربية عن الوقوف بجانب السلطات السودانية برئاسة الرئيس السوداني عمر البشير ، بالإضافة إلي تخلي مصر عن دورها الريادي في المنطقة وضعف تأثيرها . جاء ذلك في ندوة ( التداعيات القانونية لانفصال جنوب السودان ) التي عقدت بنقابة المحامين بعد ظهر اليوم ، حيث اتفق المشاركون في الندوة علي أن الكيان الصهيوني هو المسئول الأول عن انقسام السودان وأن هذا الاتهام ليس من باب المؤامرة ولكن لأن إسرائيل في كل مساعيها تسعي لمحاصرة مصر من جميع الجوانب ، وأنها تسعي إلي تكوين قاعدة لها في جنوب السودان والذي يمثل عمقاً إستراتيجياً لمصر من الناحية الجنوبية . في البداية قال الخبير القانوني الدكتور أحمد المليجي عضو مجلس النقابة العامة للمحامين أن تقسيم السودان خسارة كبيرة لمصر والمصريين فهي جزء من مصر الأم والذي تخلت عنه الثورة الميمونة عندما قامت سنة 1952 م ، ليدخل بعد ذلك في دوامة من الخلافات خاصة بعد تدخل الأيدي الصهيونية الخبيثة لتلعب في داخله مدركة خطورة اقتطاع جزء مهم من هذه الدولة التي تمثل عمقا إستراتيجيا مهما للدولة المصرية التي هي في الأساس الهدف الأسمى لذلك الكيان الصهيوني ، الذي جاء من الأساس من أجل القضاء علي مصر . وأضاف المليجي أن مصر خسرت السودان من قبل ليخسر السودان الآن جزء مهم من كيانه الكبير الذي تهدف الأصابع الصهيونية الملوثة بدماء العرب إلي تقسيمه لأربعة دويلات صغيرة وضعيفة تتناحر علي الفتات ، لتضعف بذلك الجبهة الجنوبية لمصر ، التي أدي وهنها في الفترة الأخيرة وتخليها عن دورها الريادي إلي ما حدث ، لكننا سنسترد السودان ومهما فعل الأعداء ومهما حاولوا أو حتي نجحوا في التقسيم فلن يستمر ذلك طويلا ، فلا شك أن مصر سوف تستعيد قوتها ومكانتها وستتمكن من لم شمل البلدان العربية مرة أخري . ومن جانبه قال الدكتور إبراهيم إلياس أستاذ القانون الدولي وعضو مجلس نقابة المحامين أن السودان لا تحتاج إلي الأنظمة العربية بل تحتاج إلي الشعوب العربية في أزمتها التي تمر بها في الفترة الراهنة ، حيث إن السودان انقسمت بسبب الدور الصهيوني الخبيث لإسرائيل التي تعبث في العمق الإستراتيجي لمصر ، وهذا المشروع ليس مقصوداً به السودان وحده وإنما جميع الدول العربية فمصر مثلاً تحاول إسرائيل تقسيمها إلي أربعة دول ، دولة نوبية ودولة قبطية ودولة إسلامية ودولة في سيناء تشرف عليها إسرائيل . وأضاف إلياس أن نقابة المحامين تتهم من القاهرة الكيان الصهيوني بالعمل علي تفتيت الدول العربي والتي بدأتها بالعراق ثم الآن السودان ، وهذا ليس كلام في الهواء فإسرائيل هي المستفيد الوحيد من تفتيت وضعف الدول العربية .فيما قال الدكتور عبد الله الأشعل مساعد وزير الخارجية الأسبق وأستاذ القانون الدولي إن إسرائيل هي الساعي الأوحد لإضعاف الدول العربية وتقسيمها ولا يمكن أن ننسي ما قاله الإسرائيليون من قبل عندما قالوا أنه لبقاء إسرائيل لابد من القضاء علي مصر أو علي الأقل إضعافها ، والغريب أن الرئيس السادات كان يعتبر الصراع العربي الإسرائيلي صراع علي الحدود ، لكن الرئيس عبد الناصر كان يري الصراع بين العرب وإسرائيل أنه صراع بين الأسد والفريسة . وأضاف الأشعل : إن المشكلة الكبرى للسودان هي أن الرئيس عمر البشير رفض أن يكون خادماً للولايات المتحدةالأمريكية فكان عقابه الإنصياع لرغبات الكيان الصهيوني وتمزيق السودان بما يسمح بتكوين قاعدة أمريكية إسرائيلية في الجنوب السوداني .وفي مداخلته قال الدكتور إبراهيم آدم الملحق الثقافي للسفارة السودانية بالقاهرة أن العرب تخلوا عن دعم نظام الحكم السوداني والقيادة السياسية في السودان لحماية الاستقرار والوحدة ومنع الانقسام الذي نواجهه اليوم ، حيث إن الأنظمة العربية ظلت في معظم الأحيان بعيدة عن دعم السودان والوقوف إلي جوارها .. مشيراً إلي أن السلام في السودان جاء من الأساس عن طريق الدول الأوروبية ولم يكن هناك تدخل من الدول العربية لإنقاذ السودان وحول الاتهام الذي وجهه ممثل نقابة المحامين للكيان الصهيوني بالمسئولية عن تقسيم السودان قال الدكتور آدم : إن الحرب العربية الإسرائيلية لم تنته بعد وسوف تستمر لسنوات قادمة ولا يمكن أن نستبعد ضلوع الكيان الصهيوني فهو العدو الأول إن لم يكن العدو الأوحد ولابد من مواجهة محاولاته لتفتيت الدول العربية بحزم