عباس شراقي يُحذر: سد النهضة قد ينفجر في أي لحظة    جامعة الأزهر تحتفي بالقيادات النسائية وتبرز دور المرأة في المجتمع    بلينكن: أمريكا ستتخذ كل الإجراءات للدفاع عن مصالحها في الشرق الأوسط    وزير الخارجية: من غير المقبول إفلات دولة ترى نفسها فوق القانون من العقاب    بالفيديو.. ناصر منسي يسجل هدف التعادل للزمالك أمام الأهلي    السوبر الإفريقي – من اللمسة الأولى.. ناصر منسي يتعادل ل الزمالك بعد 40 ثانية    مقاول يتهم رئيس مجلس مدينة أوسيم بخطفه واحتجازه والاعتداء عليه والأمن يحقق    إضاءة أهرامات الجيزة وتمثال أبوالهول احتفالا باليوم العالمي للسياحة    إضاءة أهرامات الجيزة وتمثال أبوالهول لمدة ساعتين احتفالا باليوم العالمي للسياحة    "مش هفتي في قانون الكرة".. مراد مكرم يعلق على مباراة الأهلي أمام الزمالك في السوبر الأفريقي    حماس تندد بخطاب نتنياهو في الأمم المتحدة    إصابة طفلة بحروق نتيجة صعق كهربي بالواحات البحرية    حادث غامض.. سقوط طفلين من سيارة بالطريق السريع في العياط    جامعة كفر الشيخ تستعد لاستقبال طلابها في العام الجامعي الجديد    الجيش الروسي ينفذ 33 ضربة مشتركة على مؤسسات صناعية عسكرية أوكرانية    كيف علق نبيل الحلفاوي على أحداث الشوط الأول من مباراة الأهلي والزمالك؟    عصام السيد: تعرضت لانتقادات بسبب حسين فهمي وعزت العلايلي في «أهلا يا بكوات»    الأزهر للفتوى: معتقد الأب والأم بضرورة تربية الأبناء مثلما تربوا خلل جسيم في التربية    تزامنا مع مباراة الأهلي والزمالك.. «الأزهر للفتوى» يحذر من التعصب الرياضي    محافظ المنوفية: تنظيم قافلة طبية مجانية على مدار يومين بقرية دكما    رئيس المصريين الأحرار: المواطن غير راض عن الدعم العيني    إقبال جماهيري كبير على مركز شباب الجزيرة لمشاهدة مباراة الأهلي والزمالك    وزير الخارجية الجزائري يجري بنيويورك محادثات ثنائية مع العديد من نظرائه    الوزارة فى الميدان    كولر: متفائل بتحقيق الفوز على الزمالك.. ونسعد جماهير الأهلي في السوبر    القاهرة الإخبارية: أعداد النازحين إلى بيروت تتغير بين ساعة وأخرى    نظام دولي.. وزير التعليم يكشف سر تعديل نظام الثانوية العامة    العمل والإتحاد الأوروبي يبحثان إعداد دليل تصنيف مهني يتماشى مع متغيرات الأسواق    «مياه مطروح» تنظم الندوة التوعوية الثانية بالمسجد الكبير    "الصحة" تطلق تطبيقًا لعرض أماكن بيع الأدوية وبدائلها    سون مهدد بالغياب عن توتنهام في قمة مانشستر يونايتد    حقيقة إضافة التربية الدينية للمجموع.. هل صدر قرار من وزارة التعليم؟    توقعات عبير فؤاد عن مباراة الأهلي والزمالك.. من يحسم الفوز بكأس السوبر؟    في يوم السياحة العالمي.. أسعار تذاكر المتاحف والمناطق الأثرية    منظمة "أنقذوا الأطفال": 140 ألف طفل اضطروا للفرار من منازلهم بجنوب لبنان    جراحة عاجلة للدعم فى «الحوار الوطنى»    عودة لقانون 2008.. إجراءات جديدة لتسهيل استخراج رخص البناء بدءًا من الغد    أذكار الصباح والمساء في يوم الجمعة..دليلك لحماية النفس وتحقيق راحة البال    كل ما تحتاج معرفته عن حكم الجمع والقصر في الصلاة للمسافر (فيديو)    «حياة كريمة» توزع 3 آلاف وجبة غذائية ضمن مبادرة «سبيل» بكفر الشيخ    سياسية المصرى الديمقراطى: نحن أمام حرب إبادة فى غزة والضفة    استشاري تغذية: الدهون الصحية تساعد الجسم على الاحتفاظ بدرجة حرارته في الشتاء    علي جمعة: من المستحب الدعاء بكثرة للميت يوم الجمعة    آس: راموس لم يتلق أي عرض من الزمالك    محافظ أسوان يؤدي صلاة الغائب على شهيد الواجب معاون مباحث كوم أمبو    انتصارات أكتوبر.. "الأوقاف": "وما النصر إلا من عند الله" موضوع خطبة الجمعة المقبلة    محافظ الفيوم يعلن نجاح أول عملية قلب مفتوح بمستشفى طامية المركزي    انطلاق فعاليات ماراثون الجري بالزقازيق    فتح شواطئ وأندية الإسماعيلية بالمجان بمناسبة الاحتفال باليوم العالمي للسياحة    أيمن بهجت قمر: «تامر حسني بيحب يغير في كلمات الأغاني» (فيديو)    بدء تطبيق المواعيد الشتوية لغلق المحلات.. الحد الأقصى العاشرة مساءً.. زيادة ساعة يومي الخميس والجمعة.. وهذه عقوبة المخالف    مصرع تلميذة سقطت من أعلى مرجيحة أثناء لهوها بقنا    الكاف يستعرض مشوار الأهلي قبل انطلاق السوبر الإفريقي    توجيهات لوزير التعليم العالي بشأن العام الدراسي الجديد 2025    رئيس الرعاية الصحية والمدير الإقليمي للوكالة الفرنسية يبحثان مستجدات منحة دعم التأمين الشامل    غلق الدائري من الاتجاه القادم من المنيب تجاه المريوطية 30 يوما    ولي عهد الكويت يؤكد ضرورة وقف التصعيد المتزايد بالمنطقة وتعريضها لخطر اتساع رقعة الحرب    حريق كشك ملاصق لسور مستشفى جامعة طنطا (تفاصيل)    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



ماذا تعني بصمة القاعدة ؟ - د‏.‏ عمرو الشوبكي - الأهرام - 13/1/2011
نشر في مصر الجديدة يوم 13 - 01 - 2011

أثار التفجير الإرهابي الذي شهدته مدينة الإسكندرية صبيحة عيد الميلاد وأسفر عن مقتل‏23‏ شخصا ونحو‏80‏ مصابا تساؤلات كثيرة عن الجهة التي نفذته خاصة بعد أن أطلق البعض العنان لخياله واتهم بشكل عشوائي كل الخارج والداخل دون أي سند أو دليل‏.‏
وقد دلت مجموعة من المؤشرات الأولية علي أن القاعدة قد تكون وراء هذه العملية‏,‏ ولكن يبقي السؤال بأي معني؟
الحقيقة أن تنظيم القاعدة شهد تحولات عميقة عقب اعتداءات‏11‏ سبتمبر‏,‏ وتحول من تنظيم مركزي إلي خلايا وجماعات لا تحركها فقط الفكرة المركزية‏(‏ الجهادية أو بالأحري التكفيرية‏)‏ التقليدية لتنظيم القاعدة‏,‏ إنما أيضا سياقات الواقع السياسي والاجتماعي المحيط بها‏,‏ فالطائفية والمذهبية حاضرة بقوة في معارك تنظيم القاعدة في العراق‏,‏ وضعف الدولة في اليمن ومشاكل الجنوب أنعش الفرع اليمني‏,‏ وأصبح تنظيم القاعدة التاريخي الموجود في المناطق الحدودية والقبلية بين أفغانستان وباكستان ويقوده أسامة بن لادن وأيمن الظواهري أمثولة ونهجا أكثر منه بنية تنظيمية قادرة علي تحريك باقي الفروع بالأمر المباشر‏.‏
والحقيقة أن انتشار الشكل الثاني من تنظيم القاعدة والمتمثل في الفروع الموجودة في البلدان التي تضعف فيها شرعية الدولة وتعجز عن بسط سيطرتها الأمنية بشكل كامل علي ترابها الوطني مثل العراق واليمن والصومال‏(‏ الأخيرة تغيب فيها الدولة بشكل كامل‏),‏ ومنطقة الساحل والصحراء في النيجر حيث سقط مؤخرا الرهينتان الفرنسيتان‏,‏ بعد أن أصبحت هذه المنطقة مأوي لفلول تنظيم القاعدة عقب نجاح الدولة الجزائرية ومعها المغربية في دحرهم خارج الحدود فاختاروا مناطق تضعف فيها سلطة الدولة بعد مواجهه قاسية مع الحكومة الجزائرية‏,‏ وأيضا عقب سلسلة من العمليات الإرهابية أهمها عملية الجماعات السلفية الجهادية في الدار البيضاء في المغرب في‏2003,‏ وعدد من العمليات الأخري في الجزائر‏.‏
أما الصورة الثالثة لنشاط القاعدة فهي تتمثل في خلايا العملية الواحدة التي يمكن زرعها في بعض البلدان‏,‏ أو نقلها جوا أو بحرا بعد عملية إعداد وتأهيل عقائدية قصيرة في اليمن أو العراق‏,‏ وهنا تظهر أسماء مثل أنور العولقي في اليمن أو مختار بلمختار في موريتانيا‏,‏ أو جودان القائد في الصومال وغيرهم‏.‏
وهنا سنجد عملية النيجيري عمر الفاروق عبد المطلب في ليلة رأس السنة الميلادية في‏2009‏ نموذجا بارزا لتلك الحالة الجديدة‏,‏ فالشاب الذي لم يتجاوز عمره‏20‏ عاما وهو ابن أسرة ثرية درس في بريطانيا وعاش في أمريكا‏,‏ ومع ذلك نجح الإمام اليمني أنور العولقي في تجنيده لحساب القاعدة‏,‏ وقام بمفرده بمحاولة خطف الطائرة الأمريكية المتجهة من أمستردام إلي الولايات المتحدة بغرض تفجيرها‏.‏
إن نموذج عمر الفاروق تكرر في أكثر من تجربة للقاعدة سواء التي جرت مؤخرا في السويد أو قبلها بوضع مواد كيميائية مع أحد ركاب طائرة‏,‏ أو ما تردد عن طرود مفخخة بعضها يمكن أن يحسب علي القاعدة‏,‏ وكان المتهم في كل هذه الحالات ليس تنظيم القاعدة المركزي إنما التنظيمات الفرعية عبر منفذين قد يكونوا شخصا واحدا أو خلية محدودة لا تتجاوز أصابع اليد الواحدة‏.‏
والحقيقة أن عملية الإسكندرية تدل المؤشرات الأولية أن بصمة القاعدة حاضرة من خلال هذا النموذج الثالث أي أن منفذها قد يكون من عناصر العملية الواحدة المرتبطة بأحد فروع القاعدة دون الحاجة لوجود لتنظيم جرار للقيام بهذه الجريمة‏.‏
إن أحد الأوهام الرائجة في بعض التحليلات العربية والغربية تقوم علي أن أي جريمة إرهابية من هذا النوع تستلزم وجود تنظيم كبير بنفس الحجم الذي عرفناه في مصر مع تنظيمي الجهاد والجماعة الإسلامية في ثمانينيات القرن الماضي‏,‏ وهو أمر غير صحيح وليس له علاقة بالتطورات التي جرت علي تنظيم القاعدة‏,‏ وكيف أدي انكسار تنظيمه المركزي إلي تحوله لخلايا صغيرة قادرة بشخص واحد أن تؤذي المئات وربما الآلاف من الناس‏.‏
والمؤكد أن معضلة الأجيال الجديدة المرتبطة بالقاعدة أنها لا تمتلك إستراتيجية واضحة تجاه النظم القائمة ولا بديلا فكريا وعقائديا لها كما فعلت التنظيمات الجهادية في ثمانينيات القرن الماضي‏,‏ حين دخلت في مواجهات قاسية مع نظم الحكم في مصر والجزائر بغرض إسقاطها وفشلت‏,‏ ونجحت هذه النظم في إنهاء قدرتها علي ممارسة أي نوع جديد من العمليات الإرهابية‏.‏
وقد تغير شكل الإرهاب ودوافعه في السنوات العشر الأخيرة عن الذي شاهدناها في العقود السابقة‏,‏ فهو أولا يغلب عليه الطابع الفردي لأشخاص لا ينتمون إلي أي من التنظيمات الجهادية الكبري وليس لهم أي رغبة أو حتي حرص علي صياغة مشروع فكري أو عقائدي يوضح الهدف النهائي من ممارسة هذا العنف‏,‏ وهم لا يتحملون البقاء في تنظيم محكم بهيراركية صارمة‏,‏ ولذا فأن علاقتهم بالقاعدة هي علاقة عبر النت تحكمها استقلالية تنظيمية واسعة‏,‏ أدت إلي جعل الجهاد في الحالة الجديدة مهمة فردية تمثل نوع من الخلاص الفردي الذي يصنع أو ويبرر حادثة فردية‏,‏ ولا يحمل أي رؤية جماعية أو مشاريع عامة لتغيير المجتمع أو إسقاط النظام‏,‏ إنما الانتقام من الجميع‏:‏ المجتمع والنظام السياسي والطوائف الدينية الأخري‏.‏
إن بصمة القاعدة في عملية الإسكندرية تبدو حاضرة من زاوية التهديد المسبق بتفجير الكنائس من قبل أحد تنظيمات القاعدة البارزة في العراق‏,‏ وأيضا من زاوية الاحترافية التي اتسم بها هذا العمل من حيث حجم المواد المتفجرة خاصة إذا قارناها بعمليات العنف العشوائي والبدائي لأشخاص هواة كتلك التي رأيناها في الحسين وميدان عبد المنعم رياض‏,‏ بالإضافة لاختيار التوقيت عقب انتهاء الصلاة في كنيسة القديسين‏,‏ وبعد نصف ساعة من بداية العام الجديد‏,‏ وهي كلها أمور تدل علي أن هناك عقل احترافيا بمستوي تنظيم القاعدة خطط لهذه العملية أما المنفذون فقد يكونوا شخصا أو شخصين علي الأكثر‏,‏ وليس تنظيما واسع الانتشار‏.‏
إن أخطر ما يمكن القيام به في التعامل مع حادث من هذا النوع هو تجاهل أبعاده الإرهابية المؤكدة ومحاولة حشره في قالب طائفي ضيق‏,‏ فيصر البعض علي أن من خططوا له جماعات إجرامية طائفية‏,‏ وهو أمر مستبعد في هذه الحادثة وغير مستبعد في حادثه نجع حمادي مثلا ولا غيرها من الحوادث الطائفية التي شهدتها مصر وعكست أزمة طائفية في علاقة المسلمين بالأقباط‏.‏
إن إرهاب القاعدة يجب التعامل معه علي إنه إرهاب استهدف هذه المرة مسيحيين وقد يستهدف المرة القادمة مسلمين‏,‏ ولكن دون أن يعني ذلك إنه لا توجد مشكلة طائفية في مصر تستلزم مراجعة كثير من السياسات الرسمية حتي نحافظ علي الدولة والمجتمع من خطر الإرهاب والطائفية معا‏.‏


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.