نبيل عواد المزيني نشرت احدي الصحف المصرية خبرا تحت عنوان " لأول مرة فى تاريخ الدعوة الإسلامية.. مباهلة بين داعية كويتي والشيعي ياسر الحبيب " ، وبصرف النظر عن عدم صحة النصف الأول من العنوان ( لأول مرة فى تاريخ الدعوة الإسلامية..) والذي سوف يتضح من خلال المقال ، فإن توجيه اللعنات وتنزيل النقمات علي رؤوس بعضنا أصبح من الأمور المحزنة والمخذية خاصة في عصر يتعرض الإسلام لهجمات شرسة من إعدائة . فبعد أن دعا الشيخ الكويتي محمد الكوس إمام وخطيب مسجد الإمام مالك بالكويت الداعية الشيعي ياسر الحبيب إلي المباهلة على أي قناة فضائية أو على أي غرفة في برنامج البالتوك في أي تاريخ و وقت يناسبه ، صدر بيان من مكتب ياسر الحبيب في لندن بقبول الدعوة للمباهلة ، وتم إختيار قناتي فدك الشيعية وقناة الحكمة السنية لبث هذه المباهلة علي الهواء مباشرة . وحتى يستطيع القارئ الكريم متابعة مقالنا ، ويعي حجم الكارثة التي يمر بها الإسلام والمسلمون في هذا الزمان نبدأ بتعريف المباهلة فهي لغة تعني الملاعنة، أي الدعاء بنزول اللعنة على الكاذب من الطرفين ، والبَهلة تعني اللَعنة والبهل يعني اللعن كما جاء في القاموس المحيط وتاج العروس . ومما عُرفَ بالتجربة حسب قول ابن القيم " أن من باهَل وكان مبطلاً لا تمضي عليه سنة من يوم المباهلة " والخلاصة أن المباهلة أي الملاعنة هي طلب تنزيل اللعنات علي احدهما وببساطة يعني موته وهلاكه في خلال عام من تاريخ المباهلة . وإنه ليؤسفني أن أرى بعض شيوخ المسلمين (سني أو شيعي) ، قد أشغلوا أنفسهم وأشغلونا معهم بمحاربة بعضهم البعض ، وتنزيل اللعنات علي رؤوسهم ورؤس أبنائهم وأحبائهم ،وتركوا العدو اللدود المشترك الذي لا يستهدف الصحابة وزوجات الرسول فحسب بل يستهدف الدين كله ، وما الرسوم الدنماركية ، وحرق نسخ القرآن بأيدي أجنبية منا ببعيد . والحقيقة أنني لا استطع فهم كيف يفكر كلا الشيخين ( محمد و ياسر) وماذا يريدان في هذا التوقيت بذات من المباهلة ، ايودان إشعال إيقاظ الفتنة ، فهذا ليس وقتها ، أم يريدان تصريف طاقتيهما ، فهذا ليس مكانها ، فإن كانوا يريدون تنزيل اللعنات علي رؤوس المسلمين ، فهي نازلة وبكثرة ودون طلبهم ، فالحمد لله الذي لا يحمد علي مكروه سواه ، وإن كانا لا يستطيعا رؤية تلك اللعنات فسوف نريهما لهما بعون الله وفضلة ، علهم يتوقفون عن طلب المزيد منها . ففي الكويت بلد الشيخين ( السني محمد و الشيعي ياسر) والتي أيضا يقطنها سنة وشيعة ، تم (لعن) تدمير مؤسسات و منشآت حكومية ونفطية كويتية نجم عنها خسائر بمليارات ( اللعنات) الدولارات إضافة إلى الكوارث البيئية التي حلت بالكويت نتيجة حرق آبار البترول أثناء غزو العراق للكويت ، ناهيك عن عدد (اللعنات) التي أصابت القتلى والجرحى والاسري ،فإذا لم يكن عدد تلك اللعنات كافيا لكلا الشيخين ( السني والشيعي) فكم عدد اللعنات المطلوبة حتى يتوقفا عن طلب المزيد من اللعن للمسلمين !! . وفي العراق الذي يقطنه سنة وشيعة بلغ عدد ( اللعنات) القنابل العنقودية التي ألقيت على العراق حسب إعلان وزارة البيئة العراقية أكثر من 55 مليون ( لعنة ) قنبلة عنقودية؛ أي بمعدل أكثر من ( لعنتين) قنبلتين عنقوديتين لكل مواطن عراقي يعيش على أرض الرافدين ، ولم تفرق ( اللعنات) القنابل بين سني وشيعي فالمساواة والعدالة في التوزيع كانت مطبقة علي أكمل وجهة طبقا للمعاير الأمريكية ، فإذا لم يكن عدد تلك اللعنات كافيا لكلا الشيخين ( السني والشيعي) فكم عدد اللعنات المطلوبة حتى يتوقفا عن طلب المزيد من اللعن للمسلمين !! . وان كان ما حدث في الكويت والعراق ولازال يحدث ، لا يكفي الشيخان ( السني والشيعي) ففي لبنان الذي يقطنه سنة وشيعة في حرب تموز وصل عدد (اللعنات) الضحايا خلال هذه الحرب إلى 1200 (لعنة) قتيل و آلاف (اللعنات) الجرحى ، غالبيتهم من المدنيين و ثلثهم من الأطفال دون سن 12. بالإضافة إلى حوالي مليون مهاجر (ربع سكّان لبنان) خلال العدوان الإسرائيلي . أما في إسرائيل فقد بلغ عدد (اللعنات) الضحايا إلى 100 (لعنة فقط) قتيل غالبيتهم من العسكر ، فإذا لم يكن عدد تلك اللعنات كافيا لكلا الشيخين ( السني والشيعي) فكم عدد اللعنات المطلوبة حتى يتوقفا عن طلب المزيد من اللعن للمسلمين !! . ومؤخرا وليس آخرا في اليمن الذي يقطنه سنة وشيعة بلغ حجم الخسائر المادية لليمن في حربها مع الحوثيين 850 مليون ( لعنة) دولار ،وطال الدمار بشكل جزئي أو كلي، نحو 4141 ( لعنة علي) منزلًا، و64 ( لعنة علي )مزرعة لإنتاج الفاكهة، و24 ( لعنة علي ) مزرعة لإنتاج الدواجن، و201 ( لعنة علي ) منشأة حكومية منها 116( لعنة علي ) مدرسة و36 ( لعنة علي ) منشأة صحية و26 ( لعنة علي ) منشأة أخرى ومسجد. وكشف التقرير عن وجود آلاف ( اللعنات ) القتلى والجرحى والمشردين والأرامل والأيتام،كانوا ضحايا المواجهة بين الحكومة والحوثيين ولكن دون وجود إحصائية دقيقة لدى الجهات الرسمية عن عدد الخسائر ( اللعنات) البشرية وحجمها الحقيقي ، فإذا لم يكن عدد تلك اللعنات كافيا لكلا الشيخين ( السني والشيعي) فكم عدد اللعنات المطلوبة حتى يتوقفا عن طلب المزيد من اللعن للمسلمين !! . وللشيخين ( السني والشيعي) نقول ، إذا كان حجم وعدد كل تلك اللعنات السابقة لم يكفيكما ، وإذا اعتقد كل منكما انه نصير عقيدته والحامي بني مذهبة والموبيد لأعداء بني ملته ، وأن ملاعنته لأخيه واجب شريعي لابد منه ، فنقول لكما ، لقد كفاكما شيخين أخريين ( أيضا سني وشيعي ) مؤنة المباهلة ورفعا عنكما الحرج والتكليف ، فقد باهل الشيخ السني د"محمد البراك" عضو هيئة التدريس بكلية الدعوة وأصول الدين بجامعة أم القرى ، المرجع الشيعي سماحة الشيخ "علي آل محسن" في الدمام بتاريخ 29/ شعبان/ 1431ه) الموافق العاشر من شهر أغسطس الماضي ، قرب مطار الملك فيصل ويمكنكما مشاهدة المباهلة علي اليوتوب ، فبارك الله فيكما .. ما قصرتم . وفي الختام نسأل الله أن يهدي الشيخين (محمد الكوس السني و ياسر حبيب الشيعي ) ويتراجعا عن المباهلة ، ويصرفا جهدهما في الدفاع عن دين الله ضد أعدائهما المشتركين الذين ينقمون ممن أمن بالله ويبغونها عوجاً وينقضون عهد الله من بعد ميثاقه ويقطعون ما أمر الله به أن يوصل ويفسدون في الأرض . نبيل عواد المزيني باحث وكاتب عربي الولاياتالمتحدةالأمريكية www.elmozainy.com