تتعرض الأمة العربية في هذه المرحلة لأخطار كبيرة تهدد بمحو الهوية العربية بعد أن تعرضت الدول العربية لخلافات متعددة وانتماءات مختلفة تتعارض مع الهوية العربية والمصلحة العربية المشتركة. المؤتمرات العربية والقمم العربية فشلت كلها طوال السنوات الماضية مما دعا البعض إلي تغيير مسمي الجامعة العربية إلي الاتحاد العربي.. وسواء كانت جامعة أو اتحاداً فإنها قد فقدت مصداقيتها بالنسبة للشعوب العربية. العرب اليوم لا تربطهم أي علاقات جادة ولكن العلاقات الجادة هي العلاقات بين الدول العربية وبين دول كانت ومازالت عدوة للعرب وللوجود العربي. إسرائيل العدو الأكبر بالنسبة لكل العرب أصبحت حليفة لبعض الدول العربية التي تباعدت بين بعضها والبعض الآخر. الولاياتالمتحدةالأمريكية أصبحت تعتبر بعض الدول العربية حليفة لها ولإسرائيل ضد إيران. دولة قطر طلبت أكثر من مرة عودة العلاقات القطرية - الإسرائيلية إلي ما كانت عليه قبل الحرب الإسرائيلية علي غزة.. ولكن إسرائيل تمنعت ورفضت الطلب القطري كعقاب علي ما أظهرته قطر ولو شكلياً من تعاطف مع الشعب الفلسطيني في غزة. المضحك في الأمر أن يسعي الرئيس الأمريكي باراك أوباما إلي دعوة العرب السنة لمواجهة شيعة إيران.. لقد تجاهلت الولاياتالمتحدةالأمريكية تاريخ أمريكا مع إيران الشيعية في عهد الشاه عندما كانت الولاياتالمتحدةالأمريكية تعتبر إيران هي شرطة المنطقة وحامي المصالح الأمريكية في كل منطقة الشرق الأوسط. اسمعوا واعوا أيها العرب كيف تتغير أمريكا ومواقفها من مساعدة النظام الشيعي الإيراني في عهد الشاه.. إلي التحول لدعوة العرب السنة لمساندة إسرائيل ضد إيران الشيعية. الولاياتالمتحدةالأمريكية التي حاربت السنة العراقيين وساعدت علي إبادتهم تعود لتدعو العرب السنة للوقوف معها ضد شيعة إيران. أمريكا تبيع الأسلحة الأمريكية المتطورة من منظومات الصواريخ وغيرها لدول الخليج العربي لكي تستخدمها القوات الأمريكية والإسرائيلية في حربها ضد إيران. أمريكا التي استخدمت القوات المصرية والسورية لمحاربة جنود صدام حسين من السنة في الكويت تسعي اليوم إلي استخدام سنة العراق ومصر والسعودية والأردن لمساندة إسرائيل في حربها ضد إيران. بعد تحرير الكويت بمساندة جنود مصر وسوريا الذين كانوا أول من اقتحم الحدود العراقية في منطقة حفر الباطن وأول من دخل حدود الكويت أعلن الرئيس الأمريكي جورج بوش الأب ان الولاياتالمتحدةالأمريكية ستكافئ العرب الذين حاربوا نيابة عنها في الكويت بحل القضية الفلسطينية حلا كاملا.. ولكن تخلي جورج بوش الأب عن وعوده.. كما تخلي جورج بوش الابن عن وعوده لحل القضية في مؤتمر أنابوليس قبل انتهاء فترة ولايته الأخيرة. وجاء باراك أوباما ليلقي علينا خطابا من جامعة القاهرة تعهد فيه أيضا بحل القضية الفلسطينية ولكنه لم ينتظر طويلا حتي وجد نفسه خاضعا لنتنياهو خضوعا كاملا متخليا عن كل الوعود التي لوح بها للعرب وللمسلمين. بعد هذا التراجع والخنوع من جانب باراك أوباما أمام رئيس وزراء إسرائيل.. لم يستحي أوباما في الطلب من الدول العربية التي أسماها بحلفاء إسرائيل بالانضمام إلي الحرب القادمة ضد إيران. لاشك ان أوباما سيعيد ما فعله جورج بوش الأب من وعود للعرب بحل قضيتهم بعد أن يشاركوا في الحرب الإسرائيلية ضد إيران. بعد جريمة قافلة الحرية وثورة الشعوب في كافة أنحاء العالم ضد تلك المجزرة التي ارتكبتها إسرائيل ضد رسل الحرية من جميع الأجناس.. أدانت كل الدول إسرائيل إلا الولاياتالمتحدةالأمريكية التي لم يجرؤ رئيسها باراك أوباما علي مجرد عتاب إسرائيل علي فعلتها ولكن بلاده سارعت إلي استخدام الفيتو لمنع إدانة إسرائيل في مجلس الأمن كما تفعل دائما. ومثل كل المرات نسي العرب مجزرة أسطول الحرية ونسوا كل التصريحات النارية التي أطلقوها بعد تلك المذبحة التي استفزت كل دول العالم. والولاياتالمتحدةالأمريكية والدول الأوروبية المتحالفة مع إسرائيل تحدت الرأي العام الشعبي في أمريكا وأوروبا وعادت إلي مواقفها الحقيقية المساندة لإسرائيل في كل جرائمها. في الأسبوع الماضي عبرت فرنسا علي لسان رئيسها اليهودي المجري ساركوزي للسلطة الفلسطينية ممثلة في أبومازن عن انزعاجها وغضبها من ما وصفته بالسياسات الجديدة لتركيا تجاه القضية الفلسطينية وذلك خلال لقاء الرئيس الفرنسي مع محمود عباس في باريس. ساركوزي أبلغ عباس أن تركيا يجب أن تبقي بعيدة عن القضية الفلسطينية لأن من أسطول الحرية ونشاطها الداعم لغزة سيسبب للسلطة الفلسطينية مزيدا من الحرج. قال ساركوزي انه يشعر بالانزعاج من خطاب رئيس الوزراء التركي رجب طيب أردوغان عقب محاولة أسطول الحرية وقال ان أردوغان ذهب بعيداً في تصريحاته ووضح من تصريحات ساركوزي انه يري في تطور العلاقة بين حماس وتركيا خطورة كبيرة لأن أنقرة حسب قوله يمكن أن تلعب دورا في ايصال حماس للعالم بحكم علاقة تركيا مع واشنطن. الدول الغربية المساندة لإسرائيل تشعر بالانزعاج من ظهور قوتين حديثتين في الشرق الأوسط هما تركيا وإيران. أردوغان أبلغ في مطلع الشهر الجاري الولاياتالمتحدة بأنه لا يقبل وصف حماس علي أنها منظمة إرهابية وأضاف ان حماس حركة مقاومة تقاتل من أجل الدفاع عن أراضيها وأن الكثيرين من أعضائها معتقلون في السجون الإسرائيلية رغم ان حماس فازت في الانتخابات الديمقراطية التي اعترف العالم كله بنزاهتها. ومن تركيا إلي إيران نجد نفس الرفض للدور الإيراني في المنطقة السيناتور الديمقراطي "هاري ريد" أعلن انه ينبغي علي الولاياتالمتحدة منع إيران من تطوير أي سلاح نووي لأنها تهدد بكل تأكيد الأمن القومي للولايات المتحدة وإسرائيل . من أجل كل ذلك يجب أن لا نكرر خطأنا في العراق مع إيران.. كل الدول العربية ساندت الحرب الأمريكية ضد صدام حسين بحجة ان نظام صدام نظام ديكتاتوري يهدد دول الجوار حسب ما قالته الولاياتالمتحدة ورددته الببغاوات من الحكام العرب. اليوم يتكرر السيناريو الذي اتبعه الغرب مع العرب فالولاياتالمتحدة وإسرائيل وكل دول الغرب التي ساندت الحرب علي العراق تكرر مواقفها بالنسبة لحض العرب ضد إيران لكي تنفرد بهم بعد ذلك وتتركهم فريسة لإسرائيل.