إذا كان اسطول الحرية لم يصل إلي وجهته التي أبحر اليها وهي قطاع غزة .. واذا لم يحقق هدفه الذي انطلق من اجله وهو كسر الحصار الجائر المفروض علي القطاع منذ أربع سنوات من قبل دولة الاحتلال ..واذا لم يستطع أن ينجز مهمته التي انطلق من اجلها وهي توصيل المساعدات للفلسطينيين المحاصرين في القطاع .. فإنه وصل الي اكثر مما كان يبغي من وجهته وحقق ابعد من هدفه .. واستطاع ان ينجز اضعاف مهمته .. ولفت انظار العالم اجمع الي اكبر سجن بشري في العالم وهو قطاع غزة .. وحرك الضمير العالمي تجاه مئات الآلاف من الغزاوية الجوعي والمرضي بسبب الحصار الاسرائيلي الجائر . ولكني اتساءل .. من منع اسطول الحرية من الوصول الي غزة ؟ .. هل هي مصر ام دولة الاحتلال ؟.. من الذي منع القافلة من الوصول بالمساعدات الي المحاصرين في القطاع ؟.. هل هي مصر ام سلطة الاحتلال ؟؟ من الذي قتل المناصرين والنشطاء الحقوقيين المتضامنين مع غزة ؟؟ هل هو الامن المصري ام الكوماندوز الاسرائيلي ؟ هل تعرضت من قبل اي قافلة مساعدات خارجية دخلت برا عن طريق مصر كقافلة جالاوي ¢شريان الحياة¢ وغيرها لمثل ما حدث لسفن قافلة الحرية من اقتحام وقتل وارهاب ؟ .. وعندما احبطت قوات الاحتلال مسعي القافلة وارتكبت مجزرتها ضد من فيها من اناس مسالمين .. هل تقاعست مصر ؟ هل تخلت عن مناصرة الاشقاء في غزة ؟ لقد هبت الجماهير المصرية في مظاهرات منددة بما حدث من عدوان همجي ومطالبة بكسر الحصار المفروض علي غزة .. وامر الرئيس حسني مبارك علي الفور بفتح معبر رفح بشكل كامل الي اجل غير مسمي .. وادانت الحكومة المصرية العدوان الوحشي واستدعت الخارجية سفير الكيان الصهيوني وابلغته رفضها وادانتها لهذا العدوان الغاشم واستخدام القوة المفرطة تجاه اناس عزل مسالمين لا يبغون الا مساعدة ومناصرة المحاصرين في غزة . ان الحصار علي غزة ليس من جانب مصر ولكن من جانب دولة الاحتلال التي اغلقت المنافذ امام تنقل العمال الفلسطينيين لداخل اسرائيل ونقل السلع الاساسية والبضائع وكل مستلزمات الحياة الي قطاع غزة .. فقد انتهجت سلطات الاحتلال الإسرائيلي سياسة إغلاق المنافذ والمعابر بشكل منتظم مع بداية انتفاضة الأقصي عام 2000 م كوسيلة ضغط علي الشعب الفلسطيني لتحقيق أهدافها السياسية والأمنية ووصل الامر إلي أقصي درجاته بعد نجاح حماس في الانتخابات التشريعية وسيطرتها علي قطاع غزة حيث ضيقت سلطات الاحتلال الخناق علي سكان القطاع وحاصرتهم بشكل تام بعد أحداث يونيو 2007 ولم يبق امام الغزاوية الا منفذ صغير ليكون هو المنفذ الوحيد لهم لباقي دول العالم ولاستمرار الحياه وهو معبر رفح الذي لم يغلق الا لفترات قصيرة وليس بشكل دائم وهذا الغلق دائما ما يكون لاسباب امنية ثم سرعان ما يفتح من جديد ومعبر رفح المصري معبر حدودي بين دولتين هما مصر وفلسطين المحتلة من قبل الكيان الصهيوني .. والمرور منه يخضع لاتفاقيات دولية .. شأنه كأي منفذ دولي .. حيث ان جميع الدول العربية تنظم عملية الدخول اليها والخروج منها من خلال المنافذ البرية والبحرية والجوية .. وليس هناك حرية تنقل بينها .. فان معبر رفح يخضع لسيادة دولتين .. مصر من جانبها .. وفلسطين المحتلة من جانبها.. وفتح المعبر تحكمه اتفاقية تنظيم المعابر المبرمة عام 2005 والتي تربط فتح المعابر بوجود إشراف من جهتين هما الحرس الرئاسي الفلسطيني ومراقبين من الاتحاد الأوروبي .. ومصر لم تمنع مرور الفلسطينيين من المعبر ولكن لابد للاخوة الذين يطالبون بفتح منفذ رفح الحدودي من جانب مصر بشكل عشوائي .. ان يطالبوا بفتح منافذ دولهم امام رعايا الدول العربية الاخري خاصة المصريين الذين يلقون جميع اصناف الذل والهوان في مطاراتهم وموانئهم .. والدخول الي بلادهم يتم بتأشيرة مسبقة صعبة المنال .. يسبقها كشف طبي وامني وخلافه .. وعندما يصل المصريون للدول العربية التي هي من المفترض شقيقة وكانت يوما ما بلدا واحدا تحت ظل الخلافة الاسلامية الي ان مزقها الاستعمار الغربي .. يحجزون جوازات سفرهم ويضيقون عليهم بنظام الكفيل .. هذا النظام الذي يمكن الكفيل من التحكم في المواطن المصري وعدم دفع مستحقاته بل وسجنه او ترحيله .. وايضا هناك نموذج اخر وهو المنافذ المصرية الليبية التي كانت مفتوحة .. ولكن عندما كثر عدد المصريين ومعظمهم من العاطلين عن العمل .. قامت السلطات الليبية من جانبها باغلاق الحدود في وجه المصريين وطالبتهم بتأشيرات وكشوف طبية وحسابات بنكية وخلافه. هذه الدول حرة في تنظيم حركة المرورمنها وإليها لغير مواطنيها.. ونحن ايضا احرار في تنظيم حركة المرور من وإلي بلدنا .. ومع ذلك .. لم نتأخر يوما ولم نغلق المعبر في وجه الاخوة الغزاوية الا نادرا ولظروف ودواعي طارئة .. اما مرور البشر والمساعدات فهو مستمر بصفة شبه يومية .. ولكن فتح المعبر للمرور العشوائي كما حدث من قبل فهذا امر غير منطقي .. وهناك فرق كبير بين النظام والفوضي .. فعندما فتح معبر رفح من قبل امام الفلسطينيين .. وما ارتكبوه من جرائم ومخالفات فضلا عن تسببهم في ارتفاع اسعار السلع الاساسية المرتفعة اصلا ونقصها بشدة من الاسواق المصرية .. وقد خسر التجار الجشعون الذين فضلوا البيع للفلسطينيين بالدولار بدلا من البيع للمواطنين بالجنيه المصري وفي النهاية اكتشفوا انها دولارات مزورة. أما المزايدون وراغبو الشهرة الذين يزايدون علي وطنية مصر واخلاصها لقوميتها وعروبتها .. وينظمون قوافل تحمل بعض المساعدات التي لا تذكر بجانب المساعدات المصرية المتدفقة علي قطاع غزة والكهرباء وغير ذلك .. لا يمكن ان يحرجوا مصر ولكنهم يهيجون قصار النظر من العرب الذين يتطاولون علي مصر في وسائل الاعلام وعلي الانترنت .. ولكن هؤلاء لن ينالوا من قيمة وقامة مصر .. وما كانت سفن اسطول الحرية تحمله من مساعدات .. لا يمثل الا جزءاً ضئيلاً بالنسبة لما تقدمه الحكومة والمنظمات الحكومية وغير الحكومية والجمعيات الاهلية المصرية للقطاع بصفة مستمرة .. وهذا ليس تقليلا من الدور الذي لعبته قافلة الحرية .. فهي لعبت دورا كبيرا بل يعد دورها من اكبر الادوار التي حركت مسألة الحصار الجائر علي غزة.. ولكن علي العرب والمزايدين والمتطاولين ان ينظروا الي موقف مصر نظرة منطقية محايدة .. فكلنا نحب غزة ونبكي دما لاحوال اخواننا الفلسطينيين التي لا تسر عدواً ولا حبيباً.. ولكن مصر دولة ذات سيادة وهي لم تكن في يوم من الايام ضد الاشقاء الفلسطينيين .. وليس هناك من الدول العربية من دفع للقضية الفلسطينية اكثر مما دفعته مصر من دمها وكرامتها ومالها .. ويجب الا ننقاد الي العاطفة .. فالسياسة عكس العاطفة والامور لا تقاس بالضغط الجماهيري .. ولكن هناك توازنات ومصالح وهذه التوازنات والمصالح لا تتعارض مع واجب مصر ودورها تجاه الاشقاء الفلسطينيين .. ولكنها لا تنقاد إلي المهيجين ومن ورائهم العاطفيون والمنقادون والموتورون والحاقدون .. وأؤكد والجميع يعلم ان مصر قيادة وحكومة وشعبا مع الشعب الفلسطيني عامة وشعب غزة خاصة .. ولم ولن يخذلهم ابدا .. لان المصريين لو خذلوا أي عربي فهم يخذلون انفسهم .. ولكن اين العرب الآن ؟ انهم مشغولون بالتنابذ والتطاول علي بعضهم .. وعندما تنهك قواهم تماما سينقض عليهم الغرب الذي يستقوون به علي بعضهم .. ليبيدهم ويمحو اثرهم من خريطة العالم.