سحر حشاد "كل سنة وأنت طيب"... كلمة فقدت معناها ورونقها وبهجتها، وأصبحت تُقال في كل وقت؛ بداعٍ وبغير داع، فكم من صور عديدة لمواقف نعايشها يوميًا ونسمع فيها هذه الكلمة بدون مناسبة. بدءًا من المتسول الذي يلاحقك في الشارع قائلاً: "كل سنة وانت طيب يا بيه" أو "كل سنة وانتي طيبة يا مدام"، ليحصل منك على اللي فيه النصيب؛ بصرف النظر عن كونه يستحق أم لا. والكناس الذي يقترب منك أثناء توقفك بسيارتك في إشارة مرور لأنه اكتشف فجأة بجانب سيارتك الفخمة بعض القمامة والأتربة التي يجب إزالتها في الحال، ويحاول لفت نظرك له بعبارة: "كل سنة وانت طيب يا باشا". هذا إلى جانب أي عامل في مصلحة حكومية عندما يقدم لك ما هو واجب عليه عمله ولكنه يحاول أن يشعرك أنها خدمة خارج نطاق عمله وفوق احتماله وطاقته لينال المعلوم، ويكمل هذا المفهوم بعبارة: "كل سنة وانت طيب يا سيدي". أما الطالب الفاشل الذي يعرف جيدًا أن موعد بدء امتحاناته خلال أيام، ومع ذلك "عايش حياته" و"منفض" للمذاكرة، وعندما تحاول نصحه بقولك: "يا بنى ذاكرلك كلمتين ينفعوك"، يرد عليك بكل تناحة ووقاحة: يا عم كل سنة وأنت طيب اللي ذاكر ذاكر. وطبعًا لا ننسى الجلسات النسائية، لأن واحدة يا عيني سألت صديقتها: جوزك جابلك إيه في عيد الحب إمبارح؟ فردت عليها: ما خلاص بقى كل سنة وإنتي طيبة، دا كان زمان. وخد عندك هذه النماذج السريعة: مصروف البيت خلص من يوم 20 في الشهر علشان... كل سنة وانت طيب الحاجة غليت والأسعار بقت نار. اتصلت عليك يا فلان إمبارح الساعة 11 مساءً محدش رد عليا!... آه، أصل كنا على الكورنيش للفجر، صيف بقى كل سنة وانت طيب. آلووووووو، انتو نمتوا ولا إيه الساعة لسة مجتش 10؟!... آه أصل كل سنة وانتي طيبة بقى شتا وبيحب الدفا والنوم بدري. وهكذا فنحن المصريون نجيد استخدام هذه الكلمة عمال على بطال، لدرجة إن يوم العيد الصبح لو حد قالك كل سنة وأنت طيب هتسأل نفسك يا ترى ليه؟ ويقصد بيها إيه؟ ولا عاوز مني إيه؟ ألست معي أنها كلمة فقدت بهجتها؟! وعلى رأي المثل: " كل سنة وأنت طيب من غير سبب؛ قلة أدب". [email protected]