وزير الخارجية أحمد أبو الغيط استبعد وزير الخارجية المصري أحمد أبو الغيط اندلاع حرب بين مصر ودول منبع حوض النيل على خلفية الأزمة الناشبة حاليًا بسبب محاولة هذه الدول تعديل الاتفاقيات السابقة بشأن تقاسم مياه النهر بين دول المنبع والمصب. أكد أبو الغيط أن دولة الاحتلال تحاول منذ فترة إثارة الخلافات بين مصر والدول الإفريقية ولكنه وجه إنذارا شديد اللهجة لكل من يحاول العبث بالحقوق المائية المصرية ووصفها بخط أحمر لا تنازل فيه، مشيرا في الوقت نفسه ان قضية اندلاع حروب بسبب مياه النيل ليست مطروحة رغم اعترافه بوجود حالة من الشحن ضد مصر بدول المنابع تنطوي في معظمها علي إيحاءات بأن مصر تحتكر مياه نهر النيل، لدرجة أنهم يتحدثون عن إمكانية بيع مياه النيل لمصر باعتبارها مجرد سلعة. وقال أبو الغيط : "توقَّعنا فشل مفاوضات شرم الشيخ، وهناك حالة شحن ضدنا منذ 6 أعوام، وهناك مزاعم بأن مصر تحتكر النيل ويريدون بيعه لنا كسلعة، لسنا مضطرين بالمرة للدخول في حرب بسبب الماء حتى ولو فشلت المبادرة المصرية لدول الحوض، كل المعاهدات الدولية "هلسنكي وأمريكا اللاتينية" صدقت على اتفاقيات الأنهار الحالية ولا يستطيع أحد خرق القانون الدولي". وأضاف الوزير في الحوار الذي نشرته صحيفة الجمهورية اليوم: "صحيح أن هناك من يقول لنا إنكم تأخذون 55 مليار متر مكعب من مياه النهر التي يبلغ إجماليها 88 مليارًا سنويًّا في المتوسط.. لكن هذه نظرة سطحية جدًّا.. لأن القانون الدولي به أسس يتم بناءً عليها توزيع المياه.. منها مثلًا وجود موارد مائية أخرى متاحة لدى الدولة وعدد سكانها، بالإضافة طبعًا إلى نمط الاستخدام التاريخي وما إلى ذلك من عوامل تصبُّ كلها في صالح مصر من الناحية القانونية والأدبية والسياسية". وتابع: "حرصنا على توضيح أن مياه النيل هي بمثابة هبة إلهية لجميع الدول التي يسري فيها وليس لدول المنبع فضل كونها تقع جغرافيًّا في أعالي النهر.. وبالتالي فالمياه الواردة منه هي حق طبيعي لا يمكن تغييره أو التنازل عنه، أخذًا في الحسبان أن نهر النيل يمثِّل لمصر شريان الحياة؛ لأن اعتمادنا الأساسي هو على مواردنا منه، بنسبة تفوق ال 90% بينما لا تعتمد عليه أي من دول المنابع التي تتمتع بوفرة كبيرة في المصادر المائية، إلا بنسب ضئيلة وأحيانًا نجدها لا تُذكر". وحول الاتهامات الموجَّهة لمصر بإهمال أفريقيا وهو ما أدى إلى اندلاع هذه الأزمة، قال أبو الغيط: "على مدار الفترة من مطلع الثمانينيات وحتى الآن تمد مصر قدر استطاعتها يد العون للأشقاء في مختلف ربوع القارة لدعم جهود التنمية وتحقيق الرخاء الاقتصادي، والأخوة الأفارقة يعلمون أن مصر تستقطع من مواردها للمساعدة في تنمية القارة الأفريقية وتحسين مستوي معيشة أبنائها". وأضاف: "البعد الأفريقي يمثل أحد أهم أولويات عمل السياسة الخارجية المصرية فلمصر 40 سفارة في أفريقيا، وتمثيل غير مقيم في 10 دول ويمثل عدد تلك البعثات ربع حجم التمثيل الدبلوماسي المصري تقريبًا، مصر أحد أكبر المساهمين في ميزانية الاتحاد الأفريقي حيث تسدد 15% من الميزانية، وقد سدَّدت مصر في موازنات الاتحاد الإفريقي ما يقرب من 55 مليون دولار في الأعوام الأربعة الماضية". وتابع: "لا يمكن لأحد أن ينكر الدور المصري الرائد في مواجهة التحديات والمشاكل التي تواجه أفريقيا.. فالدور المصري بارز في أغلب قضايا النزاعات في أفريقيا، ومنها علي سبيل المثال الشأن الصومالي وفي جهود حل الصراع في الصومال وتحقيق الاستقرار في منطقة البحيرات العظمى وكذا أزمة دارفور، وتساهم مصر في أغلب عمليات حفظ السلام في أفريقيا". وحول الطرق التي ستسلكها القاهرة لحل هذه الأزمة، قال أبو الغيط: "نحن نتحدث عن تعاون بين دول الحوض وليس تناحرًا ومواجهات.. والمطروح حاليًا من جانب دول المنابع لا يمكن لمصر القبول به، خاصةً وأن مشروع الاتفاق الإطاري لم يتضمن أية إشارات لضرورة احترام الاتفاقيات القائمة. وبالتالي فإن التوقيع عليه سوف ينهي سريان تلك الاتفاقيات.. وكل هذه المسائل يتم التعامل معها سياسيًّا ودبلوماسيًّا وقانونيًّا وغيره". وقال: مصر حرصت على التأكيد لدول المنابع والدول والجهات المانحة، أن فتح الباب للتوقيع على مشروع الاتفاق معناه انتهاء المفاوضات بشأنه، وبالتالي إعلان فشل مبادرة حوض النيل.. وفي هذه الحالة ستقوم دول المنابع بالتوقيع منفردة وإنشاء جهاز خاص بها لا يختلف كثيرًا عن المؤسسات القائمة بالفعل في إطار تجمع دول شرق أفريقيا. وأضاف: "وزارة الخارجية تعمل مع الري والوزارات والأجهزة الأخرى لصياغة وتوجيه مواقف مصر التفاوضية وكيفية التعامل مع الموقف بشكل مستمرّ.. وبالتالي سعينا في إطار القواعد الإجرائية التي درجت عليها مبادرة حوض النيل.. والتي تنص على ضرورة التوصل إلى توافق آراء حول كافة نصوص مشروع الاتفاق الإطاري.. سعينا إلى دعم روح التعاون بين دول الحوض والعمل على تنفيذ المشروعات لصالح شعوب تلك الدول". والمتصور أن تظل دول المنابع تحترم قواعد القانون الدولي التي تؤسس مبدأ عدم الإضرار، وتحترم التزاماتها بموجب الاتفاقيات القائمة بين دول الحوض والعرف الذي تأسس على ممارسات دامت لمئات السنين بين تلك الدول.