الأصل فى أى عملية فنية هو السيناريو أو النص لأنه سيد الموقف.. وهو السبب فى علو الدراما المصرية فى المنطقة العربية.. لكن سرعان ما انقلبت هذه القاعدة وأصبح النجم هو سيد الموقف.. والسبب الإعلانات التى حولت الدراما إلى جلسات إعلانية ومعها حدثت الكوارث التى أصابت الدراما المصرية وبنظرة سريعة لمسلسلات رمضان هذا العام، نلاحظ أن معظمها تدور فى فلك النجوم مثل يسرا وإلهام شاهين ونبيله عبيد ونور الشريف ويحيى الفخرانى وحسين فهمى وغيرهم. والسؤال: هل من مخرج لهذه الأزمة أو العدوى التى انتقلت من السينما للتليفزيون؟، وإلى متى ستستمر هذه الظاهرة؟ البداية مع الكاتب الكبير أسامة أنو عكاشة الذى يرى أن سبب هذه الظاهرة هوالإعلانات التى سببت الدمار للدراما المصرية والتى أصبحت فى خدمة الإعلان بشكل مباشر وتنتج من أجل تسويق إعلانات السمن والصابون والزيت لا من أجل تقديم فن راقى، وينتج عن ذلك ارتفاع أجور النجوم لأرقام فلكية وتذهب معظم ميزانية المسلسلات لهم بالاضافة إلى انحدار المستوى الفنى بشكل رهيب وأصبح المبدأ أو القاعدة المسيطرة على الوسط الفنى هى أخطف وأجرى.. ولا يهم المعلن أو النجم مستوى العمل وبالتالى أصبحنا فى مصر (الإعلانات) لا مصر.. الدراما؛ حيث طفى الكم على الكيف ولا مكان لجودة ورسالة العمل، وبدأنا نعطى الأولوية للنجوم من أجل جذب الإعلانات ونسعرهم على حسب دقائق الإعلانات، فتراجع النص وتقدم النجم ودخلنا مرحلة المؤلف الملاكى، والترزى الذى يفصل كليبات درامية على مقاس كل نجم أو نجمة.. ونتج عن ذلك الكوارث الدرامية التى تشاهدها بسبب غزو المعلنين للدراما. ويضيف عكاشة: أن مبدأ المنتجين هو البيضة ولا الفرخة، فالتكاليف الإنتاجية زادت بسبب أجور النجوم ولم يبقى أى أموال ليخرج العمل بصورة جيدة عكس ما يحدث فى سوريا فيضطر المنتجون إلى التكلفة والمنتج بإمكانه حل هذه المعادلة بالعودة للوراء مثلما كانت تنتج مسلسلات الدراما والنظام الأساسى هو الكيف وليس الكم.. وجودة ورسالة العمل وعدم وجود إعلانات تنزل على المسلسل وبالتالى لابد من عودة النص ليكون سيد الموقف. ويقول السيناريست محمد الغيطى: إن التجربة أثبتت أن النجوم هم الذين أفسدوا الدراما بسبب المعلنين والتسويق العربى وأصبحوا يتدخلون فى كل شىء بدءا من اختيارالنص والمخرج والمنتج والأبطال ويطلبون الملايين وهى أمور أصابت الدراما والحل هو إبعاد المعلنين عن الدراما، وذلك عن طريق أعمال قرارات لجنة المشاهدة التى شكلها ممدوح البلتاجى وزير الإعلام السابق، وأخذها أنس الفقى الوزير الحالى لأن هذه اللجنة شاهدت مثلا العام الماضى 40 مسلسلا ولم يعرض على القنوات الرئيسية أى عمل من الأعمال التى رشحوها للعرض إلا أعمال النجوم رغم سطحيتها ونتج عن ذلك هروب المشاهد العربى للفضائيات والحل ألا تترك الفرصة للمعلن للتحكم فى الشاشة، والمنتج سبب آخر لأنه يريد المدمج وهو جاهل لأنه يتصور أن النجم يعلن له الإعلانات التى تغطى تكاليف العمل واقترح أن يتم بيع أعمال النجوم للفضائيات العربية ولا تعرض على المشاهد المصرى، لأن ذوق المشاهد الخليجى يختلف عن العربى. فى حين يرى الناقد طارق الشناوى أن النجوم الآن أصبح لهم سطوة مطلقة فى التحكيم فى تفاصيل العمل الدرامى هذا أسفر عن أسوء عهود تعيشها حاليا الدراما المصرية وأصبح القانون السائد هو أن يحظى المؤلف بموافقة النجم فهو على استعداد لأن يفعل أى شىء فهو مؤلف ترزى والمخرجون أصبحوا فى حالة يرثى لها لإرضاء النجم.. وهذه الدعوى انتقلت من السينما للتيلفزيون لأن قانون السينما يعتمد على شباك التذاكر والبودى يمنح النجوم قدرة على فرض أرائهم وأصبحت الإعلانات تذاكر التليفزيون موزايا لشباك تذاكر الشىء وأصبح المنطق السائد داخل مطبخ الدراما هو الخضوع المطلق من الجميع لإرادة النجم. فى حين ترى الفنانة إلهام شاهين أن هناك تحامل شديد على النجوم فى هذه الجزئية قائلة: لولا النجوم لما شاهد أحد المسلسلات، ولما استطاع المنتج أن يدفع المبالغ وأجور ونفقات على المسلسل عن طريق التسويق وبيع المسلسل للمحطات الفضائية.. فأنا مثلا إذا كنت أتقاضى 5 ملايين جنيه كأجر فالمنتج ليس غبيا لكى يدفع لى هذه الأموال ولا يكسب من ورائى ما دفعه أكثر وأكثر.. أن مسألة النجوم كلام فارغ.. لأنه لو تحقق ذلك لخرج العمل بشكل مشوه وهو أمر يضر بالمجتمع أولا والمنتج ثانيا. أما الفنانة يسرا.. فدافعت عن اتهام البعض للنجوم بأنهم ديكتاتوريين فى كل تفاصيل العملية الفنية قائلة: ليس صحيح لأن المخرج هو صاحب الحق فى ترشيح من يراه مناسبا للدور، فمسألة أن النجوم سبب انهيار الدراما كلام فارغ.. لأنه سبب وجود ليلى علوى والهام شاهين ونبيلة عبيد ويسرا ونور الشريف والفخرانى وغيرهم أصبحت الدراما المصرية هى الأقوى وفى النهاية العمل الفنى عمل جماعى.