الزعيم الشيعي عمار الحكيم رئيس المجلس الأعلى الإسلامي العراقي يرى محللون أن إيران والسعودية تخوضان صراع نفوذ حادا في العراق مع تراجع الهيمنة الأميركية على هذا البلد مع الانسحاب التدريجي للقوات بحلول نهاية العام 2011. ويقول بيتر هارلنك الباحث المختص في الشرق الأوسط في "مجموعة الأزمات الدولية" إن "الانسحاب الفعلي وكذلك النفسي للولايات المتحدة سيفتح الطريق للاعبين آخرين، وقضية موقع العراق في المعادلة الإقليمية يتوقف خصوصا على طبيعية حكومته" المقبلة. وقد توجه الزعيم الشيعي عمار الحكيم رئيس المجلس الأعلى الإسلامي العراقي المقرب من إيران الثلاثاء إلى المملكة العربية السعودية للقاء الملك عبد الله. وفي اليوم نفسه توجه نائب رئيس الوزراء رافع العيساوي، السني المقرب من رئيس الوزراء الأسبق إياد علاوي، إلى طهران. وسبق ذلك، زيارة الزعيمين الكرديين، الرئيس العراقي جلال طالباني ورئيس إقليم كردستان مسعود بارزاني، لعاصمتي البلدين. وأشار هارلينغ الذي تم الاتصال به هاتفيا في دمشق: "حتى الآن كانت مفاوضات تشكيل الحكومة تجري في المنطقة الخضراء، رمز الاحتلال الأميركي. لكنها باتت الآن تجرى جزئيا في العواصم المجاورة". من جانبه، قال حميد فاضل أستاذ العلوم السياسية في جامعة بغداد: "لم نعد نشاهد أحدا من السياسيين يهرول إلى السفارة الأميركية أو إلى واشنطن فقد أصبحت القبلة التي يحجون إليها وأيهما يصل إليها أولا (هي) الرياض و طهران". وأضاف: "لم نعد نسمع عبارات عداء ضد الرياض ولا كلمات معارضة لإيران". يشار إلى أن تشكيل الحكومة العراقية بعد انتخابات عام 2005، كان ثمرة مساومات بين الولاياتالمتحدة الأميركية والساسة العراقيين. لكن الولاياتالمتحدة وقعت بعد ذلك مع بغداد اتفاقية على انسحاب جنودها من البلاد نهاية 2011. وهي تسعى قبل أي شيء إلى إجراء هذا الانسحاب بأفضل طريقة ممكنة. وقال السفير الأميركي في بغداد كرستوفر هيل مؤخرا: "نعتقد أن تشكيل الحكومة سيتم في العراق وليس في دول الجوار (...) الولاياتالمتحدة تتابع الأمور من كثب وقد أكدنا بوضوح أننا سنوافق على ما سيختاره العراقيون بطريقة ديمقراطية". وعراق اليوم أصبح عرضة لتدخل دول الجوار، بعد أن كان يشكل تهديدا لها إبان نظام صدام حسين الذي خاض حربا على مدى ثمانية أعوام مع إيران (1980-1988) قبل اجتياحه الكويت. وقال علي رضا نادر الباحث في مؤسسة "راند كوربوريشن" إن "إيران والمملكة العربية السعودية تعتبران العراق ساحة مهمة على صعيد التنافس الإقليمي بينهما (...) لذلك فهما على استعداد للقيام بترتيبات سياسية تعود بالمنفعة عليهما". وأوضح أن "التاريخ يظهر أن إيران والسعودية حريصتان أيضا على أن لا تتحول المنافسة بينهما إلى نزاع مفتوح". وأشار إلى أن الدعوات الأخيرة التي وجهها البلدان للعراقيين تظهر أن هناك "محاولات من قبل مختلف الكتل السياسية العراقية للتوصل إلى تسوية بين إيران والسعودية، اللذين يمثلان أكبر القوى الإقليمية في الخليج". وقد تخلى السنة الذين حكموا العراق على مدى نحو ثمانين عاما، عن السلطة للشيعة بعد اجتياح العراق بقيادة الولاياتالمتحدة للعراق عام 2003، والذي أعقبته حرب طائفية دموية بلغت ذروتها عام 2006 و2007. وقد انخفضت بعد ذلك أعمال العنف بشكل كبير على الرغم من عدم توقف الهجمات بشكل كامل. وأشار حميد فاضل إلى أن "هناك تنافسا، فقد تدخلت السعودية في العراق بعد أن لاحظت أن إيران بدأت القيام بذلك". وختم قائلا: "في كل الأحوال، لن يكون هناك رئيس وزراء لا يحمل بصمات إيران والسعودية" وتابع: "الأمر معقد للغاية لأن لكل من البلدين وجهات نظر متباينة". وقد استطاعت الكتلة العراقية التي يتزعمها رئيس الوزراء الأسبق إياد علاوي التقدم في الانتخابات التي جرت في السابع من مارس الماضي بحصولها على 91 مقعدا تلتها قائمة دولة القانون بزعيمها رئيس الوزراء المنتهية ولايته نوري المالكي والتي حازت على 89 مقعدا.