جاء التجاذب المصري المغربي حول لجنة القدس ليخرج إلى السطح جانبا من تنافس عربي-عربي عادة ما يجري في الكواليس حول ترؤس واحتضان مقرات منظمات وهيئات إقليمية عديمة الدور العملي في الواقع ولا تتأتى منها سوى بعض الدعاية والبهرج الإعلامي للدول التي تحتضنها. وأغضبت تصريحات صدرت عن مستشار الأمين العام للمجلس الأعلى للآثار في مصر مختار الكسباني طالب فيها بسحب ملف القدس من المملكة المغربية، أغضبت الرباط التي استنكرت عبر وزارة الخارجية تلك التصريحات وردت بالقول إن المغرب ليس مسؤولا عن "المحاولات الإسرائيلية لتهويد القدس". كما نقلت هيئة الإذاعة البريطانية "بي بي سي" عن عبد الكبير العلوي المدغري العضو المغربي في لجنة القدس ومدير عام وكالة بيت مال القدس دفاعه عن دور المغرب في دعم المدينة المقدسة، قائلا "عندنا مكتب في القدس وفي رام الله وقمنا ببرنامج المدارس الجميلة لإصلاح وترميم جميع مدارس القدس". وأثار هذه الزوبعةَ تسارعُ وتيرة الاجراءات الإسرائيلية لتهويد القدس وتنويع الاجراءات الهادفة الى ذلك، ومن آخرها إعلان سلطات الاحتلال الاسرائيلية في فبراير الماضي قرار ضم الحرم الإبراهيمي في الخليل ومسجد بلال بن رباح في الضفة الغربية، وكذلك اعتزام بناء كنيس جديد ومدرسة في حي جيلو بالقدسالشرقيةالمحتلة على أراض صودرت من فلسطينيين. وتضع إسرائيل لتهويد القدس سياسات ممنهجة وتغطيها بجهد ديبلوماسي وترصد لها الميزانيات. وليست هذه هي المرة الأولى التي توجه فيها انتقادات للجنة القدس التي ترأسها المملكة المغربية لجهة ضحالة ما تبذله من جهد في التصدي لتهويد المدينة. غير أن مستشار الأمين العام للمجلس الأعلى للآثار في مصر مختار الكسباني لم يطالب بإسناد رئاسة لجنة القدس لبلاده بعد سحبها من المغرب بل طالب بوضعها في أيدي دولة إسلامية قوية ذات علاقات دولية متينة مثل تركيا. واستند الكسباني -حسب رأيه- إلى أن المغرب "لا يتمتع بأي ثقل سياسي وعلاقاته بكل من الاتحاد الأوروبي ومنظمة اليونسكو محدودة"، مضيفا في مقابلته مع "بي بي سي" أن المغرب يواجه تحديات داخلية وخارجية. وبرر ترشيحه لتركيا بأنها إحدى الدول القوية في منظمة المؤتمر الإسلامي، داعيا إلى تضافر جهود جميع الدول الإسلامية مع تركيا لتتولى هذا الملف، ومشيرا إلى أن لتركيا مصالح مع الاتحاد الأوروبي والولايات المتحدة يمكن أن تمارس من خلالها ضغوطا لوقف "خطط تهويد القدس". وبالنظر إلى محدودية الدور العملي للجنة القدس تماما مثل أغلب هيئات العمل العربي والإسلامي المشترك يبدو التجاذب المصري-المغربي أشبه بالخصام على جثة هامدة، حيث تبدو اللجنة أبعد ما تكون عن هدف "الحفاظ على الهوية العربية والطابع الاسلامي لمدينة القدس" الذي تأسست لأجله عام 1975 بناء على توصية من منظمة المؤتمر الاسلامي.