في سابقة جديدة من نوعها قام 20 شيخًا من مشايخ الطرق الصوفية بزعامة الشيخ علاء أبو العزائم برفض قرار رئيس الجمهورية بتعيين الشيخ عبد الهادي القصبي شيخا لمشيحة الطرق ، وقالوا: إن هذا القرار مخالف للقوانين لأن الطريقة التي يتبعها الشيخ القصبي غير شرعية وغير موجودة من الأساس، كما أن هناك نزاعا قضائيا بخصوص هذا الأمر، وإذا نظرنا إلى الشكل القانوني لاختيار شيخ مشايخ الطرق فنجد أن القانون 118 لسنة 1976 ينص على أن يتم تعيين شيخ مشايخ الطرق من قبل رئيس الجمهورية بناء على استشارة وزارات الأوقاف والداخلية والتنمية المحلية والثقافة ومشيحة الأزهر أي أن شيخ مشايخ الطرق لابد أن يكون مرضيا عنه من الدولة. المراقب للحال الصوفي في مصر يدرك أن ما حدث يعتبر تحولا في تعامل الصوفية مع الدولة، إذ إن الصوفية غالبًا ما يكونون موالين للحاكم ونادرًا ما يعترضون على قرار أصدره.. فهل سيحترف الصوفية السياسة أم أن ما حدث كان مجرد موقف سيمر. بدأت الأزمة بوفاة الشيخ أحمد كامل ياسين شيخ مشايخ الطرق الصوفية، وبعدها اختير الشيخ علاء أبوالعزائم شيخًا للمشايخ، ثم انقلب عليه الشيوخ في الاختيار الانتخابي ليظهر "القصبي" كشيخ مشايخ الطرق الصوفية. بعض الآراء قالت إن الدولة انتبهت لعلاقات الشيخ علاء بإيران مما جعلها تعيد النظر في تعيينه شيخا للطرق ولذلك أوعزت للمشايخ بالانقلاب عليه وصدر القرار للقصبي. في السطور التالية " مصر الجديدة " تطرح السؤال: هل تنقلب الصوفية علي النظام؟ ويكون لها دور في المشهد السياسي الفترة القادمة مثل الإخوان والكنيسة والمعارضة والمستقلين. الشيخ علاء أبو العزايم شيخ الطريقة العزمية يقول: إن الصوفية ليسوا محترفي سياسة وموقف الطريقة العزمية والطرق التي انضمت معها في رفضها لتعيين القصبي شيخا لمشايخ الطرق لا يعتبر تمردًا على نظام الرئيس مبارك ولا يمثل خطًا جديدًا في فكرنا ولكنه تعبير عن موقف، فهناك أشياء ربما كانت غائبة عن الرئيس مبارك ولابد أن يعلمها ونحن نطالبه بإعادة النظر في قراره. وأضاف: إن علاقتي بإيران واضحة جدًا وليس فيها أي غموض لأن أمن الدولة يعلم كل ما أفعله هناك كما أنني أذهب في لقاءات عامة وليست سرية والكلام مع الإيرانيين دائمًا يدور حول التقارب ووحدة الأمة ونبذ الخلافات لان المسلمين جميعا أخوة. وأوضح الشيخ عبد الخالق الشبراوى شيخ الطريقة الشبراوية أن قرار رئيس الجمهورية بتعيين القصبى سيجعلنا لا نستمر في متابعة القضايا التي رفعناها أمام القضاء الإداري؛ لأن استمرارنا في هذه القضايا سيعنى أننا دخلنا في مواجهة مع رئيس الجمهورية وهذا غير وارد في فكرنا ونحن في النهاية لسنا دعاة مناصب ولا دعاة سياسة ولكننا نسعى لإصلاح المجتمع، واعتراضنا على القصبي كان إحقاقا للحق لان طريقته غير معترف بها من قبل المجلس الأعلى للطرق وغير مسجلة به من الأساس، والمشايخ غير راضين عنه ولذلك اعترضنا ولكن إذا وصل الأمر للمواجهة مع الرئيس فسنقف لأننا لسنا دعاة سياسة. وأكد الشيخ محمد الشهاوي شيخ الطريقة الشهاوية علي أن الصوفية أداة لإصلاح النفس وتهذيبها أمام خالقها ونشأتها أصلا جاءت عندما انشغل الناس بالصراع على الحكم فكان من الأمة من رأى أن الابتعاد عن الصراع والانشغال برضا الله هو الغاية الكبرى من وجودنا في هذه الدنيا، وكان أشهرهم الإمام الحسن البصري ولذلك فإننا كطرق صوفية لا نجيد السياسة ولا نريدها ولكننا نتحرك حينما نرى أن الأمة في خطر مثلما حدث إبان الصليبيين والتتار ووقتها وقف الصوفية بقيادة الشيخ العز بن عبد السلام وساندوا سيف الدين قطز لكي يقضوا على التتار، ونفس الأمر حدث مع صلاح الدين، أما الدخول في صراع مع الحاكم والخروج عليه فليس من عقيدتنا، وموقفنا من القصبي كان إحقاقا للحق وليس من اجل أي أغراض دنيوية. ويرى الدكتور عمار علي حسن الخبير في الجماعات الإسلامية أن الصوفية كطريقة لم تعد حالة من الزهد والتعبد الفردي، فقد صارت مؤسسات ضخمة لها امتداد عابر للقارات كافة بعضها يجتهد في أن يلعب دوراً تنموياً وسياسياً واجتماعياً وبعضها تمادى في الفولكلور وتم اختزاله إلى ظاهرة احتفالية، وبعضها متسامح في التعامل مع الآخرين بما في ذلك أتباع الطرق الصوفية المنافسة وبعضها يدخل في تناحر مع الآخر ويعاديه، وبعضها تعاون مع الاستعمار وربما هو ما تريده الولاياتالمتحدة في الوقت الراهن لكن أغلبها حارب المستعمر بضراوة وجزء منها ساهم في التنمية بأبعادها الشاملة وجزء كان عالة على المجتمع. ويضيف: إن الصوفية المصرية وإن كانت أفرزت في عصور سابقة ولمرات قليلة شيوخاً ناطحوا السلاطين وكان أقربها ما قامت به الطريقة العزمية في أثناء ثورة 1919 وكانت تشارك في المظاهرات ضد الانجليز، والأمر نفسه تكرر في حرب 1948 ضد إسرائيل حينما أرسلت الطريقة فدائيين للمشاركة في الحرب وكان هذه موقفا فرديا من هذه الطريقة فقط ، ولكن الآن تحولت الطرق إلى مجرد خادم للحكام وهي مسألة لا تخطئها عين من يتابع الاحتفالات الصوفية ولا يهملها عقل من يفكر في خطاب المتصوفة حيال السلطة من جهة، والحبل السري الذي يربط تنظيمهم بشقيه الإداري والروحي بجهاز الدولة الأمني والديني من جهة ثانية ، ولذلك لا أرى أن اعتراض الصوفية على تعيين القصبي من قبل رئيس الجمهورية خروجا أو معارضة له ولكنه مجرد نوع من العتاب وليس أكثر.