(صحافة -) فزورة القواعد العسكرية - الشروق الجديد فى مفاجأة من العيار الثقيل كشف الدكتور على الدين هلال أمين الإعلام بالحزب الوطنى عن وجود 3 قواعد عسكرية لطائرات أجنبية على أرض مصر، عند تولى الرئيس مبارك الحكم، وقال إن مبارك خاض معركة شرسة للحفاظ على أرض واستقرار البلد، وأكد أن مصر هى الدولة العربية الوحيدة حاليا التى لا توجد بها قواعد عسكرية أجنبية. الفقرة السابقة منقولة نصا من خبر نشرته صحيفة الوفد على صفحتها الأولى، يوم الجمعة (7/8) حول لقاء الدكتور هلال مع شباب الجامعات بالإسكندرية وحديثه عن القواعد العسكرية الثلاث غير مسبوق، إذ أنها المرة الأولى التى يعلن فيها أمين الإعلام بالحزب الوطنى هذه المعلومة الخطيرة، ورغم أنه لم يشر إلى هوية القواعد، إلا أننا لا نحتاج إلى بذل جهد لكى نعرف أنها أمريكية، ليس فقط لأن الرئيس السادات هو الذى أخرج الروس من مصر بتشجيع وترحيب أمريكيين ولكن أيضا لأنه القائل بأن 99% من الأوراق بيد الولاياتالمتحدة. بعد أن مضى أكثر من أسبوع على نشر هذا الكلام، ولم يكذبه أو يصوبه الدكتور على الدين هلال، فإننا نصبح فى حل من الحذر فى تصديقه، مما يسوغ لنا أن نتعامل معه باعتباره خبرا صحيحا، ناهيك أن أمين الإعلام فى الحزب الحاكم ما كان له أن يتطوع بإذاعة معلومة بهذه الأهمية إلا إذا كان واثقا من صحتها، ولا مفر من الأعتراف بانها تصدم القارئ من عدة أوجه، من ناحية فهى دالة على أن ثمة أسرارا تتعلق بممارسات السلطة فى تلك المرحلة لم يكشف النقاب عنها بعد، الأمر الذى يفتح الباب لتصديق الشائعات التى تحدثت عن أمور أخرى تمت خلالها، منها حكاية الملاحق السرية لاتفاقيات كامب ديفيد التى حملت مصر بالتزامات غير معروفة تجاه إسرائيل. ومن ناحية ثانية فإن وجود تلك القواعد يعد تفريطا فى السيادة الوطنية يثير أكثر من سؤال حول حدود ذلك التفريط ومداه، وحين يتم ذلك التفريط على يد الرئيس السادات فإنه يعزز فكرة الانتقلاب على ثورة يوليو الأمر الذى يسوغ لنا أن نقول إن عصر الثورة انتهى برحيل الرئيس جمال عبد الناصر. هذا الإعلان شبه الرسمى لخبر القواعد الأجنبية الثلاث يثير سؤالين مهمين: الأول يتعلق باستخدامات تلك القواعد فى المرحلة الساداتية، والثانى ينصب على مصيرها بعد تولى الرئيس مبارك للسلطة فى عام 1981 ولأن الأول يتعلق بالماضى والثانى موضوعه الحاضر والمستقبل، فإننى استشعر قلقا أكبر على الحاضر والمستقبل، مؤجلا بحث إجابة السؤال الأول فى الوقت الراهن. لقد أدى إخراج السوفيت من مصر إلى مواجهة مع النظام السوفيتى أسفرت عن قطيعة نسبية بين القاهرة وموسكو، كما ذكر الرئيس مبارك قد خاض معركة شرسة لتخليص مصر من القواعد الأجنبية كما ذكر الدكتور على الدين هلال، فإن ذلك موقف يجب أن يقدر لا ريب لكنه لا يمنعنا من التساؤل عن توقيت حدوث تلك المعركة المهمة التى لم نسمع بها، وعن التداعيات التى ترتبت عليها وإلى أى مدى أثرت على العلاقات المصرية الأمريكية، ولابد هنا من الإشادة (بعبقرية) إدارة هذه المعركة التى كانت نتيجتها طرد القواعد الأمريكية من مصر، وفى الوقت ذاته الاحتفاظ بعلاقات استراتيجية بين القاهرةوواشنطن مما يمكن أن يوصف بأنه (غرام بعد الخصام). تنتاب المرء حالة من البلبلة حين يقرأ الكلام الذى يعتبر أن مصر هى الدولة الوحيدة التى لا توجد على أرضها قواعد عسكرية أجنبية ثم يقع على كلام مغاير صادر على ألسنة المسئولين الإسرائيليين، ما أعنيه هنا هو تلك المعلومات التى تمنيت أكثر من مرة أن ينفيها أى مسئول مصرى، والتى صرح بها وزير الأمن الداخلى الإسرائيلى السابق آفى ديختر فى محاضرته الشهيرة التى ألقاها فى معهد أبحاث الأمن القومى بتاريخ 4/8/2008 وهى التى قال فيها ما نصه: إن الولاياتالمتحدة وإسرائيل تقومان بتدعيم الركائز الأساسية التى يستند إليها نظام الرئيس مبارك فى مصر، ومن بين هذه الركائز نشر نظام للرقابة والرصد والإنذار قادر على تحليل الحيثيات التى يجرى جمعها وتقييمها ووضعها تحت تصرف القيادات فى واشنطن والقدس والقاهرة، من الركائز أيضا الاحتفاظ بقوة تدخل سريع من المارينز فى النقاط الحساسة بالعاصمة، ومرابطة قطع بحرية وطائرات أمريكية فى قواعد داخل مصر وبجوارها فى الغردقة والسويس ورأس بنياس. بمناسبة قدوم شهر رمضان هل يستطيع أحد أن يحل لنا هذه "الفرزوة"؟