وصفت 41 منظمة مصرية غير حكومية اليوم مشروع القانون الجديد للجمعيات الأهلية التي انتهت وزارة التضامن الاجتماعي من صياغته بأنه قانون فاشي ويعمل على عسكرة الجمعيات الأهلية. وعبرت المنظمات غير الحكومية الموقعة البيان عن انزعاجها الشديد إزاء معلومات وصلتها حول انتهاء وزارة التضامن من مشروع القانون، مؤكدة أنه وفق النسخة الأخيرة التي تم تسريبها، فإن المشروع أكثر قمعية وتقييدا من القانون القمعي الحالي، ومن المتوقع أنه سيتم تمريره بالأغلبية البرلمانية الحكومية خلال الشهر القادم. وأشار البيان إلى أن التعجيل بتمرير القانون يهدف إلى تقويض إمكانية مراقبة المجتمع المدنى للانتخابات البرلمانية والرئاسية القادمة، بعد أن أطاحت التعديلات الدستورية بالإشراف القضائى، ورفضت الحكومة الرقابة الدولية على الانتخابات، الأمر الذي يسهل مهمة إجراء انتخابات غير نظيفة دون أى رقيب نزيه. كما تستهدف بعض مواد القانون الجديد الحد من نشاط بعض منظمات حقوق الإنسان، وإغلاق بعضها الآخر. وكذلك تجريم كل أشكال التنظيم غير المسجلة. مؤكدا أن هذا التجريم ينطبق على عدد من أبرز جماعات الإصلاح السياسى كالجمعية الوطنية للتغيير، وكفاية وشباب 6أبريل،وغيرها ويعرض قادتها ونشطاءها لعقوبة السجن بنص القانون الجديد. يقدم المشروع صورة غير مسبوقة للغلو في التسلط على مؤسسات المجتمع المدني، تفوق ما عرفته مصر منذ يوليو 1952، من تسلط حكومي وتأميم النشاط السياسي والحزبي والنقابي و الأهلي، ويبدو واضحاً من التعديلات أن النية تتجه فعلياً لإحكام الخناق على الجمعيات والمؤسسات الأهلية بصورة مطلقة. كما أن القانون يمنح وزير التضامن الاجتماعي صلاحية تعيين ثلث أعضاء مجالس إدارات الاتحادت الإقليمية والاتحادات النوعية! علما بأن القانون السابق كان ينص على انتخابهم جميعا. ويقدم مشروع القانون الاتحاد العام والاتحادات الإقليمية كواجهة "أهلية" مزيفة ترتكب باسمها مختلف التدخلات التعسفية، والجرائم والآثام التي تمارسها جهة الإدارة الحكومية -ومن خلفها الأجهزة الأمنية- بحق النشاط الأهلي. فطالبي تأسيس الجمعيات بموجب هذا المشروع بات يتعين عليهم أن يتقدموا بأوراقهم إلى الاتحاد الإقليمي للبت فيها قبل أن يحيلها للجهة الإدارية التي يحق لها – بعد استطلاع رأي أجهزة الأمن – رفض تقييد الجمعية، في ظل تمسك المشروع بذات المحظورات التي يتضمنها القانون الحالي. كما يبقى القانون المقترح على هيمنة السلطة التنفيذية من خلال وزارة التضامن الاجتماعي على مقادير النشاط الأهلي ،التي ما تزال لها اليد العليا قانوناً في منع أو حجب الترخيص لأي جمعية، وكذا تقييد حق الجمعيات في الانخراط الطوعي في ائتلافات أو اتحادات أو شبكات، سواء على المستوى الوطني أو الإقليمي أو الدولي، وإطلاق يد جهة الإدارة في الاعتراض على القرارات أو الأنشطة التي تمارسها الجمعيات، وفي فرض عقوبات متنوعة تشمل تجميد أنشطة بعينها، أو عزل الهيئات المنتخبة. ويحظر المشروع على الجمعيات العمل في أكثر من ميدانين فقط، ليس من بينهما حقوق الإنسان! كما ينطوي القانون الجديد على نزعة تسلطية بوليسية، حيث أنه يسمح للحكومة بعقد جمعيات عمومية لأى جمعية رغم أنف أعضائها! ويشدد مشروع القانون الحظر على كل المنظمات غير الحكومية التي تتخذ في إنشائها أشكالاً قانونية أخرى غير الجمعيات، بما في ذلك الشركات المدنية، رغم أن القانون المدني المصري يسمح بها. حيث يسمح المشروع لوزير التضامن الاجتماعي بإيقاف أنشطة هذه المنظمات. وتؤكد المنظمات الموقعة أن العضوية الإجبارية في الاتحاد العام للجمعيات، والتدخل في تحديد صلاحيات ومهام هذه الاتحادات وفي تشكيل هيئاتها، يشكل انتهاكاً صارخاً للمعايير الدولية التي تكفل للمنظمات غير الحكومية الحق في الانضمام الطوعي أو إنشاء اتحادات أو شبكات أو ائتلافات تعبر عن مصالحها وأهدافها المشترك، علاوة على كونها تشكل انتهاكاً صارخاً أيضاً للضمانات الدستورية التي تقر بحرية إنشاء الاتحادات على أسس ديمقراطية.