د. إبراهيم قويدر الغذاء.. أبرز ركائز الحياة البشرية على كوكب الأرض بعد الهواء والماء... وقد تحول هذه الأيام إلى أزمة كبيرة بعد إن أصبح توفيره في العديد من دول العالم بل جلها أمرًا صعبًا للغاية لبعض الجماعات الإنسانية والأسر بل إن بعض الأفراد لا يجدون ما يقيم أودهم، مما أجبر «روبرت زوليك» رئيس البنك الدولي على إصدار نداء استغاثة محذرا من أن العالم يدخل منطقة خطر مخيفة ومهددة للسلم والأمن الاجتماعي العالمي، عارضا على الأغنياء مجموعة تدابير للحد من هذه المشكلة والمساهمة في التخفيف عن فقراء العالم معاناة الحصول على الغذاء.. ولقد سبق لرئيس البنك الدولي أن ناشد مجموعة الثمانية الكبار القيامَ بدورٍ في إنقاذ العالم من تلك الأزمة، ملوحًا بالكشف عن المزيد من الحقائق عن الجذور الفعلية لهذه الأزمة.. إن أزمة ارتفاع الأسعار التي تجتاح العالم اليوم- في تصوري- أزمة مفتعلة، وليست طبيعية، فلا يمكن أن تكون مثل «تسونامي» الصامت أو عاصفة عاتية، إن ما نشهده اليوم من ارتفاع في أسعار النفط وأسعار الغذاء بالفعل ليس أزمة طبيعية، بل إننا نشاهد ونعيش كارثة من صنع البشر، ولهذا يجب أن يصلحها البشر. ولقد أعدت ورقة قدمت للدول الثمانية الكبار- سبب الأزمة- تطلب هذه الورقة من تلك الدول العمل الجاد من أجل الحد من هذا الغلاء، والتكالب المتعمد للأسعار، وإيقاف هذه الحرب الطاحنة التي يضيع فيها فقراء العالم أفرادًا وجماعات ودول، وأيضًا طلب من هذه الدول أن تدفع عشرة مليارات من الدولارات لبرنامج الغذاء الدولي لمواجهة أزمة ارتفاع أسعار الغذاء على المدى القصير.. وإن ما يحدث اليوم- في تصوري- اختبار حقيقي للنظام العالمي فيما يتعلق بقدرته على مد يد العون للفئات الأكثر ضعفا وفقرًا.. ومحذرا في الوقت نفسه من أنه اختبار لا يتحمل النظام العالمي الفشل فيه، منوها إلى الدور والمساهمة الكبيرة التي يجب أن يقوم بها كبار المنتجين في البترول والغاز في العالم أيضًا. ولو تدبرنا أزمة الغذاء العالمية الآن نجد أن ارتفاع أسعار الوقود قاد بدوره إلى ارتفاع التكاليف الخاصة بالمنتجات الزراعية والصناعية وانخفاض في مخزون المواد الغذائية بالإضافة إلى التوسع في استغلال مساحات من الأراضي الزراعية في إنتاج محاصيل لتدخل في إنتاج الوقود الحيوي، لو تدبرنا كل ذلك لعلمنا أنها من صنع الإنسان.. وأن ارتفاع سعر الوقود صاحبه انخفاض مخطط في سعر الدولار لضرب ارتفاع «اليورو» لرواج المنتج الأمريكي الأرخص الآن في السوق.. إن الموقف يحتاج إلى وقفات محلية وإقليمية وعالمية جادة للتصدي لتلك المخططات التي تتلاعب بأقوات الفقراء، وأهمها على سبيل المثال وليس الحصر: أولا: شبكات الأمان، ونعني بها دعم شبكات الأمان الغذائية مثل دعم وبعث برنامج لتوزيع الغذاء في المدارس، وتوفير وجبات غذائية مخفضة للعمال والموظفين في أماكن العمل، وهى محاولات جادة أثبتت فاعليتها تاريخيًا عندما مر العالم بمثل هذه الأزمة في تاريخه المعاصر، وكانت مدارسنا تقدم وجبة غذائية للتلاميذ خاصة في المدارس الابتدائية. ثانيا: توفير الدعم الكامل لبرامج الغذاء على المستوى المحلي، والمساهمة في المعالجات الإقليمية والعالمية، وأيضًا المساهمة الحكومية في دعم البذور والأسمدة اللازمة للوفاء باحتياجات المزارعين في مواسم الزراعة، وإجراء البحوث والدراسات الزراعية ومضاعفة الإنفاق على هذه البحوث، وتوجيه المزيد من الاستثمارات في مجال الزراعة. ثالثا: الوصول إلى نظام تجاري عالمي فعال يتم من خلاله تجنب الأزمات في المستقبل، ومن هذا المنطلق يتحتم إعادة النظر في مباحثات منظمة التجارة العالمية «جولة الدوحة» المتعلقة بالدعم الزراعي وإلغاء التعريفة الجمركية في المواد الغذائية عالميا، وفتح أسواق توفر الغذاء. رابعًا: العمل الجماعي: وتتعلق تلك الخطوة بالعمل الجماعي الدولي لمواجهة الأخطار العالمية ...فتحديات الطاقة والغذاء والمياه يمكنها أن تكون محركات لاقتصاد العالم وأمنه. وتشمل تلك الخطوة: المشاركة في المعلومات المتعلقة بالمخزون الوطني من المواد الغذائية، والأسعار العالمية ومحدداتها، والسعي لعقد اتفاق بين المجموعات العالمية ومجموعة الثمانية لإقامة نظام تبادلي؛ وذلك لتوفير وتخزين المواد الغذائية لاستعمالها بفاعلية أكثر في الحالات الإنسانية، ويجب أن تسعى لهذا المشروع الدول النامية؛ لأنها الأكثر احتياجًا له. وهكذا يتم التفكير في العديد من السيناريوهات والحلول وإخراجها الأدراج ليكون لها تأثير مباشر في حل الأزمة.. فلم يبق للبشرية سوى انتظار تحويل خطوط الكلمات التي على الورق إلى خطوط فعلية للاهتمام بالدعم الغذائي وخفض الأسعار العالمية. WWW.DRIBRAHIMGUIDER.COM