أودعت محكمة جنايات القاهرة السبت مذكرة تفصيلية بأسباب الحكم بإعدام رجل الأعمال والبرلمانى المعروف هشام طلعت مصطفى، وضابط الشرطة السابق محسن السكري، بعد إدانتهما بقتل المغنية اللبنانية سوزان تميم، فى يوليو/ تموز من العام الماضي، فى مسكنها بإمارة دبي، قائلة أن المتهمين "تآمرا على قتل امرأة ضعيفة بكل خسة ونذالة." وأوضح مصدر قضائى لCNN العربية، طلب عدم ذكر اسمه، أن هيئة المحكمة تأخرت فى إيداع حيثيات الحكم إلى اليوم الأخير من المهلة القانونية، بهدف مراجعة وتدقيق الأسباب أكثر من مرة، والرد على كل أوجه الدفاع والشكوك التى أبداها فريق الدفاع عن المتهمين خلال المحاكمة، التى امتدت إلى 27 جلسة، على مدار خمسة شهور. واستبعد المصدر أن يكون هدف المحكمة من تأخير إيداع الحيثيات، "التضييق" على الدفاع، الذى أمامه 30 يوماً فقط لدراسة المذكرة، التى جاءت فى 203 صفحة، قائلاً إن الدفاع أمامه وقت كاف لتقديم الطعن فى الحكم بإعدام المتهمين إلى محكمة النقض، وأوضح أنه فى حالة عدم إيداع المحكمة أسبابها خلال المدة القانونية، فإن الحكم يُعتبر باطلاً. وقدمت هيئة المحكمة، برئاسة المستشار محمدى قنصوه، مذكرة أسباب الحكم بإعدام المتهمين فى القضية التى شغلت الرأى العام المصرى والعربى طويلاً، وهو اليوم الأخير من المهلة القانونية المحددة لها، وقبل مرور 30 يوماً على صدور الحكم، فى 25 يونيو/ حزيران الماضي. وجاء فى حيثيات الحكم أن المحكمة "لم تجد سبيلا للرأفة أو الرحمة، بل تعين القصاص منهما حقاً وعدلاً، والحكم عليهما بالإعدام، بإجماع آراء قضاتها"، كما أشارت إلى أن المتهمين سلكا فى سبيل تنفيذ جريمتهما كل الطرق غير المشروعة، بدءاً من محاولة استقدام المجنى عليها من الخارج، إلى محاولة اختطافها، إلى أن تمكنا فى النهاية من قتلها. وذكرت المحكمة أنها ردت على كل أوجه الدفاع التى أبداها المحامون، واستخلصت من أوراق الدعوى 16 دليلاً بنت عليه عقيدتها فى إدانتها لهشام مصطفى ومحسن السكري، كما أشارت إلى أنه "استقر فى يقينها بشأن الدعوى، وما تم فيها من تحقيقات، وما دار بشأنها من إجراءات، أن المتهمين ارتكبا ما أسند إليهما من اتهامات"، وفقاً لما نقلت وكالة أنباء الشرق الأوسط. وأوضحت أن وقائع الدعوى تتلخص فى قيام سوزان تميم بالارتباط بعادل معتوق (صاحب شركة أوسكار للمطاعم والفنادق) بعقد فنى لمدة 11 عاماً، ثم تزوجت منه، ولكن الخلافات أخذت طريقها إليهما، فطلبت على إثر ذلك الطلاق، إلا أنه رفض ذلك محاولاً ابتزازها. وغادرت تميم إلى مصر حيث تعرفت على هشام طلعت مصطفى والذى شغف بحبها، فقام بكفالتها وأسرتها اجتماعيا، حتى إنه خصص لها جناحاً بفندق "فور سيزونز" الذى يساهم فى ملكيته، وأغدق عليها من الأموال، وسعى للزواج منها، وساوم عادل معتوق على طلاقها مقابل 1.25 مليون دولار دفعها له. وأضافت المحكمة أن المطربة المجنى عليها ظلت فى كنف هشام طلعت مصطفى بالقاهرة، والذى كان يصطحبها معه فى سفرياته حول العالم بطائرته الخاصة، وأغدق عليها فى الإنفاق حتى أنها حولت بعضاً من أمواله إلى حساباتها البنكية الخاصة فى سويسرا، فى الوقت الذى كانت تماطله فى طلب الزواج، تارة بحجة مشاكلها العائلية مع عادل معتوق، وتارة أخرى برفض والدة هشام للزيجة. وأشارت المحكمة، فى حيثيات حكمها، إلى أن المدان الثانى هشام طلعت مصطفى بامتلاكه المال والشهرة، ظن أنه امتلك السلطة، فحاط بها و برجاله وحراسه يراقبونها عن كثب، فضاقت به ذرعاً وأرادت الفكاك من عقاله، وبالفعل نجحت فى الهروب من فندق فور سيزونز إلى فندق أخر، إلا أنه استطاع إحكام سيطرته عليها، وأمعن فى مراقبتها حتى أنه حدد إقامتها. وفى نوفمبر/ تشرين الثانى 2006، اصطحبها إلى لندن فى إحدى سفرياته، إلا أنها استطاعت أن تغافله وهربت من الحراسة إلى بيت خالها، حيث لم يستطع هشام معرفة مكانها أو الوصول إليها، فعاد إلى مصر بطائرته غاضباً ناقماً لشعوره بجرح فى كبريائه من هروبها، واستيلائها على أمواله. وتابعت المحكمة أنه راح يهددها بالعودة إليه وإلا أعادها عنوة، وحاول مراراً إقناعها بالعودة إلى مصر، إلا أنه لم يفلح فى ذلك، وفى تلك الأثناء تعرفت سوزان على رياض العزاوي، الملاكم البريطانى الجنسية من أصل عراقي، فاتخذته حارساً وحامياً لها من رجال هشام طلعت مصطفى وسطوته، وتقدمت بشكوى رسمية للسلطات البريطانية بتهديده لها بالخطف والقتل، إلا أن تلك الشكوى انتهت إلى الحفظ. ومضت المحكمة قائلة إنه لم يفلح هشام فى الوصول إليها، فاستأجر محسن السكري، الضابط السابق المتخصص فى مكافحة الإرهاب، والذى كان يعمل لديه مديراً لأمن فندق "فورسيزونز" بشرم الشيخ لملاحقتها وخطفها والعودة بها إلى مصر، وأمده فى سبيل ذلك بالأموال اللازمة، وساعده فى الحصول على تأشيرة دخول إلى العاصمة البريطانية لندن، حيث سافر السكرى 3 مرات. وبينما فشل فى المهمة الموكلة إليه فقد عاود هشام طلعت والسكرى التفكير فى الأمر، وقلباه على كل الوجوه حتى دلهما شيطانهما إلى قتلها بطريقة يبدو معها أنه حادث لا شبهة جنائية تقف خلفه، أو بإلقائها من شرفة مسكنها على غرار ما حدث للفنانة سعاد حسنى أو أشرف مروان، فيبدو وكأنه حادث انتحار. وأشارت المحكمة إلى أن هشام طلعت مصطفى رصد لذلك 2 مليون دولار، حصل منها السكرى على 150 ألف يورو مقدماً، كما أودع هشام فى إحدى حسابات السكرى البنكية مبلغ 20 ألف جنيه إسترليني، و فشل السكرى فى المهمة الموكلة إليه، حيث تمكنت سوزان تميم من مغادرة لندن إلى إمارة دبى مع العزاوي، وقيامها بشراء شقة هناك ببرج "الرمال رقم واحد" من الأموال التى استطاعت الحصول عليها من هشام. وبينما علم الأخير بذلك فاستشاط غضباً بتحديها نفوذه وسلطانه، واتفق مع محسن السكرى على خطة بتتبعها فى دبى والتخلص منها بقتلها، وتوصلا إلى خطة حاصلها قيام السكرى باصطناع رسالة شكر نسبها للشركة مالكة العقار الذى تقطن به سوزان، وأعد إطاراً خشبياً "برواز صور" كهدية لها، وطبع على ظرف الرسالة العلامة الخاصة بالشركة، واستطاع الدخول للبرج السكنى بمساعدة من هشام، الذى رصد له مبلغ 2 مليون دولار كمكافأة له بعد تنفيذه الجريمة. وذكرت المحكمة أنه نفاذاً لذلك الاتفاق، سافر السكرى إلى إمارة دبى حيث وصل صباح يوم 24 يوليو/ تموز 2008، وأقام بفندق هيلتون دبي، وتوجه صباح ذلك اليوم إلى برج الرمال، حيث تقطن سوزان تميم، لمعاينته ودراسة مخارجه ومداخله، وكل ما يتعلق بالبناية، وفى يوم 25 يوليو غادر فندق هيلتون متوجهاً إلى فندق الواحة، حيث أقام بالغرفة رقم 817، وأعد البرواز الهدية، وظل يتحين الفرصة لتنفيذ الجريمة المتفق عليها، وقد أعد لذلك الأداة التى اشتراها لغرض قتلها بها، وهى مطواة "تاك." وأشارت المحكمة إلى أن السكرى قام أيضاً بشراء بعض الملابس التى سيرتديها عند ارتكابه للجريمة، وتوجه يوم ارتكابها إلى برج الرمال، حيث بلغ مدخل جراج "مرآب" للسيارات، وقابل حارس الأمن بالجراج وأطلعه على ورقة جواب الشكر المصطنعة، وأوهمه بأنها رسالة للمطربة سوزان تميم، مع هدية من الشركة مالكة العقار. وأضافت المحكمة أن السكرى توجه بعد إقناع الحارس إلى غرفة المصاعد، حيث استقل المصعد وقرع جرس الباب، وأوهم المجنى عليها سوزان تميم بأنه مندوب الشركة المالكة للعقار، وعرض الهدية أمام العين السحرية، فاطمأنت إليه وفتحت له الباب، فسلمها الرسالة، ولحظة اطلاعها عليها باغتها بلكمة قوية سقطت معها أرضاً، واستل سكينه التى أعدها سلفاً، وقام بنحرها، فأحدث بها الجرح الذى أدى إلى تفجر الدم منها وتناثره بالمكان، فخلف بركة من الدماء أسفل جسدها، وحاولت مقاومته أثناء القتل وقالت المحكمة إنه ما إن تيقن السكرى من إزهاق روح المجنى عليها، تبين له تلوث يديه وملابسه الخارجية بدمها، فتوجه إلى المطبخ وغسل يديه وخلع ملابسه الملوثة بالدماء، وهى تى شيرت داكن مخطط بقلم رفيع، وبنطلون ماركة "نايكي"، واستبدل بهما تى شيرت أسود بنقوش وبنطلون رياضى قصير، مشيرة إلى أن السكرى كان يرتدى هذه الملابس أسفل ملابسه الخارجية ، لتغيير هيئته للهروب من مكان الجريمة حسب خطته المرسومة مسبقاً. ومضت المحكمة فى حيثياتها قائلة إن الحذاء الذى كان ينتعله السكرى ترك أثاراً مدممة على أرضية الشقة، فيما خرج هو مسرعاً من الشقة دون أن يتأكد من إحكام غلق باب الشقة، وهبط على درج السلم إلى الطابق 21 حيث أخفى ملابسه المدممة المذكورة، داخل صندوق أجهزة إطفاء الحريق بذات الطابق، ثم استعمل المصعد فى النزول إلى الدور فوق الأرضي، الذى كانت به المحال التجارية، ثم هبط إلى الشارع حيث تخلص من المطواة المستخدمة فى الجريمة بإلقائها فى مياه الخليج. وقالت المحكمة إن محسن السكرى عاد إلى فندق الواحة، حيث كانت الساعة 9.09 صباحاً، فقام بتغيير هيئته للمرة الثانية، وهبط إلى استقبال الفندق مغادراً فى تمام 9.32 صباحاً مستقلاً سيارة أجرة إلى مطار دبي، حيث حجز على الطائرة المتجهة إلى القاهرة يوم 28 يوليو/ تموز من العام الماضي، والمتجهة فى تمام السادسة والنصف إلى القاهرة، وما أن وصل إلى القاهرة حتى اتصل بهشام الذى كان يتابعه هاتفياً طوال مراحل تنفيذ الجريمة. وأشارت المحكمة أن السكرى أبلغ هشام بتمام التنفيذ، حيث تواعدا على الالتقاء فى أول أغسطس/ آب التالي، بفندق فورسيزونز، حيث سلمه مبلغ 2 مليون دولار كأجر قتلها.